"الحي "المنكوب" ليس هذا اسم الحي بل وصف أطلقه الأهالي على الحي بينما اسمه الحقيقي حي بني علي وهو من أكبر حي في مدينة نفطة من ولاية توزر من حيث الكثافة السكانية اذ يفوق عددهم 3500 متساكن أي 500 عائلة. منذ أن تدخل الحي حتى يأتي اليك فوج من الرجال ليحدثونك بآهات مكبوتة عن وجع حيهم وتفتح النسوة أبواب بيوتها وتستقبلك بكل حفاوة لتريك البيت من السقيفة التي تتصدّر بداية المنزل لتطوف بك غرفة غرفة وتروي لك مأساتهن محاولات عدم السماح لدموعهن بالنزول. تستشف من نبرة صوت الأهالي الحزينة معاناتهم ومن أصابعهم المرتجفة التي تشير الى الجدران والأعمدة والأسقف مدى تألمهم. تتلخص مأساة هذا الحي الكبير المترامي الأطراف في ارتفاع منسوب المياه الجوفية والرطوبة التي أصابت المنازل "النز". وتقول زهرة زهرة وهي ترينا الحديد والاسمنت والآجر المرميين في الأرض أن هذه مواد البناء اشتراها ابنه ليبني طابقا علوي له ولزوجته لكنه لم يستعملها الى الآن لأن المهندس المعماري والمقاول اللذان اتيا وتفقدا المنزل أخبراه أن البناء في هذا المكان غير مضمون وأنه لا ينصحانه حتى باضافة غرفة واحدة في الطابق السفلي، وأن كامل المنزل في خطر حقيقي، وأن الأرض لا تتحمل مدّ الأعمدة وربطها، وأن الأسطح لا يمكن أن تستوعب بناء آخر فوقها لأنها هشّة تماما، وأنه عندما حاول عامل البناء حفر حفرة صغيرة بعمق 50 سنتيمتر تفاجأ بتدفق غزير للمياه أغرق في دقائق قليلة كامل أرضية الأرضية الى أن قام في حينها بردم الحفرة. وتابعت المرأة الستينية أنه عندما تستيقظ كل صباح تجد أن أرضية منزلها مبلّلة لدرجة كبيرة وكأن شخصا للتو قام بسكب أوعية وسطول من الماء، وأنه حتى عندما تضع يديك على البلاط "الفايونس" المزين به جدران المطبح تشعر أن البلل وصل اليهما. وفتحت زهرة ة كفا يديها وفوقهما حفنة من الملح مؤكدة أن هذا الملح يتساقط في كل مرّة من الجدران من شدّة "النز" ، مشيرة الى أنها وعائلتها خائفين بأن أن يسقط السقف أو الجدار عليهم مما قد يخلّف لهم اصابات أو حالة وفاة، ,أن أن أي صوت أو حركة غير عادية يسمعونها أصبحت تثير رعبهم وأن حتى نومهم ليلا صار متقطها لعدم شعورهم بالارتياح والاطمئنان، وأنه فعلا في الفترة الأخيرة انقسمت أحد الأعمدة فأسرعوا على الفور الى اصلاحها من خلال تعويضها وبناء حديد آخر داخلها مما جعلهم يعيشون تحت التهديد بشكل يومي، وأنه ملايين خسرتها للبناء لكن منزلها تحوّل الى خراب وكل مرّة تسقط قطعة من الجدرات حتى تشوّه مظهره عائلات تركت منازلها والحي وانتقلت الى مناطق أخرى حافظ بن عبد القادر عزوز قال أنه بحكم مهنته كعامل بناء فانه يعرف أغلب منازل الحي كلما يحفر 50 ستنتمر يجد ينابيع من الماء، وأن جميع المنازل في الحي متضرّرة مع إختلاف الدرجات، وأن الصبّة "الدّالة" التي تغطي السقف تآكلت وبقي فقط الحديد تراه العينان. وتابع محدّثنا أن أكثر من 15 عائلة تركوا بيوتهم وانتقلوا من الحي الى أحياء أخرى خوفا على أرواحهم وأرواح أطفالهم وأثاثهم، وأن هذا الوضع قبل انتقالهم سبّب لهم العديد من الأمراض كضيق التنفس وأمراض الروماتيزم والحساسية المفرطة، وأنه هو نفسه أصبح يفكر أيضا بجدّة في تغيير مكان مسكنه وكراء آخر، رغم أنه يحمل العديد من الذكريات في حي بني علي ولديه العديد من الأصدقاء ومن العائلة المقرّبة ولكنه يفكّر في مصلحة أطفاله وعليه حمايتهم. وأن أهالي الحي وطيلة 4 سنوات ورغم الحكومات المتعاقبة والتي زار منها عدد من الوزراء الحي العديد وتلقّي العديد من الوعود الا أن الوضع بقي على ماهو عليه، وأن أغلب الإصلاحات في الحي تتم من قبل الأهالي بأنفسهم حتى الخنادق التي قال سيقع حفرها لحماية الحي لم تنجز وأن الأهالي لا يسمعون غير كلمتين "سنصلح" "سنعوّض". مطالب تحسين المسكن بلا جواب وأمراض ضيق التنفّس والروماتيزم تفتك بالأهالي رافقتنا مريم مصباحي الى أحد الغرف أين الحجارة تتدلّى من السقف وعلى وشك السقوط وأين الجدران أصابها التآكل وأنها تغطي الجدران بالزرابي وبعض المفروشات حتى لا تظهر للضيوف وتقلّ نسبة