لقد تذكرت هذا المثل التونسي المعروف الذي عنونت به هذا المقال وانا اقرا تلك المقالات التي كتبها بعضهم عن المرحوم مصطفى الفيلالي وقد غادر هذه الحياة الدنيا ليسبقنا الى دار جزاء الحسنات والسيئات فقد ذكرت هذه المقالات واجمعت واكدت ان سي مصطفى رحمه الله وطيب ثراه قد كان قامة أدبية وسياسية ونقابية في مرحلة قريبة سابقة من مراحل تاريخ هذه البلاد التونسية... ولقد ألحقه احد اصحاب هذه المقالات بقامة الأديبين السياسيين المشهورين محمود المسعدي ومحمد مزالي رحمهما الله ومن عليهما بعفوه ومغفرته ورضاه وكتب عنه ما يتمنى وما يرجو كل احد منا ان يسمعه في حياته قبل ان يتوفاه وان يقبض روحه خالقه ومولاه... وان السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام هو ان كان المرحوم سي مصطفى في هذا المقام وفي هذا المستوى الرفيع المذكور فلماذا لم يذكر ولم يعرف ولم يشتهر في تاريخ الأدب التونسي وفي تاريخ الحركة الوطنية لا من بعيد ولا من قريب لدى العامة و لدى الجمهور؟ وانني لأشهد الله رب العالمين والشهادة كما يقولون من تمام ومن فرائض الدين انني قد مررت بجميع مراحل التعليم في اوائل عقود المنتصف الثاني من القرن الماضي وقد كان سي مصطفى كما قال وكما كتب الكاتبون هذا الايام في اوجه وفي عنفوانه ولكنني لم اسمع معلما واحدا او استاذا واحدا او دكتورا واحد قد ذكره او كتب لينوه بخصاله او بصفاته او باعماله كما انني ورغم كثرة مطالعاتي الأدبية والسياسية المدرسية والجامعية والشخصية الرسمية وغير الرسمية عن تاريخ هذه البلاد التونسية لم اعثر ولو على نص واحد كتب عن المرحوم الفيلالي وعن مناقبه الادبية والسياسية وعليه فانه من الطبيعي انني لم اكن ادري ولم اكن اعلم ابدا كغيري من شباب ذلك الجيل السابق انه قد كان في تاريخ هذه البلاد التونسية وبين رجال زمانها في تلك الأيام وفي تلك السنوات الخوالي رجل اديب ورجل سياسي ورجل نقابي اسمه مصطفي الفيلالي تمتع بين رجال جيله بالمقام الرفيع العالي وحتى المواقف النضالية والمصنفات الأدبية و المناصب السياسية التي ذكرها له رحمه الله كاتبو هذه المقالات الأخيرة بعد وفاته وفي ذكراه اكاد اجزم ان شباب اليوم واغلب شباب الأمس القريب لا يعرفونها عنه بلا شك وبلا مراء... وانه ولئن كان الجواب عندي وعند غيري من عقلاء المؤرخين التونسيين عن سؤالي الذي طرحته في طيات هذا المقال معروف ومفهوم الا انني لا اريد ان اذكره ولا اريد ان اسطره في هذه السطور بل سانتظر من يجيب عنه ببطء او على عجل من بين اولا ئك الذين كتبوا تلك المقالات في تابين ذلك لرجل فذلك عندي احسن و افضل من تقديم ومن عرض اجابتي الشخصية التي قد تعري حقيقة كبرى يرفض تعريتها اغلب الذين عاشوا وتمتعوا زمن بورقيبة رحمه الله بمنحه وبعطاياه وبهداياه ونذروا انفسهم للدفاع عنه ولو بطمس كثير من الحقائق التاريخية التي سيكشفها التاريخ طال الزمان او قصر فالتاريخ كما يقولون لا يرحم ولا يصفح ولا يغفر ورحم الله السابقين الذين نبهوا والذين حذروا والذين نصحوا اللاحقين والذين كتبوا والذين قالوا(ما يعجبك في الزمان كان طولو)... وها اننا نرى ان الزمان بعد زمن وبعد حكم وبعد سلطة بورقيبة التاريخية قد عرى وقد كشف الكثير والعديد من الحقائق الثابتة الخفية التي اخفاها من اخفاها في زمانه بمكر وخبث وخداع وحمق وسوء نية...وها ان التاريخ اليوم قد قال كلمته النهائية فانصف المرحوم الفيلالي ومتعه وهو في قبره بالعرجون وبغيره من نعيم الآخرة الأبدية والعاقبة في التكريم بعده وبلا شك ستكون لمن صبر مثله وامن بقوله تعالى الذي انزله في كتابه منذ سنين هدى وبشرى وتذكرة للعالمين(وتلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين)