أثارت الندوة الصحفية المنتظمة مؤخرا بباردة من نواب المعارضة تحت قبة البرلمان حول ما وصفوه بشبهات الفساد والابتزاز التي تحوم حول أعضاء اللجنة التي أنشأها رئيس الحكومة يوسف الشاهد لمقاومة الفساد ضجة كبيرة في الاوساط الاعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي خاصة ما تعلق بالديوانة. ولئن كذب الناطق الرسمي باسم الديوانية ما جاء على لسان النائبة سامية عبو فانه حري بوزارة المالية ان تجيب الرأي العام عن مآل تقرير هيئة الرقابة العامة للمالية المنجز بمناسبة المأمورية عدد 2 الصادرة عن وزير المالية بتاريخ 8 فيفري 2011 وهو التقرير الذي استند اليه النواب في ندوتهم الصحفية، وكان على الوزارة ان توضح في الابان هل ما قاله النواب في ندوتهم صحيح وهل تم فعلا قبر هذا التقرير؟ ولماذا تم قبره والأهم من ذلك من الذي قبره؟ واذا لم يقع قبره هل ان الاسماء الواردة فيه من المشتبه في ضلوعهم في الفساد احيلوا على القضاء وهل برأهم القضاء وعلى هذا الاساس لا يحق لأحد التجريح فيهم وفي ترقياتهم وتكليفهم بأدوار متقدمة في حملة مقاومة الفساد ام انهم افلتوا من العقاب؟ فبهذه الكيفية تتضح الصورة لان تقديم مثل هذه المعطيات للرأي العام الذي يتابع بكل شغف أطوار ما وصفته الحكومة بحربها على الفساد مهم للغاية، ويرفع اللبس واي غياب للمعلومة يثير الشكوك ويبعث على الريبة. وجاء في هذا التقرير الذي وزعه النواب خلال الندوة الصحفية اسماء عديدة بالبنط العريض لكن النائبة سامية عبو والنائب مراد الحمايدي ركزا في مداخلتهما بالخوص على اسماء جمال الشخاري ووحيد السعيدي وماهر القامسي ومنجي حسني وبينا ان هؤلاء تورطوا سابقا في الفساد لكن الان يتم الاعتماد عليهم في حملة الحرب على الفساد. وتعميما للفائدة وعملا على ارساء حق النفاذ الى المعلومة يمكن الاشارة الى ان الوثيقة التي وزعها النواب خلال الندوة الصحفية بينت انه عملا بإذن بمأمورية عدد 2 الصادر عن وزير المالية بتاريخ 8 فيفري 2011 تولى فريق من هيئة الرقابة العامة للمالية يتكون من المراقبين هشام بن حميدة مراقب عام للمالية، وحسين الادارسة مراقب مالية من الدرجة الاولى، وشادية نصر مراقب مالية من الدرجة الثانية، ولطفي التليسي مراقب مالية من الدرجة الثانية، وعاطف بوغطاس مراقب مالية من الدرجة الثالثة، ووفاء خليفة مراقب مالية من الدرجة الثالثة، تولوا تفقد التصرف في الادارة العامة للديوانية وتولى محمد صالح الشابي الاحسن الرئيس السابق لهيئة الرقابة العامة للمالية متابعة انجاز هذه المهمة. وتولى فريق الرقابة بالاعتماد على المعطيات التي وفرتها الادارة العامة للديوانة اجراء التحريات اللازمة قصد الوقوف على شرعية العمليات الديوانية المنجزة خاصة من قبل الشركات التابعة لعائلة الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وتم التركيز في هذه المهمة على التصرف في الموارد البشرية ومتابعة املاك بعض الاعوان اضافة الى تدقيق التصرف في النزاعات والصفقات والاستشارات. واشار ذات التقرير الى ان عديد المحاور لم يقع تدقيقها نظرا لكثرة الملفات التي تعهدت بها هيئة الرقابة العامة للمالية وابرزت اعمال التفقد عديد الإخلالات والتجاوزات. وبينت نفس الوثيقة ان وحيد السعيدي العقيد بالديوانية تدرج الى هذه الرتبة بطرق غير قانونية وورد بالعرائض تحصله على رشاوى مقابل تسهيل عمليات تهريب متعلقة بأصهار الرئيس السابق وان اسمه ارتبط باسم ياسين الشنوفي للقيام بتجاوزات ديوانية لفائدة العائلة الحاكمة حيث قاما بمساعدة معز الطرابلسي على تهريب حوالي 459 حاوية سنة 2010 تابعة لتجار الاثاث والديكور ويقدر المبلغ المقبوض عن كل حاوية 40 الف دينار وورد بنفس العرائض تواطؤه مع المنصف الطرابلسي ومعز الطرابلسي في استغلال مستودع صناعي بسليانة يعمل تحت نظام القبول المؤقت لتهريب الاطارات المطاطية والفواكه الجافة وقطع الغيار والخردة وبينت التحريات التي قام بها فريق الرقابة ان وحيد السعيدي اثناء مباشرته لمهامه كرئيس لمكتب الديوانة للعمليات التجارية بميناء رادس قام خلال شهر فيفري 2009 بإلغاء نظام الايكور الذي عملت به خلية الرفع والوسق لمعرفة العدد الحقيقي للمحتويات التي وقع انزالها بالميناء كما تم الغاء عملية وزن لحاويات عند التوريد وكذلك تجميد عمل خلية الاستهداف وجاءت هذه القرارات نتيجة الضغط الذي سلطه بعض افراد عائلة الرئيس السابق الذي اذن بنقلة رئيس المكتب سمير براشد وتم تعويضه