ذات ليلة من ليالي شهر رمضان في تسعينات القرن الماضي جمعني على مائدة الافطار في مسجد ليون الكبير بفرنسا لقاء بعدد من رجال الدينين اليهودي والمسيحي ودار بيننا حديث في الشان الديني عموما والمشترك فيه بين الديانات و تناول احد الرهبان المسيحيين الكلمة فاستعرض ما اعتبره احدى خصائص الدين المسيحي التي تميز بها عن سواه من الاديان الا وهي قيمة الحب واطنب في ايراد مقولات عديدة للسيد المسيح عليه وعلى امه السيدة مريم العذراء السلام واعتبر ان المسيحية هي دعوة الى الحب تلك خاصيتها وبذلك امر السيد المسيح المؤمنين من اتباعه مرددا قولته الشهيرة "احبوا بعضكم بعضا" وبعد حديثه المطول والذي لاحظ علي وهو يلقيه ويدلي به على مسامعنا تفاعلا واعجابا بادرني بالسؤال وكانه ظن انه سيحرجني قال وماذا عن الحب في دين محمد صلى الله عليه وسلم وكانت فرصة مواتية والاسلام في تلك الايام موضوع في قفص الاتهام يوصم بانه دين تعصب وتزمت وتطرف وارهاب تسقط عليه تصرفات بعض المسلمين التي لاتقرهم عليها نصوص الاسلام في القران والسنة وتتعارض كليا مع السيرة العطرة لرسول الاسلام عليه الصلاة والسلام قلت انها فرصة تتيحها لي لابين ان الاسلام ونبي عليه الاسلام عليه السلام لايختلفان عما كنت تعرضه ياقداسة الراهب عن النصرانية ونبيها عليه السلام فهما يشتركان في وحدة المصدر الا وهو الوحي السماوي المنزل من عند الله واذا ما حصل ان حدث تعارض واختلاف في قيمة من القيم الاخلاقية السامية فهو من فعل الانسان الخطاء الظلوم الجهول وحاشا لرسالات السماء ان تتعارض وتختلف في الخير والدعوة اليه وفي الشر والنهي عنه ان الاديان كلها وبالخصوص السماوية منها حب اولاتكون والانبياء عليهم جميعا السلام دعوا الى الحب وحاربوا الكراهية والحقد والضغينة التي لايمكن ان لاتجتمع مع الايمان في قلب مؤمن حقا وفي دين الاسلام لاينجو من عذاب الله "الا من اتى الله بقلب سليم" والله في دين الاسلام لاينظرالى الصور والوجوه ولكن ينظر الى القلوب والاعمال وفي الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد الا وهي القلب الحب في الاسلام قيمة اساسية وحجر الزاوية في تعاليمه والحب هو مظهر الشكر للمحسن الذي هو اولا وقبل احد سواه للخالق الذي لاتحصى نعمه ولاتحد ثم الحب لمن كان سببا في الهداية اي الرسول عليه السلام ثم الحب للوالدين من ياتيان بعد الله ورسوله في الاحسان الينا ثم الحب لاخوانه المؤمنين ثم الحب للناس اجمعين من بني ادم و المسلم ان كره من هؤلاء شيئا فانما يكره الشر الذي ياتونه بل ان المسلم يحب كل ماخلق الله حتى الجماد لايكره احدا ولايكره شيئا واوردت على ما قلت ادلة هي نصوص صريحة من القران ومن السنة فبالحب يتحقق الايمان ويصدق والحب هوعلامة الايمان الذي لايتذوق حلاوته الاالمؤمن حقا تماما مثلما ارشد الى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما وان يحب المرء لا يحبه الالله وان يكره ان يعود الى الكفر كما يكره ان يقذف في النار و"المتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة" وممن يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لاظل الاظله "رجلان تحابا في الله" وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل "وجبت محبتي للمتحابين في" ويذهب الاسلام في مجال تركيز قيمة الحب في قلب المسلم الى ابعد مدى عندما يلتفت رسول الله عليه وسلم نحو جبل احد ويقول "احد جبل يحبنا ونحبه" ان ا لغل والحقد والكراهية والبغضاء كلها نتيجة لخلو القلوب من الايما ن الصادق الخالص لوجه الله الذي لايقبل من الاعمال الااخلصها "الا لله الدين الخالص" تابع حديثي باهتمام شديد وانتباه كامل من كانوا جالسين معي على مائدة الافطار ولم يعقبوا عليه وقد كانوا يظنون ان الحب خاصية لدين دون اخر فعلموا ان ا لحب قاسم مشترك اعظم في تعاليم كل الاديان مالم ينلها التحريف من قبل الانسان الحب هذه القيمة الاخلاقية السامية هي التي تتخذ لها الاعياد للاحتفال بها وتقويتها في قلوب الناس ومنها عيد سان فلنتان ولا مشاحة في الاصطلاح ولابد ان ننفذ الى الجوهر واللب ونترك الاعراض جانبا والشئ يالشيء يذكر فقد دعيت قبل سنوات في احدى القنوات التلفزية في تونس من طرف الاعلامية مريم بن حسين للحديث عن الحب في الاسلام بهذه المناسبة فلبيت الدعوة وفاجات صاحبة الحصة بقبول الحديث في هذا الموضوع وفاجات جمهور المشاهدين بالتاصيل لقيمة الحب واعتبارها قيمة اساسية في الدين وانها حجر الزاوية فيه وان بنيان الدين لايصح ولا يستقيم ولايؤتي ثمرته رحمة وتاخ صادق بين المؤمنين الابالحب اولا وبالحب تغنى الشعراء وعلى راسهم رابعةالعدويةالتي تخاطب ربها بقولها "احبك حبين حب الهوى وحب لان كاهل لذاك" كانت تلك الفقرة من الحب في الاسلام بمناسبة عيد الحب في تلك القناة التلفزية ناجحة حتى انها اعيد بثها عديد المرات ولا تزال على اليوتيوب وقد مر على بثها ما يقارب العشرين سنة الستم معي ان الحب قاسم مشترك اعظم بين كل الاديان وان الحب هوالعلامة الحقيقية للايمان وان الحب هو اشد مايحتاج اليه الانسان في هذا الزمان