بعد " البطرك مسعود" قصة شهادة البطريرك جبرائيل من حجولا على أيدي المماليك سنة 1367، و الذي حاز على البركة الرسولية من قداسة البابا فرانسيس، يطل سليم بدوي على لبنان بكتابه الجديد «حي الصنوبرة »، حكايات حي وأهله تختصر قصة وطن غيرت وجهه الحرب. في هذا الكتاب، الذي يلتقي فيه السرد الروائي بتأريخ واقع ليس ببعيد، يعود بنا المؤلف إلى سنوات ما بات يعرف ب «الزمن الجميل « في لبنان، إلى السنوات التي سبقت الإنهيار الشامل، إلى ماقبل الثالث عشر من نيسان 1975. وعبر حكايات شخصيات من «حي الصنوبرة » الحي الذي انطلقت منه شرارة الحرب، يذكر، سليم البدوي، بأسلوب صريح وجريء، بمرحلة الطيش و التحلل، على حلاوتها ورونقها، التي أدت إلى الحرب الأهلية بتشابكاتها الفلسطينية و السورية والإسرائيلية، الإقيليمية والدولية. صور المجتمع اللبناني ماقبل الحرب. الحي أشبه بضيعة من ضيع لبنان. هناء عيش وتعايش، قبل التنابذ والتهجير، قبل خطوط التماس والقتل على الهوية. حي يتفاعل ثقافيا مع مدرسته المفتوحة أمام أبناء مختلف المناطق، مع مسارح الأخوين رحباني و شوشو، مع صالات السينما وكازينو لبنان، يحن إلى «ترامواي» بيروت ويستذكر سباق الخيل. حي يعيش مأساة الوطن منذ اللحظة الأولى عند محلة «المراية» ويشهد على تساقط أولاده شهداء كأوراق الربيع في خريف بلاد الأرز. وبعد إندلاع الحرب، يدخل بنا المؤلف عبر حكايات "أبطاله الصغار"قي نفق العذابات اللبنانبة مشرحا المعاناة دون حرج، قنص وخطف ومجازر متنقلة ومتبادلة. يطرح الاسئلة والتساؤلات المطمورة والتي لا نجرؤ على طرحها من جديد خوفا من "وفاق التكاذب". وفي نهاية لا منتهية، يقف بنا سليم بدوي عند صرخة اللوعة عن الوطن واولاده الذين مازالوا احياء والذين ماتوا من اجل حلم عاشوه مع واحد منهم ، كان اسمه بشير الجميل حلم "الدولة" الدولة ليستفيق الجميع على قرقعة اجراس الدولة "المزرعة" وكابوس امهات الشهداء اللواتي تعبن من الانتظار ... حتى ينبعث اولادهن "احياء بالقضية والمستقبل"