بوحيد السعيدي. وتولى السعيدي في شهر اوت 2010 خلال اشرافه على مكتب الديوانية برادس السماح لشركة بتسريح خمسة وعشرين حاوية من الموز وقع توريدها باسم المستودع الحر شيماء وتحمل الحاويات المعنية نفس ارقام الحاويات موضوع التصاريح المسجلة باسم شركة شيماء الا ان الوزن المصرح به يقل بمائة وخمسة وثلاثين الفا وثلاثمائة وستة وخمسين كلغ. وبين التقرير ان العرائض تشير الى ان جمال الشخاري تحصل على رشاوى مقابل عمليات تهريب متعلقة بأصهار الرئيس السابق من بينها حصوله على 300 الف دينار من دريد بوعيونية ورفيق منصور مقابل التغاضي عن توريدهما الشماريخ والفوشيك كما سهل لمعز الطرابلسي فتح مغازتين بمنوبة لتهريب الاثاث والفواكه الجافة وتحصل على عمولة قدرها 400 الف دينار مقابل التغاضي عن مواصلة الابحاث في قضية المعسل لسنة الفين وستة المسجلة بإدارة الابحاث الديوانية ضد دريد بوعوينة. ومكنت تحريات فريق الرقابة من ان تبين أن جمال الشخاري اشترى سنة 1998 ارضا بقيمة 18 الف دينار وفي سنة 2007 باع العقار بقيمة 200 الف دينار لوالدة رفيق منصور المعروف بالمتاجرة في البضائع الموجهة للسوق الموازية بالجم. وبينت التحريات اهمية العمليات العقارية المنجزة من قبل رفيق منصور منها اقتناء منزل بسوسة سنة 2009 بملغ قدره 770 الف دينار. كما تولى جمال الشخاري بصفته رئيس المكتب الديواني بمنوبة منح ترخيص مستودع حر لشركتين لمعز الطرابلسي استغلتا هذا النظام للقيام بعمليات توريد ظلت دون تسوية. تلاعب بالملفات تضمن التقرير معطيات عن كيفية تعاطي ادارة الابحاث الديوانية مع بعض المخالفات.. ففي علاقة بملف المدعو شكري الرقيق الوكيل القانوني لشركة طبية تتمثل المخالفة في التوريد دون اعلام لبضاعة محجرة الناتج على التصريح المغلوط في القيمة وعدم التصريح بتخفيضات استثنائية والداخل في الديون بين مقيم وغير مقيم وبلغ المحجوز الصوري الخاص بهذه القضية 9 مليارات و148 الف دينار وقدرت المعاليم المنقوصة ب 498 مليون و401 دينار ومبالغ من العملة تقدر ب 134 مليون و65 دينارا. وتتعلق أهم الاخلالات في معالجة هذا الملف بتخفيض هام في مبلغ الأداءات والخطية من 636 مليونا و500 دينار الى 13 مليون و500 دينار وذلك بناء على رأي لجنة الصلح المنعقدة بتاريخ 10 ماي 2010 وتم الاقرار بانتفاء المخالفة لهذا الملف خلال محضر جلسة بتاريخ 24 مارس 2010 بناء على تقرير اعده النقيب ماهر القاسمي وحسام النفزي وبالتالي بلغ الفرق بين مبلغ الاداءات والخطايا الاصلية ومبلغ الخطية موضوع قرار الصلح بتاريخ 19 ماي 2010 اكثر من 622 مليونا و700 دينار. واضافة الى ذلك لم يقع تبع الاطراف الرئيسية في بعض القضايا على غرار قضايا تتعلق بدريد بن علي ومن معه بسبب مسك بضاعة محجرة متأتية من ترويج دون اعلام وبفعل تصريح مغلوط ووثائق مفتعلة وبلغت القيمة الجملية للمحجوز 6 مليارات و869 مليونا و613 الف دينار وتتمثل الاخلالات في عدم استنطاق دريد بن علي وعدم ذكر اسمه في الطلبات المقدمة الى وكيل الجمهورية وتولى البحث في هذه القضية النقباء ماهر القاسمي وهيكل شمام وغفران ساسي والرائد عبد الحميد الطويهري والملازمون محمد فريخة وطارق عرف وعزيز الشريف ومحمد البواب ولطفي الشابي. وفي ملف اخر يعود الى سنة 2008 ويهم الصيني يانغ جينشنغ، كشف التقرير انه تم مسك بضاعة خاضعة لقاعدة اثبات المصدر بدون صك صحيح وهي تتمثل في كمية من الملابس الجاهزة الاجنبية الصنع بمقيمة قدرها 586 مليون و140 دينارا وتم ارجاع الملف الخاص بهذه القضية من قبل ادارة النزاعات والتتبعات الى المدير الجهوي للديوانة بتونس الشمالية بتاريخ 28 جانفي 2010 لمزيد تعميق البحث والتحري نظرا لما تضمنه من نقائص شكلية وموضوعية من قبل عدم التثبت من طرق الباحث في الفارق بين البضاعة المحجوزة فعليا والبضاعة المتفصية من الحجز وعدم التثبت من وجود مخالفة صرفية وعدم تتبع الاطراف الرئيسية الاخرى في القضية. وتولى البحث في هذه القضية كل من المقدم فؤاد بقني والرائد صلاح الدين شلبي والنقباء حسام مرزوق وماهر القاسمي والاعوان منجي حسني وزهير بن علية والطاهر المزغني وهيكل مصباحي وشادي بوعلاق واحمد مالوس وعمر العمدوني واحمد بلال العذاري وهشام الغزواني وانيس بن بركة ونضال الربيعي وايمن بلخيرية وعاطف الخزامي. ويذكر ان النائبة سامية عبو كانت قد أكدت خلال الندوة الصحفية ان هذا التقرير يعتبر دفعة أولى من المؤيدات التي في حوزتهم. سعيدة بوهلال