منذ البداية نسأل عمّا يبحث الكيان الصهيوني عبر غارته الأخيرة على قطاع غزّة؟ هل مرّد ذلك وضع حدّ لمسيرة العودة؟ أم أنّه يبحث عن شنّ حرب جديدة كالتّي وقعت سنة 2014 ليظهر و أنّه صاحب المبادرة و صاحب القرار على الأراضي الفلسطينية؟ و هل هذا الكيان الغاصب قادر على انهاء الحرب مع فصائل المقاومة بعد أخذ قرار بدئها؟ و هل بإمكانه الصمود لفترة طويلة أمام مقاومة شرسة و مؤمنة بعدالة قضيتها بل و لم يبق لديها ما تخسره؟ دعنا أوّلا نؤكد على أنّ المقاومة التّي صمدت أمام الآلة العسكرية الصهيونية لأكثر من 55 يوما في اطار الحرّب التّي شنّتها ضدها اسرائيل سنة 2014 لهو قادر اليوم على الصمود أكثر و أكثر لو فكّر الكيان الصهيوني في شنّ حرب جديدة على قطاع غزّة و ذلك لعدّة معطيات موضوعية، لعلّ أهمّها و أنّ الجبهة الداخلية لهذا الكيان تشهد أكثر من تصدع منذ وصول اليمين المتطرف لسدّة الحكم و الاختلافات التّي ترشح عنهم فضلا عن أن هذا الكيان لا و لن يغامر بحرب جديدة على قطاع غزّة بحكم تغيّر بعض المعطيات الجغراسياسية بالمنطقة و الحروب الدائرة خاصة في سوريا و النتائج التّي آلت لصالح سوريا في هذه الحرب بالرغم من المحاولات العديدة لهذا الكيان لمؤازرة الدواعش و تأليبهم ضد سوريا بل لم يكتف بالدعم المالي و مدّهم بالعتاد الحربي بل انتقل إلى مرحلة التدخل المباشر ولكن لم يستطع من تحقيق أهدافه. هذا بالإضافة إلى أنّ المقاومة منذ الحرب الأخيرة على غزّة سنة 2014 ، تمكنت من تغيير وسائل دفاعها كما و كيفا فضلا عن اصرار المقاومة و شجاعتها و قدرتها على الصمود رغم عدم توازن القوى خاصة على مستوى الترسانة الحربين لدى الجانبين. و لكن بالرّغم من ذلك أثبتت اليوم الفصائل الفلسطينية المقاومة قدرتها على تغيير المعادلة على أن تكون تحت شعار " الدّم بالدّم و القصف بالقصف و هذا ما حصل اليوم حيث أمطرت المقاومة المستوطنات الصهيونية بوابل من الصواريخ وصل عددها إلى 70 منها كرّد مباشر على اطلاق الكيان صواريخه على قطاع غزة و تحديدا على منطقة الكتيبة و التّي هي عبارة عن منطقة خضراء حيث سقط قتلى ( طفلان، أمير النّمرة و عمره 15 سنة و لؤي كحيل 16 سنة ) إضافة إلى جرح عددا آخر من الفلسطينيينو مثل هذا الرّد السريع أربك الكيان الصهيوني و هرول مسرعا يستجدي تدخل الدول المصرية لإيقاف صواريخ المقاومة و البحث على هدنة باعتبار آثار هذه الصواريخ على جحافل الصهاينة الذي لجأوا كالجرذان للمخابئ و هذا يدّل على أنّ هذا الكيان يمرّ بمرحلة ترهّل و هو بالتّالي غير قادر على الصمود على حرب يعرف كيف يبدأها و ليس بيده وضع حدّ لنهايتها رغم بحثه المستميت على كسر الإرادة الفلسطينية و لكن بأي ثمن؟ و في اعتقادنا و أنّ تغيير هذه المعادلة، أوّلا ، يخدم القضية الفلسطينية خاصة بعض عودتها على الساحة الدولية بحكم مسيرة و احتجاجات العودة التّي يخوضها الشعب الفلسطيني الباسل على الحدود مع اسرائيل بالرّغم من العدد الكبير من الجرحى و الشهداء نتيجة غطرسة الآلة العسكرية الصهيونية و ثانيا تأكّد و أنّ هذا الكيان لا يفهم إلاّ لغة القوّة و بالتالي مخاطبته بنفس الأسلوب الذي يستعمله هو الأنجح و القادر على تحقيق بعض الأهداف الفلسطينية و هذا تأكيد آخر على أن النهج التفاوضي السابق مع اسرائيل كان مضيعة للوقت و تهميش للقضية الفلسطينية التّي أوشكت على أن تقبر و بالتّالي ما أخذ بالقوّة لا يستردّ إلاّ بالقوّة.