العنوان مقتبس من تلك الصرخة التي أطلقها الصحفي الامريكي توماس فريدمان بعد هجمات 11 سبتمبر"لماذا يكرهوننا "وهو العنوان الذي ينطبق على المشهد الراهن في البلاد والذي يفترض من النخب السياسية الحاكمة أن تقدم التبريرات عن أسباب هذه النقمة على التونسيين الذين منحوهم الفرصة للوصول الى مقاليد السلطة.. نقول هذا الكلام ونحن نتابع تطورات المشهد العبثي والاعلان عن ولادة الحزب الجديد للائتلاف الوطني دون بطاقة ولادة شرعية ليسلب التونسيين شعارا مشتركا كان ومازال العنوان والمظلة التي تجمع التونسيين في وقفاتهم واحتجاجتهم وحتى في تدويناتهم وكتاباتهم التي يذيلونها بعبارة"تحيا تونس" التي كانت ومازالت ملكا مشاعا لا يمكن لاي حزب او حركة او جمعية أن تتفرد به.. ولاندري ان كان في هذه الخطوة محاولة لجر التونسيين جرا الى حزب يعتقد أنه سيكون بقيادة رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد.. والحقيقة أن خطوة الاعلان عن هذا الحزب الجديد الذي سيضاف الى أكثر من مائتي حزب في البلاد اقترنت بخطإ مزدوج في التوقيت الذي جاء فيما جزء من البلاد يعيش حالة طوارئ بسبب الثلوج التي تغطي منطقة الشمال الغربي للبلاد التونسية والتي سيكون من المهم أن تعيش في هذه المرحلة على وقع الاعلان عن انجازات ومشاريع لتهيئة البنية التحتية المهترئة واصلاح ما يستوجب الاصلاح في المؤسسات التربوية والصحية وغيرها أكثر من اعلان اسم الحزب الجديد القديم المرتقب منذ فترة, وأما عن اختيار مدينة المنستير لاطلاق هذا الحدث فلم يخرج بدوره عن مسار du déjà vu الذي سبق للتونسيين متابعته في 2012 عندما قرر الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي اعلان مشروعه السياسي لفرض التوازن المختل في بلاده أمام هيمنة حركة النهضة واطلاق نداء تونس الذي سيسجل له التاريخ أنه الحزب الذي نجح في الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014 قبل أن يتحول الى حزب في المعارضة ويتفتت الى اكثر من ثلاثة احزاب متناحرة نتيجة لتفوق الانانية المفرطة وهيمنة داء الزعامة على قياداته التي انتهى بها المطاف الى التشتت بعد ان انفرط عقدها وضاعت بوصلتها.. وربما اعتقد نشطاء الائتلاف الجديد أن مجرد العودة الى المنستيرمسقط رأس الزعيم بورقيبة لاعلان ولادة الحزب القديم الجديد سيمنحهم ورقة العبور والفوز بثقة الرأي العام, وربما فات هؤلاء أن جبة الزعيم بورقيبة باتت أكبر من أجسادهم وأنه سيتعين عليهم البحث عن طريق اخر لاقناع الرأي العام بصواب خياراتهم التي أثبتت فشلها وزيفها وهم من جعلوا من البورقيبية جسرا للعبور الى السلطة ورفع راية الدولة المدنية والاعتدال حتى اذا ما تمكنوا من تحقيق أهدافهم تخلوا عن كل الوعود التي أطلقوها... والحقيقة أنه سيتعين اليوم على كل الاحزاب بمختلف توجهاتها اذا ارادت البقاء والاستمرار أن تقدم للتونسيين أكثر مما قدمه بورقيبة طوال سنوات حكمه.. اول امس جاءت الرسالة الاولى للائتلاف الوطني الذي اختطف شعار التونسيين وجعله عنوانا لحزبه"تحيا تونس"على درجة من التناقض الغريب حيث تواترت التصريحات من قياداته "أنه غير معني بالتحالف مع حركة النهضة", وفي ذلك ما يختزل الكثير من حالة العبث صلب هذا الحزب الذي سبق لاحد اعضائه التبشير "بأنه ولد كبيرا "الى درجة الاستخفاف بعقول التونسيين والتعويل على ضعف ذاكرتهم لا سيما وأنه مدين باستمرار بقائه في السلطة لحركة النهضة.. وبطاقة ولادته تأتي ولازال هذا التحالف قائما.. اخيرا وليس اخرا وفي انتظار الاعلان عن زعامة رئيس الحكومة لهذا المولود الجديد فانه سيتعين عليه الانتباه لكل الالغام ويحرص على اقتلاعها من الطريق التي رافقت هذا الحزب الجديد قبل ان تنفجر في وجهه..