من بين المساوئ الكبرى التي وقعت فيها الأنظمة المتعاقبة على حكم تونس منذ الاستقلال هو التداخل بين الحزب والدولة فمنذ إرساء الجمهورية تكرس مفهوم الحزب الذي جلب الاستقبال للبلاد ورغم الإنجازات الكبيرة التي حصلت في زمن الحبيب بورقيبة من بناء الدولة الحديثة إلى النهوض بالمجتمع تعليميا وثقافيا وصحيا ومستوى وعي إلا أن المعضلة بقيت في تغييب إرساء نظام حكم يفصل بين لدولة والحزب الحاكم. مع نظام بن علي أخذ الأمر بعدا آخر حيث انتفى مفهوم كاريزما الرئيس المناضل المحبوب رغم تغييبه للديمقراطية ليحل مكانه مفهوم الحاكم المستبد . بعد الثورة انتقلت بلادنا إلى مرحلة الانتقال الديمقراطي لكن مع هذا المعضلة بقيت وان بمستويات وصورة أخرى حيث انتقلنا من حكم الفرد إلى حكم حزب أو حزلين ومعه لن يتم القطع مع توظيف الدولة ونعني هنا أجهزتها وهذا يشمل من يمسك بتلابيب رئاسة الحكومة وأيضا رئاسة الجمهورية . وحتى ان لم تلتصق التهمة بالشخص في حد ذاته فإنها ارتبطت بالمستشارين والحزب ان كان مع النهضة والمؤتمر في فترة الترويكا حيث كان مقياس التعيينات والمناصب المحاباة وحتى التزلف للحزب ورئيسه أو زعيمه أو شيخه. في هذه الفترة أغرقت الإدارة وأجهزة الدولة بالتعينات الحزبية . الوضع ازداد بعد انتخابات 2014 حيث تحول التأثير إلى النهضة ونداء تونس وصارت أجهزة الدولة توظف لخدمة الأحزاب ان كان من الحكومة أو رئاسة الجمهورية. هذه المعضلة ترتبط حاليا بالحزب الجديد للشاهد حيث ينظر إليه كونه حزب دولة ما يعني أن هناك مخاوف من توظيف إمكانيات الدولة وأجهزتها لخدمة أجندة هذا الحزب الجديد الذي يراد له ان يولد كبيرا. توظيف الدولة تهمة ارتبطت ايضا بحركتي النهضة والنداء وأيضا بمؤسسة رئاسة الجمهورية . محمد عبد المؤمن