كشفت ردود فعل وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية على مرض رئيس الجمهورية تعاطفا بلغ أوجه مع الباجي قائد السبسي الإنسان والسياسي ومع مؤسسات الدولة .. واقترنت مشاعر الحب والتعاطف مع " أب التونسيين " بتخوفات على مستقبل الاستقرار السياسي والأمني في البلاد بسبب تزامن نقل الرئيس مريضا إلى المستشفى العسكري ، للمرة الثانية في أسبوع واحد ، مع 3 عمليات إرهابية من جهة ومع موعد توقيعه على أمر دعوة الناخبين إلى الاقتراع العام يوم 6 أكتوبر من جهة ثانية. وكانت التخوفات جدية لأن تلك العمليات استهدفت صباح نفس اليوم محطة للإرسال الإذاعي والتلفزي في قفصة والشارع الرئيسي في العاصمة ومقر إدارة مكافحة الإرهاب في مركب وزارة الداخلية في القرجاني ... ورغم ما وجهته مواقع الفايس بوك ووسائل الإعلام التقليدية منذ أعوام من انتقادات إلى رئيس الدولة وبعض المقربين منه فقد كشفت غالبية التعليقات بعد نقله الى المستشفى والاعلان عن العمليات الارهابية روحا وطنية عالية ووعيا بكون "القارب كله يمكن أن يغرق" إذا لم يقف الجميع ضد الارهاب وخلف مؤسسات الدولة ورموزها بما فيها رئاسة الجمهورية . ++ لكن هذه الروح الوطنية العالية لم تبرز دوما في ردود فعل عدد من السياسيين على بعض "الإشاعات " وبينها ما يهم صحة رئيسي الدولة والبرلمان ودخول البلاد مرحلة " شغور شامل " في قصري قرطاج وباردو .. وقد تسابق كثيرون في الترويج إلى كون الحالة الصحية لرئيسي الدولة والبرلمان " خطيرة جدا " و تبرر الحديث عن " شغور" وعن تطبيق الفصلين 84 أو 83 من الدستور ..(؟؟) علما أن الفصل 84 ينص على احالة رئاسة الدولة لمدة 90يوما الى رئيس البرلمان بينما ينص الفصل 83 على احالتها لمدة 30 يوما الى رئيس الحكومة سدا للشغور المؤقت أو النهائي.. بل ذهب البعض الى درجة الترويج الى اعلان تاجيل الانتخابات بحجة " تعرض البلاد الى خطر داهم "؟؟ وإلى عقد جلسة عامة للبرلمان بهدف انتخاب رئيس جديد له ؟؟ ++ ولعل بعض السياسيين والاعلاميين تسرعوا في الترويج للاشاعات " الطبية" والامنية ، ومن بينها ما يهم حجم العمليات الارهابية وعددها يوم الخميس 27 جوان ، بسبب شح المعلومات الرسمية التي وصلتهم .. لكن لماذا توتر بعض السياسيين ومستشاروهم فجأة واصبحوا يتبادلون مباشرة أو عبر شبكاتهم الاعلامية الاتهامات بالتورط في محاولات " احداث فراغ سياسي في قرطاج " و" انقلاب أبيض فاشل"..؟؟ هل لم يتعلموا الدرس من الاتهامات المجانية المماثلة التي سبق أن وجهوها إلى عدد من السياسيين والعسكريين السامين خلال الاعوام الماضية ، وبينها اتهامات بالخيانة والمشاركة في محاولات انقلابية وهمية..الخ ؟ ++ اجمالا يلاحظ أن مستجدات ملفات الارهاب والوضع الصحي لرئيسي الجمهورية والبرلمان وحدت الشعب وزادت السياسيين و" النخب" انقساما وصراعات .. لماذا ؟ قد تكون الاجابة بسيطة وواضحة : أولويات الشعب وبعض النخب السياسية مختلفة : الشعب يفكر أولا في مصلحة البلاد وينتظر انتخابات شفافة ونزيهة تؤدي إلى تحسين واقعه ، وبعض النخب تبحث عن "الماء العكر" ( أي " "المدردر") ..لأنها متخوفة على امتيازاتها ومصالحها وليست واثقة في ما سوف تفرزه صناديق الاقتراع في انتخابات الخريف القادم ، إذا كتب لها أن تنظم في وقتها وفي ظروف عادية .. عسى أن تنتصر حكمة الشعب على انتهازية بعض السياسيين و" الانقلابيين "..