ككلّ المدن الإسلامية في الشرق كما في الغرب، احتضنت مدينة أريانة في وسطها التاريخي منذ الفتح بيتا من بيوت الله التي يعمرها المؤمنون في أرجاء الكون. جامع أريانة العتيق يرجعه المؤرخون إلى فترة نشأة محرز بن خلف أي في النصف الثاني من القرن العاشر ميلادي. ولكنه لم يعمّر أكثر من ألف عام بما أنّه خرّ على قواعده وتمّت إعادة بنائه في نفس الموقع عام 1969 دون الصومعة التي تعهّد بإقامتها أحد المتساكنين من أصل جربي ولكن وافته المنية في موسم الحجّ لسنة 1975 ودفن في مكة، فتولّى أبناؤه تنفيذ الوصيّة وارتفعت بفضل الله وعونه المئذنة التي تطلّ من على مدينة أريانة العتيقة والجديدة أي المحيطة بها من الجهات الأربع. أمّا بالنسبة لما اصطلح على تسميته بأريانة الجديدة فلقد شيّد في شارعها الرئيسي الياسمين جامع يحمل هذا الإسم ولقد أشرفت على بنائه هيئة يترأسها القاضي المنعّم عبد السلام المحجوب ثمّ توالى بناء المساجد وسط المدينة وخارجها، فوضع حجر الأساس في نفس السنة لبناء جامع الحق في المنزه الخامس يوم 2 مارس1977 بإشراف هيئة يترأسها المناضل المحجوب بن علي، وجامع النور قرب المسلخ البلدي يوم 11 سبتمبر 1977 بإشراف هيئة ترأسها الأديب محمد الصادق بسيّس (1914-1978)، وفي فترة خماسيّة مجلسنا البلدي (1980-1985) انطلقت حضائر بناء خمسة جوامع أقيمت أربعة منها فوق فضاءات مخصّصة من طرف اثنين: "السنيت" بتقسيمي النزهة والتعمير والثالث بأريانة العليا (جامع الهدى) ووزارة التجهيز بالمنزه السادس حيث شيّد جامع الرحمان بدعم من أحد التجار من أصل قابسي صاحب حي تجاري متميّز بالمنطقة. بينما شيّد جامع أسد بن الفرات في التعمير وقد نالني الشرف الأثيل بترأس هيئته صحبة الشيخين عبد الله المولهي والمنعّم أحمد عجال الإمام الخطيب السابق للجامع العتيق، وقد أقيمت أوّل صلاة به يوم 15 أكتوبر 1985. أمّا جامع الأخوّة فلقد أسّس بنيانه بالكامل بفضل عناية محسن أصيل مدينة وذرف، ولقد ترأّس هيئته المساعد الأوّل لرئيس البلدية الصديق محمد الطاهر بن الشيخ. أمّا الخامس وهو جامع بدر فقد أقيم بالحي البلدي حذو مستشفى محمود الماطري، ولقد نالني شرف وضع حجر أساسه يوم 8 ماي 1985 ولقد أقمنا فيه عند إتمام أشغاله احتفالا أضحى تقليدا بمناسبة ذكرى غزوة بدر قبل أن يعتمد على الصعيد الوطني. أمّا جامع البخاري المشار إليه في العنوان فهو جامع افتراضي بقي حبرا على ورق منذ ثلاثين عاما. لقد اقتنى المواطن المنعّم علي بن تنفوس أرضا في وسط المدينة توجد على حافة الطريق القديمة الرابطة بين تونس وبنزرت وتطلّ حاليّا على شارعي علي البلهوان ومصطفى الحجيج كانت تدعى قبل الاستقلال (jardin Bonan) ولقد أصبحت منذ أن أزال صاحبها البناءات المتداعية "متعدّدة الاختصاصات": محطة لناقلات الآجر ونقل الأشخاص وبالخصوص مرّة في السنة " رحبة للغنم". يتمّ كلّ ذلك رغم أنّ المالك قدّم إلى المصالح الفنيّة طلبا معلّلا للحصول على موافقة على تقسيم يعتزم إنجازه في هذا الموقع المتميّز والمحوري في أريانة. وبما أنه لم يتمكن من اقتناء بعض الأجزاء (120) من الأرض التي اقتناها من جلّ المستحقين (2040 جزء) فإنّه التمس من المصالح البلدية التدخل لفضّ هذا الإشكال وذلك بوضع هذه الأجزاء على ذمّة هيئة بناء جامع أختير له من الأسماء البخاري، فعرض هذا الموضوع على أنظار المجلس البلدي في دورته المنعقدة يوم السبت 30 مارس 1985 وبعد التداول وافق أعضاء المجلس بالإجماع على انتزاع هاته الأجزاء الراجعة بالملكية لبعض ورثة Bonan لبناء جامع " الشڨافية" المحاذي لشارع علي البلهوان بأريانة، مع العلم أنّ مهندس هذا الجامع هو الصديق عبد الرؤوف الدهماني صاحب جلّ الأمثلة الهندسية لبقيّة المساجد. جاء في الكتاب العزيز ممّا نُحِتَ في الرخامة على واجهة محراب جامع النور: بسم الله الرحمان الرحيم: " في بِيوتٍ أذِنَ الله أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرُ فيهَا اسْمُهُ، يُسَبّحُ لَهُ فٍيهَا بالغُدُوّ والآصَالِ رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ ولاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله ..." سورة النور.