سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد إلغاء الوقفة المطالبة بتعدد الزوجات: مختص في القانون الجزائي ل«الصباح».. تعدد الزوجات أحد مبادئ التشريع الإسلامي.. ولا يمكن تفعيله في تونس إلا ب 3 طرق
رغم الدعوات المتكررة على امتداد أكثر من أسبوع من أجل حضور ومساندة الوقفة الاحتجاجية التي دعت إلى تنظيمها بعض النساء التونسيات أمام البرلمان بباردو للمطالبة بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية من خلال الإقرار بتعدد الزوجات.. هذا المطلب الذي كان أثار جدلا واسعا في صفوف كل التونسيين بمختلف أجناسهم وفئاتهم اتضح أنه «زوبعة في فنجان» حيث تحولت «الصباح» صباح أمس على عين المكان لتغطية الوقفة المزمع تنفيذها إلا أنه تبين أنها ألغيت نظرا لأن المطلب وقع «تسييسه» بحسب ما ذكره لنا بعض النسوة اللواتي قدمن للمشاركة في هذه الوقفة وعددهن كان قليلا جدا. وبالحديث الى إحدى النساء اللواتي كن دعين لتنظيم التحرك المذكور والتي كانت ألغت مشاركتها قبل يوم واحد من تاريخ الوقفة الاحتجاجية فقد بيّنت في اتصال مع «الصباح» أن الوقفة النسائية التي دعون لها كانت عفوية وغير مؤطّرة من أي جهة سياسية أو جمعياتية وأن التنسيق بين المشاركات كان عبر شبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، وأضافت بأنها ألغت مشاركتها في الوقفة المذكورة لان الأمر وقع «تسييسه» حيث استغل أحد الأحزاب المسألة للركوب على الحدث، مقرة بأنهن ألغين مشاركتهن في الوقفة لأن هدفهن كان المطالبة بتعدد الزوجات لأنه شرع الله وليس لأجل مصلحة حزب معين. مختص في القانون يوضح.. وسعيا لمعرفة كيفية تفعيل هذا المطلب على أرض الواقع اتصلت «الصباح» بالأستاذ والباحث في القانون الجزائي عماد سعايدية الذي أفادنا أنه يتصور أن كل إنسان عاقل ومتحضر ومتمدن فانه مع هذا المطلب القاضي بإقرار تعدد الزوجات لأنه أحد المبادئ التي ثبت عليها التشريع الإسلامي تنصيصا وعملا أي عملا بما جاء به القرآن الكريم والسنة النبوية. وأضاف الأستاذ سعايدية أنه انطلاقا من المبادئ الشرعية وبناء على ما نص عليه دستور البلاد في أحد فصوله من حرية التعبير والتظاهر وخاصة حرية الضمير التي كفلها، إلا أنه في المقابل ومن الناحية المنطقية والواقعية والعصرية ورغم أن التشريع الإسلامي صالح لكل زمان ومكان لكنه يأخذ أيضا بالتطورات التي تحصل بكل المجتمعات وهو ما اعتبره سر قوة القرآن والتشريع الإسلامي، فانه وجب على من يطالب بإقرار تعدد الزوجات أن يكون مقتنعا به وواعيا بالمسالة التي سيطالب بها والتي سيدافع عنها وليس في إطار صبياني أو تأثر ببعض الأشخاص لأنه في صورة تعديل الفصل المتعلق بمنع تعدد الزوجات (أي الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية الذي نقح بالقانون عدد 70 لسنة 1958 المؤرخ في 4 جويلية 1958 وأضيفت إليه الفقرات 3 و4 و5 بالمرسوم عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 20 فيفري 1964 المصادق عليه بالقانون عدد 1 لسنة 1964 المؤرخ في 21 أفريل 1964.. ذكر في مجلة الأحوال الشخصية أن تعدد الزوجات ممنوع وكل من تزوج وهو في حالة الزوجية وقبل فك عصمة الزواج السابق يعاقب بالسجن لمدة عام وبخطية قدرها 240 ألف فرنك أو بإحدى العقوبتين ولو أن الزواج الجديد لم يبرم طبق أحكام القانون. ويعاقب بنفس العقوبات كل من كان متزوجا