* كاتب عام وزارة الشؤون الخارجية ل "الصباح": تحرك النقابة مبني على إشاعات.. والحركة الديبلوماسية ستصدر قريبا تحولت الحركة السنوية لرؤساء البعثات الديبلوماسية المنتظر الإعلان عنها قريبا إلى موضوع للجدل بعد أن تصاعدت الأصوات من داخل وزارة الشؤون الخارجية المنددة بإقحام المرفق الديبلوماسي في المزايدات والتجاذبات السياسية. وكانت البداية بتنديد نقابة السلك الديبلوماسي بإدراج تعيينات سياسية وحزبية ضمن قائمة الحركة السنوية لرؤساء البعثات الديبلوماسية والقنصلية. وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها حركة تغيير السلك الديبلوماسي جدلا أو ضجة إعلامية. فمنذ جوان الفارط أعربت نقابة السلك الديبلوماسي عن استيائها من تواصل سياسات الإلغاء الممنهج لعديد الخطط الديبلوماسية، والذي بلغ خلال السنة الحالية عدم تعويض 25 بالمائة من مجموع الخطط الشاغرة بالبعثات الديبلوماسية والقنصلية. كما نبّهت النقابة في وقت سابق إلى أن هذه "التوجّهات الخاطئة والقرارات الاعتباطية لا تتماشى مع حجم الرهانات التي تواجهها البلاد على الصعيد الدولي، ومن شأنها أن تحُول دون حسن سير المرفق الديبلوماسي، وتؤثر سلبا على أداء المراكز الديبلوماسية وعلى نوعية الخدمات المسداة للجالية، خاصة وأن التمثيل الديبلوماسي التونسي يعدّ الأقل مقارنة ببقية الدول." منطق الترضيات سيضر بالسلك وفي هذا الخصوص أكد الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي ان منطق الترضيات والمحسوبية سيضر بالسلك الديبلوماسي وبمصلحة تونس، مشددا على أن أبناء وزارة الخارجية هم الأجدر لتولي مهام ديبلوماسية لأنهم الأكثر تمكنا بأصول المهنة باعتبار تكوينهم صلب المعهد الديبلوماسي للتكوين والدراسات، الذي يشرف على تأهيل كتبة الشؤون الخارجية المنتدبين عن طريق مناظرة خارجية تفتح سنويا من قبل وزارة الشؤون الخارجية، حيث يتلقى المتربصون تكوينا نظريا وتطبيقيا في الجوانب المهنية والقضايا التي ترتبط بمصالح تونس الاقتصادية وسياستها الخارجية، ويمتد التكوين الأساسي على مدى سنتين. ومن وجهة نظر الديبلوماسي العبيدي، فإن العمل الديبلوماسي هو مهنة يجب ربطها بمصالح تونس وليس بمصلحة الأفراد، مضيفا أن من حق رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية تعيين أسماء يريان انها قادرة على القيام بمهمات معينة سواء كانت اقتصادية أو في مجال تطوير العلاقات الدولية. علما أن الدستور الجديد قد حدد في باب "السلطة التنفيذية" والقسم الأول منه المتعلق ب"رئيس الجمهورية" الصلاحيات التي يختص بها ومن بينها التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا برئاسة الجمهورية والمؤسسات التابعة لها وكذلك التعيينات والإعفاءات في الوظائف العليا العسكرية والديبلوماسية والمتعلقة بالأمن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة. الدستور يمنح حق التعيين للرئيس كاتب عام وزارة الشؤون الخارجية، شفيق حجي أكد ل"الصباح" أن الحركة الاحتجاجية التي قامت بها نقابة السلك الديبلوماسي مبنية على مجرد تخمينات وإشاعات لأنه الى حد الآن لم تصدر الحركة السنوية للبعثات الديبلوماسية، مضيفا أن الاتصالات متواصلة بين القائم بأعمال رئيس الدولة محمد الناصر ووزير الشؤون الخارجية خميس الجيهناوي حول الحركة المنتظر الإعلان عنها قريبا بعد الانتهاء من دراسة الملفات. وأفاد كاتب عام الوزارة بأن حركة السفراء، على غرار بلدان العالم، ليست محددة بوقت معين ومن الممكن أن تمتد على كامل السنة، وأنه رغم أولوية أبناء الوزارة في تقلد وظائف في السلك الديبلوماسي، إلا أن