لن يتحقق و يكتمل النموذج الا متى نجحنا من ناحية في تطبيع الحياة السياسية التونسية عبر اقرار الفصل بين الدين و السياسة و من ناحية أخرى عبر الإلتزام الفعلي للدولة باحترام حدود الدين و تفعيل احكامه . أما النموذج التركي الاردوغاني البعيد كل البعد عن معايير الممارسة الديمقراطية فيما يتعلق بحرية الاعلام و استقلال القضاء و الذي تسبب في انقسام مجتمعي حاد بين اسلاميين و علمانيين و فرط في جل المؤسسات المالية و العمومية التركية أثر تبنيه لنهج اقتصادي ليبرالي لن يلبث ان يدخل في انسداد و ازمة هيكلية و مالية حادة قد تجلت جل بوادرها و مؤشراتها خصوصاً بعد الهجوم الامريكي الأخير على العملة التركية ، فلا يصلح ان يحتذى به رغم المحاولات الياءسة للدكتاتور رجب طيب اردوغان في دغدغة مشاعر المسلمين و خصوصاً في منطقتنا العربية و تزعمه الفعلي لتيار الاخوان المسلمين الذي ما ان حل ببلد ما الا حل معه الانقسام و الخراب .
تونس راءدة الأمة الاسلامية ، و صاحبة التاريخ العريق ، هي اليوم اقرب من أي جهة أخرى لتقديم النموذج الحضاري الذي يزاوج بين الاسلام و الديمقراطية من دون السقوط في الخلط المسيء في نفس الوقت للدين و للسياسة . يتطلب الأمر جرءة و شجاعة ، نغلب فيها صوت العلم و الحكمة و نرفع فيها مصلحة الوطن و الأمة قبل المصالح الحزبية السياسوية و الشخصية الضيقة .
كما أشير في الأخير ، الى ان الشان التركي الداخلي هو بالطبع من شان الاتراك ، لكن فقط على السيد اردوغان ان يتوقف عن التدخل المباشر و غير المباشر في شؤون غيره من الدول و ان يستفيق من وهمه بزعامة العالم الاسلامي و ان يدرك انه بعيد كل البعد عن تقديم النماذج أو اعطاء الدروس .