أثارت قيادية في حركة النهضة التونسية جدلاً سياسياً كبيراً في البلاد، بعدما اعتبرت أن الرئيس السابق منصف المرزوقي «أفضل» من الرئيسين السابقين، الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، حيث ذهب البعض إلى مهاجمتها على اعتبار أنها تحاول الإساءة إلى بورقيبة، فيما دعا آخرون إلى نزع القداسة عن بورقيبة، ولجأ طرف ثالث إلى نشر استطلاعات إلكترونية للمقارنة بين الرجلين. وقالت البرلمانية محرزية العبيدي لإحدى الإذاعات الخاصة، إن منصف المرزوقي هو أفضل رئيس لتونس، مشيرة إلى أنه يتفوّق على بورقيبة وبن علي، على اعتبار أن المرزوقي «تعرض للظلم كثيراً، وهو الأفضل لكونه حاول تجسيد أفكاره ومبادئه واحترامه لحقوق الإنسان على أرض الواقع». لكن العبيدي قالت إنها لا ترغب في مقارنة المرزوقي أو بن علي بالحبيب بورقيبة، معتبرة أن الأخير هو رمز للدولة الحديثة في تونس. ودوّنت خولة بن عائشة، النائب عن كتلة الحرة (حزب مشروع تونس) على صفحتها في موقع فيسبوك: «الزميلة محرزية العبيدي في تصريحها لإحدى الإذاعات تجزم بأن المنصف المرزوقي أفضل من الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة. زميلتي العزيزة. لقد أعماك الحقد الأيديولوجي وبالرغم من أن ما قلتيه لا يستحق التعليق، دعيني أذكرك أنّ الزعيم الحبيب بورقيبة هو باني الدولة الوطنية الحديثة، حرر تونس من الاستعمار، استمات في الدفاع عن حقوق المرأة وحررها، كان ضامناً للحقوق الاجتماعية الإنسانية الأساسية من صحة وتعليم. ولو أنني لا أنازعك في إعجابك بالمنصف المرزوقي لأنه أمر يخصك ، فإن وضعه في مقارنة مع الزعيم بورقيبة يعنينا جميعاً». وكتب الوزير السابق سليم بن حميدان: «مقارنة الرئيس المرزوقي بسفّاح بيدوفيلي (متحرش بالأطفال) اسمه بورقيبة إساءة أخلاقية وجهل بالتاريخ. أنتظر من النائبة محرزية العبيدي اعتذاراً علنياً». وأضاف في تدوينة لاحقاً، رداً على الهجمات التي تعرض لها بعد انتقاده لبورقيبة: «نقلت شهادة في بورقيبة ولم أكن أعلم أنه إله عند بعضهم. كل من علّق منهم إما استعمل السب بدل الحجة أو تخفى وراء اسم مستعار (…) لم أكن أعلم أن ديانة أخرى في تونس اسمها البورقيبية. من خالفها أو نقد مقدساتها فقد كفر. وتلك عقيدة أتباعها! الجهل هو الإرهاب». وتحت عنوان «محرزية استيقظت وأنت متى؟»، دون الكاتب نصر الدين السويلمي: «لأن الوطن أكبر من الأشخاص، تتغنى الشعوب بأوطانها، وتلك هي القاعدة السليمة، أما الأيبولا التي بيننا فتتغنى بالشخص الوطن! لا يعنيها الشعب ولا تلتفت إلى الأرض والتاريخ والأحداث، ما يعنيها هو الشخص الذي ارتقى إلى سلم الزعامة بالدم وأثث عرشه من جماجم الفلاقة (…) محرزية تستطيع أن تفرق بين الديكتاتور والدكتور، وتعرف من تسلم السلطة بالدم وخرج منها كوم لحم (في إشارة إلى بورقيبة) وتعرف من وصل للقصر الفجر على دبابة وهرب في الليل بطيارة (في إشارة إلى بن علي). ودفع الجدل المُثار حول تصريح محرزية العبيدي، بعض الصفحات الاجتماعية إلى نشر استطلاعات إلكترونية للمقارنة بين بورقيبة والمرزوقي. ودوّن الباحث والمحلل عادل اللطيفي: «استمعت إلى تصريح محرزية العبيدي في الراديو حول بورقيبة والمرزوقي. والحقيقة – ومن باب الموضوعية- أن ما قالته لا علاقة له بما يتم تداوله على «فيسبوك». لأنه كالعادة تم اختيار عنوان للمقال لا يعكس المحتوى، فكانت مغالطة التونسيين وهي جريمة من طرف الصحافي بالمعنى الأخلاقي. أولاً، السؤال للمقارنة بين المرزوقي وبورقيبة بادرت به الصحافية وليست النائبة. والحال أن لا مقارنة من وجهة نظر تاريخية. ثانياً، سألت الصحافية أيهما تختارين اليوم فأجابت محرزية: اختار المرزوقي. وهذا عادي في فكرها وباعتبار سياقنا اليوم سياق ديمقراطي وليس سياق بناء وطني. ثالثاً، وهذا الأهم- أنهت محرزية العبيدي كلامها بأنه لا تجوز المقارنة بين الاثنين لأن بورقيبة رمز من رموز تونس وهو باني الدولة الحديثة ولا يقارن بغيره. أخيراً، من الغباء انتظار ذم لبورقيبة اليوم من قيادات النهضة». وكان سياسيون ورجال دين تونسيون دعوا إلى رفع القداسة عن صورة الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، مشيرين إلى أنه يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية في البلاد، فيما كشف موقع إخباري عن وثيقة تاريخية قال إنها تؤكد «خيانة» الزعيم الراحل لدماء التونسيين عبر اتفاقية الاستقلال التي وقعها مع فرنسا، حيث لم تتضمن الاتفاقية سيادة الدولة التونسية على ثرواتها، فضلاً عن «ضلوع» بورقيبة في عملية اغتيال الزعيم صالح بن يوسف الذي كان على خلاف كبير معه.