بقلم كمال بن يونس السادة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والبرلمان السادة أعضاء الحكومة والنواب السيد وزير الصحة العمومية السيد وزير المالية السادة النواب بعد أكثر من أسبوعين عن الإجراءات الاستثنائية التي قررتها الحكومة بهدف محاصرة انتشار جرثومة "كورونا " ، ومن بينها حظر الجولان والحجر الشامل ، يبدو أن نسب الإصابات وعدد الضحايا "تحت السيطرة" والحمد لله .. ومن حسن الحظ برهن الشعب بكل فئاته مرة أخرى عن وعي كبير ..واحترمت غالبيته الساحقة القرارات الحكومية و بادرت بالتبرع وطنيا وجهويا ومحليا ..في محاولة لتدارك غلطات بعض السياسيين و"المستكرشين " طوال ال30 عاما الماضية عندما همشوا المستشفيات وقطاع الصحة العمومية وغضوا النظر عن التهاب الأسعار في القطاع الخاص واختلال التوازن في مستوى الخدمات بينه وبين القطاع العام.. وفي الوقت الذي تؤكد فيه كل المؤشرات تزايد عدد ضحايا " وباء كورونا " عالميا ووطنيا قد يجد آلاف المواطنين والمواطنات أنفسهم عاجزين عن تغطية تكاليف الاختبارات التحليلية والإقامة والعلاج في المصحات والمؤسسات الطبية الخاصة .. وسوف يعني ذلك بكل بساطة انتشارا سريعا للعدوى وتزايد الوفيات وتضخم عدد ضحايا الوباء ..كما سوف يتسبب في تعميق الهوة بين الطبقات الشعبية والطبقة المترفة ، وبين بعض الجهات " المحظوظة " وبقية الجهات " المهمشة " وخاصة ولايات الجنوب والشمال الغربي والوسط .. وفي صورة تمديد مرحلة " الحجر الشامل " التي تتسبب في حرمان مئات الآلاف من موارد رزقهم قد تواجه البلاد اضطرابات عنيفة و" كورونا أمنية اجتماعية سياسية " قد تكون آثارها اخطر من " وباء كورونا " في بعده الطبي الصحي.. لا يخفى أن انفجار غضب " المهمشين" و الجياع وضحايا " الغبن " و" الحقرة " والظلم والقهر قد يتسبب في خسائر لا تحصى بالنسبة للبلاد والعباد ..فضلا عن كونه قد يؤدي إلى انهيار كامل المنظومة السياسية الحالية والمؤسسات التشريعية والتنفيذية المنتخبة .. السادة الرؤساء الثلاثة والوزراء والنواب لاشك أن هذا الوباء خلط الأوراق والأولويات في العالم أجمع ، لكن الحل في بلد صغير مثل تونس يبدأ بإعلان قرار رسمي من أعلى هرم السلطتين التنفيذية والتشريعية ينص بوضوح على مجانية معالجة المصابين والمشتبه في إصابتهم بوباء " كورونا "..من مرحلة الاختبارات التحليلية إلى مرحلة " العلاج و النقاهة " في المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة .. لقد تبرع التونسيون بسخاء لفائدة الصندوق الذي سوف يوضع على ذمة وزارة الصحة ..ويمكن أن يتبرعوا أكثر عندما يتأكدون من شفافية صرف هباتهم ونزاهة المشرفين على القطاع ، فلا تفوتوا هذه الفرصة ..وبادروا بتحسين خدمات المستشفيات و المستوصفات في كامل البلاد وأعلنوا مجانية العلاج دون تردد .. وعسى أن يكون هذا الوباء فرصة يستعيد فيها الشعب الثقة في السياسيين في السلطتين التنفيذية والتشريعية ..