دون النقيب السابق للسلك الدبلوماسي فيصل النقازي مقال رأي حول الدبلوماسية التونسية في الذكرى ال 65 لإحداث وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. واعتبر ان الأزمات والتجاذبات التي تطال الجبهة الداخلية تظل الأكثر إرباكا للعمل الدبلوماسي كونها تؤثر مباشرة على مقوّماته ومرتكزاته ومنها بالخصوص استقلالية القرار الوطني والنأي عن سياسة المحاور ورصيد الثقة لدى المجموعة الدولية وصورة البلد في الخارج. وفي التالي فحوى التدوينة: وتونس تحتفل اليوم 03 ماي 2021 بالذكرى ال 65 لإحداث وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج الذي يوافق أيضا الاحتفاء السنوي باليوم الوطني للدبلوماسية التونسية، حري بنا التذكير بأن الدبلوماسية كما السياسة هي فنّ المُمكن دوليا من أجل تغيير الواقع نحو الأفضل محليّا. فلقد لعبت الدبلوماسية، باعتبارها أداة لتنفيذ السياسة الخارجية، على مرّ التاريخ القديم والمعاصر دورا محوريا في تخطّي عديد الدول والشعوب لمختلف الصّعاب والأزمات التي عصفت بها من خلال تعبئة كل الموارد والإمكانيات المتاحة وتهيئة الأرضية الملائمة للاستفادة المثلى من مجالات التعاون الدولي ومن التجارب الناجحة للأمم والأمصار القريبة والبعيدة التي بلغت أعلى مستويات التقدم والازدهار. ولا تتوقف الدبلوماسية على اقتناص الفرص وإيجاد الحلول المُمكنة دوليا وتوظيفها لأجل حلحلة المشاكل والأزمات الداخلية واستدامة الرّفاه وديمومة الاستقرار المُجتمعي، بل أيضا تظل مشدودة إلى الشأن الوطني وتتأثر أيما تأثير بإرهاصاته وتقلّباته أثناء تحركاتها على الصعيد الخارجي في علاقة جدلية بين الداخل والخارج تمثل إحدى خاصيات وميزات العمل الدبلوماسي. لكن هذا الترابط الوثيق بين المحلي والدولي من شأنه أن يجعل الدبلوماسية التونسية، كمثيلاتها، شديدة الحساسية وفي بعض الأحيان "رهينة " المستجدات والمتغيرات السياسية التي تحيط بها، في تونس وفي خارجها، بما يدفعها للتعاطي مع هذه المعادلة المعقّدة بكل دقة وحنكة، في نطاق الأُطر المُتاحة، لتحقيق التوازن المطلوب لأي تحرك دبلوماسي. ومن شأن اختلال التوازن في احد الفضاءات الدبلوماسية الداخلية أو الخارجية جرّاء أزمة مستفحلة أو خلاف مُحتدم أن ينذر بوجود مطبّات وعراقيل تعترض السياسة الخارجية التي تجد نفسها في حالة استنفار قصوى لإعادة الأمور إلى مجراها الطبيعي وهذا هو جوهر الدبلوماسية. لكن تظل الأزمات والتجاذبات التي تطال الجبهة الداخلية الأكثر إرباكا للعمل الدبلوماسي كونها تؤثر مباشرة على مقوّماته ومرتكزاته ومنها بالخصوص استقلالية القرار الوطني والنأي عن سياسة المحاور ورصيد الثقة لدى المجموعة الدولية وصورة البلد في الخارج…ويكمن دور وواجب سلطة الإشراف والدبلوماسيين على حدّ السواء، في حال تصدّع أو اهتزاز الجبهة الداخلية، في لفت نظر وتنبيه السلطات المختصة ومختلف الفاعلين إلى ضرورة الإسراع في استعادة التوازن السياسي الداخلي المطلوب واللازم للسير الطبيعي لمؤسسات الدولة وهي عملية تستوجب المصارحة والمكاشفة وقدرا كبيرا من المسؤولية من جميع الأطراف ووعيا بمدى الضرر الذي يمكن أن يلحق بالدبلوماسية. فهل من مستجيب لنداءاتنا؟..