الرطوبة ولكن هذا لا يفيد حسب تعبيرها. وأفادت أن لديها طفلا عمره 8 سنوات لا يمشي ولا يتكلم واضطرت للابتعاد عنه وارساله للعيش في منزل والديها، وأنها منذ سنوات كل شتاء تفارق ابنها حتى لا يمرض بما أنه يحبو وغير قادر على المشي ووضعية البيت زادت تأثيراتها سلبيا على صحّته لأن الأرضية مبلّلة، وطالبت في مرّات عديدة البلدية والمعتمدية والولاية بتحسين المسكن لكن لم يقع الاستجابة لمطلبها ، وأنه كلما تقوم بإصلاح القليل يعود في وقت وجيز الى وضعية ما قبل اصلاحه وأنها في كل مرّة تأخذ ابنها وابنتها الى الأطباء لعلاجهم من الأمراض بما فيها ضيق التنفّس رغم ضيق ذات اليد وأن الطبيب أخبرها أنه بسبب البيت تراجعت صحّة ابنيها، وأن شقيق زوجها أنيس بن عزوز الذي يسكن معها في نفس البيت مع زوجته يتركان المنزل شتاء ليقطنا في منزل أهل زوجته من أجل أبنائه". وقفات احتجاجية زيارات ميدانية لوزراء ملفات للإدارات والتدخّل متأخر كمال بن عزوز شهر ذكر أن الأهالي مارسوا على السلطات كل الضغوطات الممكنة بما فيها الوقفات الاحتجاجية بلهجة ساخرة أنه لم يبقى غير مجلس الأمن ليحدثوه وأنهم جمعوا جميع الملفات ووضعوا داخلها كامل التفاصيل عن كل منزل وقال أن الملفات سلّمها رئيس البلدية والوالي الى الوزراء المعنيين بالموضوع ورغم ذلك فان قدوم المبعوثين من مكاتب الدراسات تأخر الى أواخر هذا العام، وأن من حاول ايصال صوتهم وتواصلوا مع عدد من الادارات المعنية والوزارات بدرجة أولى شكري الذويبي قبل أن يصبح نائبا في البرلمان وجيهان عبادي النائبة السابقة في البرلمان، وأن رئيس الحكومة يوسف الشاهد ومنذ فيفري 2018 خلال زيارته للحي مع وفد من الوزراء تعهّد بالتسريع في معالجة الاشكال وأن تقوم وكالة التهذب العمراني بالاجراءات اللازمة، الا أنه قرابة سنة على تعهّد رئيس الحكومة ولا جديد. وأفاد مُحدّثنا أن معظم متساكني الحي يحمّلون بدرجة أولى الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" المسؤولية والتي ترجع بالنظر الى وزارة الفلاحة، وأن مكتب الدراسات السابق أخلّ بالتزامته فوقعت بتتة جديدة لمكتب دراسات آخر ووقع بشكل رسمي تعيين مكتبي دراسات جدد، وأن الماء المُسرّب لا يحتاج الى تحاليل بيولوجية وكيميائية، بل يجب التأكد اذا هناك تسرّب للماء بسبب قنوات الصوناد لأن القنوات من الستينات وقتها كان الماء داخل الشبكة ينزل من فوق الى الأسفل لكن سنة 94 غيروا الشبكة وأصبح الماء ينزل بالعكس. مركز الحرس الوطني الواقع في نفس الحي تضرّر لنفس السبب ليتقرّر اغلاقه واعتباره آيلا للسقوط لتبقى مدينة نفطة منذ أكثر من سنة بلا مركز للحرس الوطني. مكتب الدراسات يباشر عمله ونتائج البحث قد تتأخر وبخصوص مكتب الدراسات الذي وقع تعيينه للغرض والاتفاق معه أوضح شكري الذويبي النائب المستقل عن دائرة توزر أنه اتصل بمدير مكتب الدراسات ووعده أن تنتهي الدراسات قبل 60 يوما أي في غضون شهرين وأن يباشر على الفور عمله ميدانيا فور حصوله على الترخيص اللازم، وأنه أعاد الاتصال به فور سماعه أنه تحصّل نهائيا على الترخيص ليعلمه بموعد حلوله بالمنطقة كأول زيارة للمكتب وهو ما تم فعلا الأسبوع الفارط. من جهته قال هشام قدور رئيس لجنة الأشغال ببلدية نفطة مكتب الدراسات قدم أعوانه وأن النتائج قد تتأخر ليكون عملا مركزا والتدخّل ناجعا و"على قاعدة" كما يمكن أن لا يتأخروا وينتهوا في ظرف 3 أشهر لكن يجب أن تكون دراسة متأنية أي دراسة التربة ومعرفة مصدر الماء كذلك مع توفير المعدّات والامكانيات كل هذا يتطلب وقتا واختبارات ستقع، وسترسل عينات الى مخابر، يعني الأهالي صبروا ولم يتبقّى الكثير، بما أن الدراسات بدأت وستكون الدراسات كبيرة والكلفة فاقت 200 ألف دينار، وهو حي كبير، وأنه مرة أحد الأهالي حكى له أن عمره 70 سنة وأنه منذ ولد هذا الشيخ يعرف نفس المعاناة في الحي، وأنه علميا لا يمكن اثبات الاخلال في أي مؤسسة الا بعد انتهاء الدراسات، يمكن مائدة مائية تسرّبت من خلال تدفّق عيون جديدة أو شبكة قديمة لشبكة الصوناد أو تسرّب ماء الأوناس.