الخطأ بشري و يمكن إصلاحه و لكنه يصبح خطيئة إذا واصلنا السير فيه و لم نعدل المسار الكل يعلم أن بلادنا لم تخرج من أزماتها بثورة حصدت أرواح الشباب بل تفاقمت معضلاتها بتردي إقتصادها و هبوط دينارها و تضاعف ديونها و استفحال بطالتها و انعدام أمنها و عوض أن نعيد النظر في الأخطاء التي أوصلتنا إلى الطريق المسدودة تصحيحا وتفكيرا و تشاورا ظلت النخبة السياسية تتخبط في مباراة التسابق الى المناصب و تخوين الخصوم و ضاعت مصالح التوانسة في خضم اللهاث على المواقع و تكسير العضام. من فكر في إعادة الإعتبار للفلاحة ؟ و إعادة الإعتبار للقطاع العام ؟ من فكر في إنشاء لجان وطنية تلائم بين التعليم و سوق الشغل ؟ من خطط لتمكين الشعب من ثرواته بالشفافية واستقلال القرار ؟ من تصدى للعنف و الإرهاب و البراكاجات بتشخيص صادق أمين لهذه الأفات لا بالركون للأديولوجيات الدخيلة و اتهام المنافسين بالارهاب الوهمي ؟ من أعاد للشعب صلاته القوية بالأخلاق و بالدين عوض إرضاء القوى الأجنبية بما يخدم مصالحهم؟ أسئلة علمني ابتعادي الجغرافي المؤقت أن أطرحها بدون أية نية سياسوية أو انتخابية وبدون أي حقد على هذا أو ذاك من النخبة التونسية فأنا ساهمت بما قدر الله لي خلال نصف قرن في قول ما أعتقده الحق و بسبب تمسكي بجملة من القيم أصابني ما أصاب الصابرين من منافي و ملاحقات بل كان الله رحيما بي و تحملت أقل مما تحمله المناضلون و لم أفكر لا في تعويض و لا في توظيف بضاعة كفاح ! بل تخليت عن حقي في تقاعد أستحقه دون امتياز لأنني عملت في الدولة 22 عاما ثم قيل لي أن ملفاتي ضاعت ! و بعد أن ترأست باسم تونس مؤتمرات برلمانية عالمية في الثمانينات و لوحقت من طرف (أنتربول) تسعة أعوام أتقاضى من صندوق التقاعد 570 دينار الى اليوم ! في حين يتقاضى وزراء بن علي الذين ظلموني و نهشوا لحمي حيا 3000 د! أنا الذي عايشت ملحمة المقاومة الفكرية السلمية للإستبداد مدة 23 سنة الى أن عينني الرئيس بن علي سفيرا لتونس لدى دولة قطر و يعلم الله كيف خدمت وطني و مضطهديه من الدوحة كسفير كما بدأت ذلك في قناة الجزيرة منذ تأسيسها عام 1996 ثم كنت وراء ما يسمى الوفاق لاطفاء الحريق الاجتماعي و الاحتقان السياسي سنة 2011 حيث وظفت ثقة الشيخين في شخصي المتواضع و أعددت اللقاءات التاريخية بين الشيخ راشد و سي الباجي من تونس الى فندق البريستول بباريس مع نخبة مؤمنة بالوفاق و أنا أعلم أسرار و خلفيات ما ساهمت في تأسيسه رغم أنه انتكس وتراجع فيما بعد. تكلم هذه الأيام صديق المنافي أحمد بن صالح أطال الله عمره فقال للتونسيين إعتبروا بما حدث عام 2014 و لا تحولوا الخطأ إلى خطيئة في أكتوبر القادم. كان الله في عون تونس و بوأها المنزلة العليا التي تستحق فليست ماليزيا و لا كوريا الجنوبية و لا سنغفورة و لا تركيا بأكثر مقدرات منا و قد كنا متساوين مع هذه الأمم عام 1973 بشهادة برنامج الأممالمتحدة للتنمية ! ماذا حدث لنا حتى تصبح كل الميزانية التونسية تساوي ثلث ميزانية (سامسونغ) !!! أدعوكم الى التفكير لأنكم أحفاد ابن خلدون و سحنون بن سعيد التنوخي و بن الجزار الطبيب و حرائر نسائنا من صلب أروى القيروانية و فاطمة الفهرية و العزيزة عثمانة و شريفة بن مراد ! الله الموفق الى سواء السبيل.