تعرض زعيم حزب سياسي تونسي لانتقادات واسعة من التيارات القومية واليسارية بعدما وصف الرئيس المصري الراحل، جمال عبد الناصر بأنه "مستبد ودموي". وفي خطاب ألقاه أمام مؤتمر لحزبه، قال محمد عبّو، الأمين العام ل"التيار الديمقراطي" (ديمقراطي اجتماعي)، إنه لا يرغب بالدفاع عن القادة الديكتاتوريين العرب مثل الحبيب بورقيبة وأنور السادات وجمال عبد الناصر الذي قال بأنه كان "مستبدا ودمويا"، معتبرا أن في تونس الآن "مجموعة من الجياع يحكومون بنهم كبير". وبعد وصفه لعبد الناصر ب"المستبد الدموي"، تعرض عبو لانتقادات كبيرة من التيارات القومية واليسارية، حيث اتهمه مبروك كورشيد (وزير سابق وأحد مؤسسي حركة الشعب الناصرية) بالتطاول على "المقامات"، ودوّن على صفحته في موقع فيسبوك "لم ير عبو وقتا مناسبا ليرد جميل القومين العروبين، وهم جلوس أمامه (في مؤتمر حزبه)، على طول تحالفهم معه ضمن الكتلة الدمقراطتية بالبرلمان إلا في كلمته بالمؤتمر الثاني لحزبه الذي أسسه وقرينته وجعلا رمزه "بسكليت"، (لا تتسع إلا له ولها )، بأن اثنى علي رموزهم الذين يضعون صورهم في مكاتبهم وبالساحات العامة ثناء خاصا، بأن وصف كل من الزعيمين جمال عبد الناصر ومعمر القذافي بالدموين القتلة. هذا الوصف المتدني لرجال الأمة يستحق الرد عليه. وهذه جرعة على الحساب الي أن تلقي العقاب". وأضاف، مخاطبا عبو "اعلم أيها الأرعن أن الأمة التي تحترم نفسها لا تعتدي علي رموزها وان اختلفوا معهم إلا اذا كانوا من فاقدي القيم ومنعدمي الثقافة. فعبد الناصر كان رمزا بشهادة العدو قبل الصديق. عبد الناصر الذي انتصر للفلاحين ومنحهم أراضيهم المفتكة منهم كان رمزا، والذي امم قناة السويس وبنى السد العالي وحارب اسرائيل، ومات وهو لا يملك شيئا، كان رمزا". واستنكر حزب البديل الديمقراطي في بلاغ نشره على صفحته في موقع فيسبوك انتقاد عبو ل"مسيرة جمال عبد الناصر الذي عمم التعليم العصري وبنى سد اسوان وامم قناة السويس وقضى على الاقطاعية والعبودية في مصر ودخل في حرب لتحرير فلسطين وقاوم الجهل وشجع الثقافة الوطنية ومات وهو لا يملك بيتا كبيتك ولا سيارة كسيارتك ولا حساب بنكي كحسابك. عندما تصل الى السلطة انجز واحد بالمئة مما انجزه عبد الناصر وسنصفق لك ونبني لك تمثال ضخما امام بيتك!". فيما اعتبر طارق الكحلاوي، القيادي السابق في حزب حراك تونس الإرادة (ديمقراطي اجتماعي) أن عبو ربما لم يكن موفقا في وصف عبد الناصر ب"الدموي"، لكنه قال إن الأخير كان مستبدا. وأضاف "دعنا اولا نتفق ان ناصر ليس ملكا للناصريين حصرا. وانه كذلك شخصية تاريخية عربية اكتسبت ألقها بالتحديد لأنها تجاوزت في زمنها النطاق الحزبي والنطاق المصري وكانت رمزا لمرحلة. وتجاوزت ايضا النطاق العربي الى الأممي بكونه مؤسسا لحركة عدم الانحياز الى جانب زعماء تاريخيين من وزن نهرو وشو ان لاي. لست متأكدا اننا يمكن ان نصفه بالدموية. ورغم مقتل عدد من معارضيه جراء تعذيب أجهزته الامنية، فانه لم يصل إلى ارتكاب مجازر ضد شعبه مثلما فعل حكام عرب لاحقون". وتابع الكحلاوي "نعم، واجه عبد الناصر مؤامرات حقيقية على استقرار نظامه التقت فيها قوى اقليمية مع اجنبية والأرشيف البريطاني او الأمريكي يزخر بعديد الوثائق التي نشرت تباعا حول ذلك. لكن سيكون من المسيء لناصر نفسه الادعاء بان حكمه لم يكن مستبدا، وسيكون من المسيء ايضا محاولة تبرير ذلك الاستبداد بالمعركة مع القوى الأجنبية وحجة "لا يعلو صوت فوق صوت المعركة". والمفارقة الكبيرة ان الان لدينا اثباتات واضحة ان من اهم ناقدي نظام الحكم الناصري هو ناصر نفسه! نعم ناصر هو اقوى وابلغ مصدر على ان نظام حكمه كان في مأزق بسبب الاستبداد وانه كان يحتاج لتغيير جذري!". فيما كتب عبد العزيز حاجي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي "توضيحا" حول ما قاله عبو، حيث دون على صفحته في موقع فيسبوك "لاصدقائي الذين يعنيهم الأمر وليس هواة المزايدات السياسية: الصديق محمد عبو في حفل افتتاح المؤتمر لم يتهجم على عبد الناصر في شخصه. بل في وصفه جل الانظمة العربية السابقة قال انه جلهم دكتاتوريات و ان جمال عبد الناصر الوحيد الذي لم يسرق ولم ينهب بلاده كما فعل غيره. في خطاب محمد عبو نقد لسياسة جمال عبد الناصر (النقد لسياسة لا تعني السب) وهو شخصيا اراه اعترافا بوطنية عبد الناصر. اخيرا اقول لعشاق المهاترات السياسية لا فائدة من ركوب الأحداث.