يوم 23 أكتوبر شرعية المجلس التأسيسي تكون منتهية..هذه حقيقة أخلاقية تؤكدها التوقيعات السابقة.. أما قانونيا فالاختلاف موجود حتى بين كبار المختصين، ناهيك عن مختلف الأطراف السياسية، ولكل مبرراته، فأنصار إستمرار الشرعية يتعللون بما جاء في القانون المنظم للسلط الذي لم يحدد موعدا نهائيا لشرعية المجلس:(يتم تنظيم السلطات العمومية..الى حين وضع دستور جديد ودخوله حيز التنفيذ ومباشرة المؤسسات المنبثقة عنه لمهامها). ولكن لا يخفى أن هذا البند الخطير وُضع دون استشارة الشعب الذي كانت جميع وسائل الاعلام قبل الانتخابات تؤكد له مرارا وتكرارا أن المدة محددة بسنة فقط !..ولذا، ونظرا لخطورة هذا التجاذب على السلم الاجتماعي فإن حل هذا الخلاف الخطير يستوجب الرجوع الى الأصل (أي الشعب ) وإجراء استفتاء.! وننبه أن الاستفتاء مهما كلف من وقت ومصاريف فهي لا تساوي شيئا أمام حجم الخسائر التي ستترتب على السخط المدمر بفقدان الثقة والأمان. ولكن من الضروري قبل إجراء الإستفتاء يجب تنبيه الشعب بأن قرار إلغاء الشرعية لن يُسقط البلاد في فوضى الفراغ، فالسلط الحالية (الرئاسات الثلاث) ستستمر كالمعتاد في عملها ولكن فقط تحت الشرعية الوفاقية التي تستوجب تشكيل هيئة مماثلة للهيئة العليا السابقة فتكون بمثابة برلمان توافقي مؤقت، ويستمر هذا الوضع لسنوات (تجنبا لخطورة الانتخابات في وضع الاحتقان الراهن، حتى يندمل التصدع الاجتماعي الناتج عن انتخابات أكتوبر..وأيضا حتى يتعافى الاقتصاد..) تشكيل الهيئة
توجد عدة تصورات لتشكيل الهيئة، فمثلا يمكن أن تتشكل من ممثلين لجميع الأحزاب التي في المجلس التأسيسي ومن عدد من المجتمع المدني ومن الخبراء، مثلا:(20+20+20=60) وتكون الهيئة صاحبة القرار في ما يخص جميع الشؤون السياسية، أما المجلس التأسيسي فيكتفي بصياغة الدستور.. نؤكد على أن هذا الوفاق لو تحقق فسيكون له إيجابيات حاسمة، ومنها: 1.ضمان ديمقراطية المسار. 2.تهدئة الصراعات الحزبية والتشنج الاجتماعي. 3.رفع تمثيلية السلط الى الحد الاقصى (دولة كل الناس!) ،وهو ما يعيد هيبة الدولة ومؤسساتها التي بدونها لا هيبة ولا حرية ولا كرامة لمواطن. 4.تشجيع الاستثمار من الداخل والخارج ،ويساهم أيضا في إنعاش السياحة. ختاما: في كل الحالات ،ومهما اختلفت التقييمات والتصورات والحلول وحتى وإن تم إنجاز الدستور في القريب العاجل! فإنه، وإعتبارا للاحتقان الإجتماعي والسياسي المستشري، من الحكمة تجنب الانتخابات ("هدنة" لا تقل عن سنتين!)، فرغم أخطائها وتعثرها وقلة خبرتها فمن الأفضل استمرار نفس الحكومة لسنوات تطول!. نكرر التأكيد على أن التسرع بإجراء الإنتخابات مجازفة انتحارية مدمرة، هي بمثابة حقنة سامة مكررة لجسد منهك منهار.