على خلاف الصيغ الواردة بالقانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في 4 محرم 1377 (أول أوت 1957) والمتعلق بتنظيم الحالة المدنية ويبرم عقد زواج ثان ويستمر على معاشرة زوجه الأول. ويعاقب بنفس العقوبات الزوج الذي يتعمد إبرام عقد زواج مع شخص مستهدف للعقوبات المقررة بالفقرتين السابقتين ولا ينطبق الفصل 53 من القانون الجنائي على الجرائم المقررة بهذا الفصل) فهناك تبعات على مختلف المجالات لهذا التعديل الذي سيكون ساري المفعول ذاكرا أنه من بين تلك التبعات..تبعات على الجانب المادي خاصة في الظروف الاقتصادية الراهنة والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها بلادنا، كذلك هناك تبعات أخرى تتعلق بالجانب الجسماني والنفسي والذي بإمكانه أن يكون مدعاة لتفاقم الأزمات أكثر بين الأزواج، حيث سترتفع أكثر قضايا الطلاق للضرر لأتفه الاسباب علما وأن الاحصائيات الاخيرة أوضحت أن قرابة 45 حالة طلاق يوميا تسجل ببلادنا وهذا العدد مرشح بقوة للارتفاع وان يكون هذا التعديل المتعلق بالتعدد مدعاة لارتفاع قضايا الطلاق على أساس معطى الضرر المعنوي خاصة وان هذه التجربة لم يقع تطبيقها في وقت سابق وتعد جديدة ريثما يقع قبول العمل بها تدريجيا في مجتمعنا التونسي فضلا عن أننا نعيش في ظل مجتمع تونسي يقر بحرية الضمير وبالتالي لن يقبل ذلك بسهولة. وشدد الأستاذ سعايدية على أنه في عصرنا الحالي فان مسألة العدل والمساواة بين الزوجات الأربع ستكون صعبا وربما مستحيلا مستندا الى ما جاء في القرآن الكريم «ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم». وأعرب محدثنا عن كونه ليس ضد هذا المطلب إلا أنه عمليا وفي ظل مجتمعنا الذي يقر وينص بأننا دولة مدنية فانه من المستحيل أن يقع قبول هذا المطلب لوجود إشكال على مستوى تطبيقه وتجسيده بالشكل الذي وردت عليه الأحكام الشرعية والسنّة النبوية الكريمة. كما بين الاستاذ سعايدية أن إقرار هذا التعدد سيكون مطية وعذرا لفئة من التونسيين الغير قادرين على توفير تكاليف الزواج الحقيقي والغير واعين أو عارفين بقيمة مؤسسة الزواج وبالتالي فإنهم سيجدون في هذا المطلب -ان وقع اقراره وقبوله- ربما مدعاة لممارسة المتعة في اطار شرعي ورسمي. التفعيل.. وحول مسألة تفعيل تعدد الزوجات على أرض الواقع فقد بيّن الأستاذ سعايدية أن من يطالب بهذا المطلب أولا وجب أن يكون قد طالب في وقت سابق به كي يتمكن خلال الوقفة من توفير فرصة للتفاوض مع ممثل مجلس النواب والسير جديا نحو جعل هذا المطلب يأخذ بعين الاعتبار. في نفس السياق أوضح بأن مسألة تفعيل تعدد الزوجات لها ثلاثة أوجه أولها يكون عن طريق الإلغاء الكلي لمنطوق الفصل 18 من مجلة الأحوال الشخصية الذي يمنع تعدد الزوجات ويسلط على مرتكبه عقابا جزائيا في المقابل يقع الإقرار والسماح بتعدد الزوجات. وثانيا عن طريق تعديل جزئي في أحكام الفصل المذكور من خلال إقرار تعدد الزوجات بصفة كلية. وثالثها تعديل أحكام الفصل المذكور في اتجاه السماح الجزئي بتعدد الزوجات عن طريق شروط معينة من بينها مثلا تعدد الزوجات بشرط ثبوت المقدرة المادية أو ثبوت الاستطاعة الجسمانية، أو بشرط ثبوت المعاملة المتكافئة بين كافة الزوجات ولو ان هذه المسألة تبدو صعبة نوعا ما نظرا لعدم وجود مفهوم موحد للمعيار المادي الذي يقع بمقتضاه الإقرار بالمعاملة الحسنة من عدمها.