تمر 17 سنة على حادثة 11 سبتمبر 2001 و الذي تمّ خلالها ذلك الهجوم الإرهابي بالطائرات على المركز التجاري الأمريكي و سقوط جرّاء ذلك حوالي 3000 ضحية فضلا عمّن مازال إلى اليوم يعاني مخلفات تلك الحادثة الشنيعة والتّي كانت لها من الارتدادات العنيفة التّي هزّت العالم و مازال يعاني منها إلى اليوم بل هذه الحادثة جعلت العالم يعيش رأسا على عقب. في غياب العقل و الرّأي السديد مقابل الغطرسة و حبّ الانتقام و استغلال الغنيمة. و الكلّ يذكر ما تلى تلك الحادثة من أحداث و لعلّ أهمّها اجتياح العراق سنة 2003 و تحطيم دولة عظيمة بكل مقوماتها التاريخية و الحضارية و الانسانية و العسكرية و ما خلّفت تلك الفعلة الشنيعة من قتلى و مهجرين و جرحى و استباحة كلّ المحرمات في بلاد الرافدين التّي مازال إلى اليوم لم تضمد جراحها بل و الأهم اختيار تاريخ عزيز على كلّ المسلمين – أ لا وهو يوم عيد الإضحى – لتنفيذ حكم الإعدام و على المباشر في الشهيد و أسد العروبة صدام حسين و ما يعنيه اختيار ذلك التاريخ من رسائل النقمة و الحقد على المسلمين و تحدّ صارخ لمشاعرهم و لطقوسهم و لتاريخهم و للدين الاسلامي الحنيف و كأنّ لسان من اختار هذا التاريخ بالذات يقول لحولي لمياري مسلم في العالم هذا أسدكم ها نحن نذبحه في يوم عيدكم و ننغص عليهم أحد أهم أعيادكم و بالتالي فرحكم. اليوم الموافق ل 11 سبتمبر 2018 و هو يصادف السنة الهجرية الجديدة التي يحتفل بحلولها العالم الاسلامي قاطبة و أيضا تصادف الذكرى 17 لحادثة الهجوم على المركز التجاري بأمريكا بكلّ ضحاياه كما أسلفنا، فهل يمكن أن نقرأ بين السطور لهذه المصادفة الغريبة العجيبة لهذين الحدثين المختلفين في الزمان و المكان شيئا ما؟ باعتبار و أنّ الذكرى 17 لأحداث 11 سبتمبر 2001 هي حادثة أليمة بالنسبة لأمريكا في حين وأن ذكرى 11 سبتمبر 2018 هي ذكرى فرح و احتفال بالنسبة للمسلمين وهم يحتفلون بحلول سنة هجرية جديدة؟ في حين بالرجوع قليلا إلى الوراء نجد هذه المعادلة كانت معكوسة باعتبار اعدام صدام حسين في تاريخ عزيز على المسلمين؟ . هنا نقول اللهم لا شماتة و لكن نضيف أيضا ونتساءل لماذا لا يتعظّ من يقودون العالم و يتبصرون إلى ما يجري في عالمنا من قتل و حروب و دمار و هو من صنع أيديهم بحكم تكالب البعض من الدول على الدول الأخرى لأسباب مختلفة و متعددة و يكفي التدليل على ذلك ما يجري خاصة في أوطاننا العربية من حروب و فوضى و هي في الحقيقة وراءها مصالح اقليمية و دولية تؤجج هنا و تحارب هنالك من أجل أهداف لم تعد خفيّة على كلّ عاقل و متتبع لما يحدث في عالمنا رغم ازدواجية الخطاب و الموقف و تكريس سياسة المكيالين تحت العديد من اليافطات من حقوق الانسان و دولة القانون و تكريس الدمقراطية وغيرها من هذه الشعارات التّي عبرها تمّ القضاء على استقرار العديد من الدول و العراق وسوريا وليبيا و اليمن و فلسطين شواهد حيّة على عنجهية التفكير و التخفي و راء هذه الشعارات لإسقاط الأنظمة التي لا تحقق مصالح هذه الدول العظمى و لو على حساب الشعوب و مستقبل الأجيال من الأطفال و ذلك بلا رحمة و لا شفقة و لا انسانية؟ و بالعودة لهذين الحدثين ( 11 سبتمبر 2001 و 11 سبتمبر 2018 ) ألا يذكرنا هذا بتلك المقولة " يوم لنا و يوم عليكم؟ فهل يستفيق العالم و يعمل على بناء عالم خال من الحروب و الظلم و تكريس قانون الغاب؟ أ فلا في العالم اليوم عظماء كمن سبقوهم يعملون على استتباب السلم في العالم و يكرّسون العدالة الحقيقية بعيدا عن ازدواجية المقاييس؟ و يجعلون من الانسان ورفاهيته و استقراره الوسيلة و الهدف؟ قد ينعتني البعض من خلال هذا الطرح بالهذيان أو أنّ مثل هذا الكلام و الأهداف لا تتحقق إلاّ في الحلم و أنّ ما نعيشه اليوم هو كما يقال " منامة عتارس" و منامة مرعبة إلى حدّ الموت؟ نعم دعوني أحلم و لنحلم جميعا فلو توحدت إرادة الشعوب على نفس الحلم سنقلب الطاولة على كلّ مصاصي الدماء في العالم و نبني مدينتنا الفاضلة فبالإرادة الصادقة تتحقق المعجزات؟؟