خلافا لكل التقديرات المتشائمة بمصير حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد والمقربين منه ، بزعامة سليم العزابي والمهدي بن غربية وكمال الحاج ساسي وفيصل الحفيان ..، كشفت القائمة الرسمية لأعضاء المجلس الوطني نجاحا كبيرا في استقطاب أبرز كوادر الدولة ونخبة من رجال المال و الأعمال والمجتمع المدني.. وبدا واضحا أن هذه القائمة انفتحت على اعضاء الحكومة والولاة والمديرين العامين في اغلب الوزارات وعلى شخصيات اعتبارية في الإدارة وفي قطاعات المال والأعمال والرياضة والسياسة .. وعلى غرار تجربتي " نداء تونس " و" إنقاذ تونس " في 2012-2014 انفتحت القيادة الموسعة للحزب على عشرات القياديين السابقين في عدة تيارات فكرية وسياسية وحزبية من التجمع الدستوري الديمقراطي إلى المعارضة قبل ثورة 2011 مثل الديمقراطي التقدمي والتكتل والتجديد ( المسار ) وحزب العمال الشيوعي والوطد والبعث والوحدويون العرب..وصولا إلى الأحزاب التي تأسست في الأعوام الثمانية الماضية مثل الجمهوري وآفاق وحركة الشعب والنداء والوطني الحر .. كما انفتحت القائمة على شخصيات تحملت مسؤوليات حكومية وديبلوماسية وادارية عليا ضمن الائتلاف الحكومي السابق في عهد الحبيب الصيد ثم في حكومتي الوحدة الوطنية بزعامة يوسف الشاهد .. وخلافا للتقديرات فقد استقطبت قائمة القيادة الموسعة للحزب الجديد الغالبية الساحقة من البرلمانيين والسياسيين الشبان الذين انشقوا عن حزب النداء خلال العامين الماضيين ، وبصفة أخص منذ انهيار مشروع حكومة " وثيقة قرطاج 2" ..وبينهم مصطفى بن أحمد والصحبي بن فرج ووليد جلاد وليلى الشتاوي وصبرين القنبطيني .. كل هذه المعطيات تؤهل مبدئيا يوسف الشاهد وأنصاره لخوض غمار الحملة الانتخابية الرئاسية والبرلمانية في وضعية مريحة نسبيا ، خاصة إذا تواصلت الصراعات والانقسامات داخل حزب الرئيس الباجي قائد السبسي وعجزت الأحزاب الوسطية ، مثل التكتل والجمهوري والتيار والحراك والمؤتمر ..، عن تشكيل جبهة انتخابية منافسة موحدة . لكن حسن سير أشغال المؤتمر التأسيسي لحزب " تحيا تونس " لا يقلل من هشاشة هذا المشروع الذي سيبقى لمدة طويلة رهين المشوار السياسي والانتخابي لشخص يوسف رئيس الحكومة يوسف الشاهد وتطورات علاقته ببقية الاطراف السياسية والاجتماعية خلال الاسابيع والأشهر القادمة ، بما في ذلك اتحاد الشغل والجبهة الشعبية والنهضة . ويتضح من خلال كلمة الشاهد في الجلسة الختامية لمؤتمر تحيا تونس وتصريحات قياديين في الجبهة الشعبية والنهضة واتحاد الشغل ، أن بعض الأطراف تدفع في اتجاه القطيعة والصدام بين حلفاء الشاهد الحاليين ومعارضيه . من جهة أخرى كشفت أزمتا أطفال مستشفى الرابطة والعاملات الريفيات في سيدي بوزيد وبعض الاضرابات والاعتصامات أن المركزية النقابية والأحزاب الكبرى والنقابات التابعة لاتحاد الشغل لم تعد تتحكم في كل منخرطيها وأنصارها وفي " الشعب الغاضب".. وفي " الأطراف" التي تحركه . وفي ظل الارتفاع الكبير للاسعار وتعقد الأوضاع في الشقيقتين ليبيا والجزائر وفي فرنسا ، توشك البلاد أن تخسر المزيد من مواردها المالية والسياحية وأن تشهد مزيد الاضطرابات، بما سوف يعمق الهوة أكثر بين تونس الرسمية والمهمشين .. ولا يخفى أن المستفيد الأول من مثل هذا المناخ العام هم" الراديكاليون " يمينا وشمالا ، بدءا من حزب السيدة عبير موسي والمعارضين الذين يقفون على يسارالسيدين حمه الهمامي وزياد الاخضر.. إلى جانب " السلفيين " و" الأصوليين " الذين يقفون على يمين قيادة حركة النهضة سياسيا ودينيا وعلى يمين زعمائها السياسيين.. إذن فإن انجاز مؤتمر حزب الشاهد قد يكون خطوة إلى الأمام ..لكن الأسابيع القادمة قد تكون حبلى بالمفاجآت..