كشف الوزير الأسبق للتجارة والخبير الاقتصادي محسن حسن أمس في تصريح ل«الصباح»، ان الحكومة القادمة أمامها 6 تحديات لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وإنقاذ البلاد من أزمتها، في ظل المشهد السياسي الذي أفرزته الانتخابات الأخيرة، داعيا الى ضرورة ان تعمل كافة الأطراف على الوحدة الوطنية لدفع الاقتصاد وعدم استثناء أي طرف. وأشار محسن حسن الى أنه من المتوقع ان يشهد سعر صرف الدينار أمام الأورو ارتفاعا في الفترة القادمة ، معتبرا ان المناخ السياسي الذي تعيشه تونس سينعكس بظلاله على الاقتصاد الوطني ، ما ينجر عنه تواصل انهيار المقدرة الشرائية للتونسيين، وارتفاع الأسعار ونسبة التضخم وتراجع نسب النمو، مشددا على ضرورة ان تقدم كافة الأطراف المشاركة في مجلس نواب الشعب تنازلات حتى وان كانت موجعة وان تعمل الحكومة القادمة أساسا على تحقيق الانتقال الاقتصادي الذي ترنو اليه بلادنا . وأضاف الوزير السابق للتجارة ان بلادنا نجحت في الانتقال السياسي ، الا انها لم تنجح بعد في الانتقال الاقتصادي ، مشيرا الى أن المشهد السياسي الحالي يفرض قيام تحالفات بين كافة الأحزاب السياسية لوضع مخطط « ماريشال» اقتصادي، لإنقاذ البلاد من أزماتها الاقتصادية التي تعيشها منذ عقود. وبين محسن حسن ان المخطط الاقتصادي القادم يقوم على رفع 6 تحديات رئيسية ، على الحكومة ان تعمل على تنفيذها وتطبيقها على أرضية الواقع ، وأهمها تحقيق التوازنات المالية ورفع تحدي الإصلاح الجبائي العميق والتحكم في العجز التجاري ومقاومة التضخم ووضع خطط للحد من التجارة الموازية عبر استبدال العملة الوطنية . أما التحدي الثاني والذي اعتبره محسن حسن من الأولويات للحكومة القادمة ، دفع النمو والاستثمار ويقوم على مزيد الرفع من الاستثمارات العمومية لفك العزلة عن المناطق الداخلية، داعيا الى بلورة شراكة بين القطاعين العام والخاص لخلق التمويلات اللازمة ، اضافة الى شراكة دولية مع كل من الصين وكوريا الجنوبية ودول أخرى غنية قادرة على الاستثمار في بلادنا ضمن اتفاقية شراكة متينة وقوية، بالإضافة الى ادخال إصلاحات عاجلة على العديد من المؤسسات العمومية التي أصبحت تشكل معضلة حقيقية في الدورة الاقتصادية لبلادنا، الى جانب دفع الاستثمار الخاص والخارجي والذي يتطلب توفير مناخ الأعمال الذي يستجيب للمواصفات الدولية. وفي ما يخص التحدي الثالث، شدد محسن حسن على ضرورة إصلاح النظام البنكي الذي اعتبره لم يشارك بالشكل المطلوب في الدفع بعجلة الاستثمار، داعيا البنك المركزي الى وضع خططا للتشجيع على الاستثمار من خلال مواصلة إصلاح سوق الصرف والسوق المالية كالبورصة ، بالإضافة الى تحقيق مرونة على مستوى سوق الشغل من خلال دعم الشراكة مع المنظمات الوطنية. وأضاف وزير التجارة السابق، ان التحدي الرابع للحكومة القادمة يكمن في تطوير السياسات القطاعية ومنظومات الانتاج والتي شهدت تراجعا كبيرا خلال العقد الاخير حيث تراجع مؤشر الانتاج الصناعي في تونس الى مستويات خطيرة لفائدة الفلاحة ، داعيا الى ضرورة دعم الصناعات ذات القيمة المضافة العالية ، وادماج الفلاحة مع الصناعة من خلال توفير المساعدات المالية اللازمة والبحث عن حلول لحل معضلة التمويل في هذه القطاعات . كما دعا محسن حسن في ذات الإطار الى ضرورة إعادة تأهيل القطاع السياحي من خلال برنامج تأهيل ناجع يهدف الى اعادة تحسين تموقع تونس في العالم ووضع خطط إستراتيجية جديدة للنهوض بالسياحة ، الى جانب دعم الاقتصاد الرقمي والطاقات البديلة وإنقاذ منظومات الإنتاج التي انهارت في السنوات الأخيرة وانتهاج سياسة جديدة تحقق الامن الغذائي لبلادنا وترفع من صادراتنا وتحد من التوريد. أما التحدي الخامس، فاعتبر محسن حسن، انه يتعلق بحوكمة السياسات الاقتصادية ، مشيرا الى وجود ضعف مؤسساتي فادح يتطلب بعث المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي يقوم دوره على مناقشة السياسات الاقتصادية، الى جانب بعث وكالة للتصرف في الدين العمومي وهيكل آخر لتقييم السياسات العمومية. كما اعتبر محسن حسن ان التحدي السادس الذي ينتظر الحكومة القادمة إصلاح المنظومة الاجتماعية واتخاذ اجراءات تخلق فرص العمل وتحد من الفقر من خلال ايجاد آليات جديدة للنهوض الاجتماعي واستعادة الدولة لدورها في مكافحة الفقر وان لا تترك للأحزاب والافراد أن تحل محلها في هذا الجانب ، وان تعمل على اصلاح منظومة الصحة والتربية والتعليم ، الى جانب اصلاح نظام التقاعد والتأمين على المرض. وخلص وزير التجارة الاسبق محسن حسن ، الى أن هذه التحديات المذكورة تستدعي الوحدة الوطنية لتفعيلها على أرض الواقع ، داعيا الى ضرورة ان تعمل كافة الأحزاب في الفترة القادمة على تقريب وجهات النظر فيما بينها وتقديم التنازلات المطلوبة التي من شأنها ان تخرج بلادنا من دائرة الأزمات التي تعيشها منذ عقود. سفيان المهداوي