الحق الدستوري يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات التعيين في الوظائف العليا والمدنية والسامية والوظائف الديبلوماسية لمن يراه مناسبا لتقلد هذه الوظائف حسب نوعية المراكز، كما لم يحدد النسبة وفقا للنظام الاساسي لسنة 1991. وفي سياق حديثه، أفاد حجي بأن تخوف نقابة السلك الديبلوماسي مشروع وجاء على خلفية تأخير حركة السفراء بعد وفاة رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، مشددا على أن الوزارة حريصة على المرفق الديبلوماسي. وأضاف كاتب عام وزارة الشؤون الخارجية ل"الصباح": "على 92 مركزا موزعة بين سفارات وقنصليات عامة وقنصليات، هناك 5 تسميات فقط، أي أقل من 7 بالمائة، من خارج السلك". احتجاج السلك الديبلوماسي وقد نفذ عدد من الديبلوماسيين أمس وقفة احتجاجية بمقر وزارة الشؤون الخارجية كما حمل الديبلوماسيون بالداخل والخارج في كافة البعثات الديبلوماسية والقنصلية الشارة الحمراء، استجابة لقرار نقابة السلك الديبلوماسي. وحذر الناطق باسم النقابة فيصل النقاز في تصريح ل(وات) من "تصاعد وتيرة التعيينات الحزبية والسياسية بالسلك الديبلوماسي" مؤكدا أنها تجاوزت في الحركة الأخيرة المزمع الإعلان عنها 10 بالمائة فيما لا يجب أن تتجاوز هذه النسبة في التجارب المقارنة 5 بالمائة". وقال انه "كان من الأجدى الإعلان عن الحركة في موعدها الأصلي من كل سنة مطلع شهر أوت عوض تداول أسماء أشخاص ينتمون إلى الأحزاب الحاكمة ويعدون قريبين من مواقع القرار برئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية لتولي مناصب ديبلوماسية في هذا الظرف الانتقالي". وتابع في ذات السياق أن "الأسماء المقترحة ولدت استياء كبيرا صلب السلك الديبلوماسي" معتبرا أن "المترشحين من أبناء الوزارة هم الأحق بهذه المناصب لاسيما وأن أغلبهم يعمل بالوزارة لأكثر من 20 سنة ويحملون رتبا دبلوماسية سامية". وكانت نقابة السلك الديبلوماسي قد أصدرت الاثنين الفارط بيانا دعت فيه الديبلوماسيين بالداخل والخارج في كافة البعثات الديبلوماسية والقنصلية إلى حمل الشارة الحمراء يوم أمس الأربعاء احتجاجا على إدراج تعيينات سياسية وحزبية ضمن قائمة الحركة السنوية لرؤساء البعثات الديبلوماسية والقنصلية، كما قررت تعطيل العمل وتنظيم وقفة احتجاجية. وعبرت النقابة عن استعدادها لاعتماد كافة الأشكال النضالية المشروعة، في صورة تعنت صانعي القرار، بما في ذلك الدخول في إضراب مفتوح صلب البعثات الديبلوماسية والقنصلية المعنية بالتعيينات السياسية، معتبرة أن إصرار صانعي القرار على فرض تعيينات من خارج السلك على أساس المحاباة والولاءات والمحاصصات الحزبية، يؤكد الرغبة في السطو على المرفق الديبلوماسي وتطويعه لخدمة المصالح الحزبية الضيقة في هذا الظرف الانتخابي والانتقالي الدقيق. هذا وبينت نقابة وزارة الخارجية أن هذه الممارسات التي تحيل إلى الانتهاكات التي طالما عانى منها السلك الديبلوماسي خلال نظام بن علي من شأنها تقويض حيادية هذا السلك السيادي ومهنيته، مهيبة بجميع المؤسسات الدستورية والمجتمع المدني والقوى الفاعلة بالبلاد إلى الحيلولة دون المساس بحيادية السلك والنأي به عن التجاذبات السياسية. جدير بالذكر ان التجاذبات التي شهدتها وزارة الخارجية التونسية احتجاجا على طريقة تعيين القناصلة والسفراء والديبلوماسيين قد تواترت بعد الثورة. ففي سنة 2012 أكدت نقابة وزارة الشؤون الخارجية على ان إصلاح الديبلوماسية يقتضي عدم تسييس التعيينات في هذا السلك وعلى ان تكون الوظائف الديبلوماسية معتمدة على مبدأ المهنية واعتبارها خططا وظيفية. جهاد الكلبوسي