بعد أن باحت الصناديق بنتائجها في الرئاسية والتشريعية وفي انتظار ما ستفرزه سياسيا وحكوميا، مازالت العديد من الملفات الاجتماعية خاصة الجانب المتعلق بالمفاوضات الاجتماعية في القطاعين العمومي والخاص، والتي تأتي في ظرف اقتصادي واجتماعي صعب يبحث عن طريق الاستقرار، وذلك نتيجة جملة من العوامل الداخلية والخارجية، ورغم مساعي الحكومات المتعاقبة وأجهزة الدولة لتقليص حدة الأزمة وتداعياتها السلبية على المواطن بدرجة أولى وعلى المؤسسات الاقتصادية العمومية منها والخاصة، فان مظاهر التدهور طغت على المشهد العام وتحولت إلى هاجس مفزع يزعج السلطة ويؤرق الشعب، وبعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي بما أفرزه من اكراهات وحسابات، ستبحث المنظمة الشغيلة في الفترة المقبلة على تحقيق مكاسب اجتماعية لمنظوريها اثر التغييرات السياسية التي أحدثتها الانتخابات، وستجد نفسها أمام تحديات وحسابات جديدة نتيجة تغير خارطة الحكم. وعن التحديات التي سيواجهها الاتحاد العام التونسي للشغل في الفترة المقبلة يقول المحلل السياسي الدكتور عبد اللطيف الحناشي في تصريح ل«الصباح» اتحاد الشغل والحكومة المقبلة سيقفان أمام تحديات كبيرة لا تحتمل التأجيل على رأسها الاجراءات الاجتماعية العاجلة، اضافة إلى أن انطلاق المفاوضات سيتزامن مع توقيت سياسي مضطرب عقب الانتخابات التشريعية، حيث انطلقت الأحزاب إلى البحث على توافقات ممكنة لتكوين الحكومة وهو ما سيأخذ حيزا زمنيا قد يمتد إلى الأشهر الأولى من سنة 2020، حكومة وان شكلت ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع المركزية النقابية الباحثة بدورها على اتفاقات مجزية لمنظوريها مهما كانت طبيعة الحكومة التي ستفرزها التوافقات، خاصة وأن الاتحاد يعتبر أن الدوائر المالية المتحكمة في الاقتصاد في مختلف الحكومات المتعاقبة تهتم فقط بنجاحها الاقتصادي وتتغاضى عن الجانب الاجتماعي الذي قدم فيه الاتحاد رؤيته من خلال برنامج متكامل، والأحزاب مدعوة إلى النظر في هذا البرنامج لتجنب العديد من المشاكل الاجتماعية وتفادي الاضرابات والاحتجاجات». ويضيف الحناشي : «من الافضل للحكام الجدد عدم تغييب المركزية النقابية المطالبة بالاضطلاع بدورها الوطني في ظل وضع سيشهد اضطرابات وستكون فيه الملفات الاجتماعية ومفاوضات الزيادة في الأجور من القضايا الساخنة». كما اعتبر الحناشي أن ملف المفاوضات الاجتماعية والزيادات في الأجور، يبقى خطا أحمرا بالنسبة للمركزية النقابية، التي لن تتهاون في تحقيق مكاسب اجتماعية مهما كان شكل الحكومة المقبلة، خاصة وأن المنظمة وفي أكثر من مناسبة أكدت بأنها تتفهم صعوبة الظرف الذي تمر به البلاد وطالبت الحكومات المتعاقبة بإيجاد بدائل أخرى والبحث على طرق أخرى للخروج من الأزمة الاقتصادية بعيدا عن أجور العمال والموظفين، وهو ما يجعل التوصل إلى اتفاقات في مفاوضات الزيادة في الأجور ضمانة لخفض منسوب التوتر الاجتماعي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي للمواطن خاصة وأن الوضع الاقتصادي في حاجة ماسة إلى اتفاق و توافق، مقابل تمسك الاتحاد بالدفاع على منظوريها بعيدا عن المتغيرات التي جاءت بها صناديق الاقتراع، وفق تعبيره. على صعيد متصل أضاف محدثنا قائلا:« اليوم وبعد الانتخابات نحن أمام خريطة حزبية متشتتة ستؤثر بشكل مباشر على تشكيل الحكومة بالنظر إلى التناقضات الفكرية والسياسية بين مكونات المشهد الذي أفرزته صناديق الاقتراع، وفي الماضي القريب لعبت المنظمة الشغيلة دورا رئيسيا في تقريب وجهات النظر، وسيكون مطالبا بالاضطلاع بنفس المهمة». وجيه الوافي