بعد صمت محمد المديوني مدير الدورة الأخيرة للأيام قرطاج السينمائية التي احتضنتها بلادنا من 16 إلى 24 من الشهر الماضي وما رافقها من استفهامات وانتقادات قرر هذا الأخير أن يخترق الحواجز ويقطع مع التقاليد المتعارف عليها في مثل هذه المناسبات والحالات إما بالسكوت أو التكتم وعدم مواجهة الواقع وتعرية الحقائق. ليتحدّث محمد المديوني ل"الصباح" بصراحة كاملة. وعلل عدم مواجهته ورده على الانتقادات الموجهة إليه في وقتها بأنه كان بموجب التحفظ واحترام ضيوف المهرجان وانكبابه على متابعة كل كبيرة وصغيرة رفقة الفريق الضيق الذي عمل معه في تنظيم هذا المهرجان الدولي من ناحية وبسبب ما لاحظه من استهداف لشخصه من خلال التهجم الشرس من قبل بعض الأطراف والجهات من ناحية ثانية. وبيّن أنه انتظر انقضاء الأيام حتى يتولى تقييم الدورة والتفرغ للرد على المواقف التي اعتبرها مغرضة ولا تخدم الثقافة والمهرجان. وعبر هذا الأخير عما وصفه باستيائه الشديد مما صرح به وزير الثقافة مهدي المبروك بعد الوجه المحتشم الذي لاحت عليه الدورة الأخيرة للمهرجان ليحمل وزير الثقافة المسؤولية في ذلك. وكان قد أعلن خلال الدورة المنقضية لايام قرطاج السينمائية أنه نظرا لتقصير الهيئة المديرة للمهرجان تم تدارك الوضع وسوء التنظيم بفضل لجنة الانقاذ التي دعا الوزير إلى تكوينها في اليوم الثاني للمهرجان والتي يرجع لها الفضل في إنقاذ مهزلة سوء تنظيم أيام قرطاج السينمائية وتدارك النقائص التنظيمية التي لاحت عليها في حفل الافتتاح. ويستغرب محدثنا فكرة الحديث عن امكانية انقاذ مهرجان في حجم أيام قرطاج السينمائية بتوجيه لوم أو باستدعاء المندوب الجهوي للثقافة. ونفى أي دور أو وجود للجنة إنقاذ المتحدث عنها خلال أيام المهرجان واعتبر أن من ينتسبون إليها هم في الأصل ضمن الهيئة المنظمة للمهرجان وهم يعدون من الكفاءات المختصة في المجال من وزارة الثقافة على غرار فتحي الخراط وسمير بالحاج يحيى. وخطة هذا الأخير مكلف باللوجيستيك والتنسيق مع الجهات المنظمة ممثلة في وزارة الداخلية تحديدا وأكد أن هذا الأخير كان من بين المشرفين على تنظيم حفل الافتتاح. وتساءل بقوله " لجنة انقاذ ماذا من ماذا أو مِن مَن؟ وهل يعقل أن نتحدث عن لجنة انقاذ للوزارة لمهرجان تنظمه نفس الجهة؟ من جهة أخرى بيّن محمد المديوني أن الدورة الأخيرة للمهرجان ورغم الظروف الصعبة التي حفت بالإعداد لها أو تنظيمها فإنها وفقت في عديد الجوانب المتمثلة بالأساس في تجاوز نقص الدعم المالي بتوفير ما قيمته أربعين ألف دينار قيمة الاشتراكات بعد بيع ألفي أكثر من اشتراك في ظل عزوف المؤسسات الاقتصادية الكبيرة في بلادنا وتوفير نفس القيمة المادية المتأتية من بيع التذاكر. إضافة إلى التوصل إلى انجاز ما يقارب 95% من الأقسام التي تضمنها برنامج المهرجان. فضلا عن المستوى والنوعية الجيدة للأفلام الأجنبية المشاركة. ظرفية خاصة وحرجة في المقابل لم يتنصل محمد المديوني من مسؤوليته كمدير للمهرجان في الهنات التنظيمية التي عرفتها الدورة الأخيرة بل عبر عن تحمله مسؤوليته الكاملة في ما حصل. وعلل ذلك بالظرفية الخاصة والحرجة التي تم التحضير فيها للمهرجان واعتبر ما قامت به الهيئة المديرة الضيقة مجهودات كانت جد جبارة. من جهة أخرى حمل مدير الدورة الأخيرة لأيام قرطاج السينمائية مسؤولية الفشل في الجانب التقني إلى وزارة الثقافة باعتبار انها الجهة المسؤولة الأولى عن تجهيز القاعات وصيانتها. وأكد في ذات الإطار أنه سبق أن التقى وزير الثقافة وبحث معه هذه المسألة وتلقى منه وعدا بمعالجة الأمر على الوجه الأكمل لكنه فوجئ أثناء المهرجان مثلما يؤكد بالتقصير الكبير في هذا الجانب إلا أنه تم تدارك ذلك في اليوم الثاني. النوري بوزيد والسؤال المطروح؟ أما فيما يتعلق بحادثة تأجيل عرض فيلم "ما نموتش"للنوري بوزيد فأشار محمد المديوني أن هذه الحادثة ليست بريئة إنما تحوم حولها عديد الاستفهامات على المخرج والمنتج أن يجيبا عنها؟ لأنه يرى أنه من موقعه كطرف رسمي يفضل التحفظ في مثل هذه المسائل. كما عبر عن شعوره بالحسرة والحزن حيال ما واجهه من عوامل اعتبرها قوى ردة تهدف لافشال المهرجان وضرب محمد المديوني في شخصه إذ يقول في ذات الإطار:" أنا اشتغلت في المهرجان في جميع مراحله بمسؤولية ومن موقعي كطرف مستقل من المجتمع المدني وقدمت ما يمكن تقديمه رغم قصر ذات اليد وتعاملت مع كل الظروف والمواقف تعاملا إيجابيا على حساب صحتي". ودعا إلى ضرورة العمل من أجل أن يكون المهرجان مستقلا على جميع الأصعدة لأنه يرى أنه الخيار الوحيد ليحافظ أيام قرطاج السينمائية على قيمتها كمكسب وطني ثقافي تنموي وعلى موقعها اقليميا وعالميا.