هل تعرفون الجراح العشر التي وردت في الإنجيل (فصل الهجرة أو النزوح) Les dix plaies d'Egypteو هي الجراح التي حكم بها على مصر رب التوراة و الإنجيل عقابا مسلطا على فرعون و ذهب هذا المصطلح مذهب الأمثال منذ العصور الغابرة و لا أحد طبعا من العلماء و فقهاء اليهودية و المسيحية أكد تاريخية الأسطورة لكنها اشتهرت في المجتمعات الشرقية كقصة عقاب رباني لكل استبداد و كل ظلم يصدران عن أي فرعون قديم أو جديد (وهم كثر لدينا) و الغريب أن شعوبا عديدة تعاني ويلات حكام أو دول ظلموها فعوقبت الأمم بالجراح المصرية العشر و ربما تخلصت شعوب من المستبدين لكنها عانت ويلاتها العشر من جراء غياب وعيها أو في لحظة غفلة تاريخية مرت بها حتى ولو عدل حكامها و تعالوا معي في رحلة أسطورية نتأمل في جراح مصر العشر التي صنفها الإنجيل كالتالي : 1) أصبحت الأنهار تسيل دما قانيا عوض المياه الرقراقة 2) غزت الضفادع كل غدير تنقنق 3) امتلأت المدن و الأرياف بالبعوض (اليوم يحمل المالاريا) 4) هجم الذباب على البيوت (اليوم من جراء المزابل المتراكمة كما تعلمون) 5) أصيبت قطعان البقر و الضأن بأمراض قضت عليها (اليوم جنون البقر و حمى الدجاج) 6) طفح على جلود الناس دمل و قروح تنزف (أي ما كنا نعتقد أن دولة الاستقلال قضت على الأوبئة سامحنا الله!) 7) تساقط البرد و الثلج على الناس رغم اعتدال الطقس فألزمهم بيوتهم بحثا عن الدفء (لا بد أنكم شاهدتم ما قاسته بعض جهاتنا تحت الثلوج و بعض العائلات بلا بيت يأويها زارتها كاميرات القنوات أو بعض الجمعيات الخيرية حين غابت السلطات!) 8) جاءت جحافل الجراد مؤذنة بهلاك المحاصيل حتى اسودت السماء بهذه الأفات الطائرة تلتهم المحاصيل 9) عسعست الظلمات و انسحب نور الشمس فاسود الأفق 10) مات الولدان الذين وضعتهم أمهاتهم أحياء بعد سويعات من ميلادهم فثكلتهم الأمهات وبكاهم الأباء حسرة (ما أدق الأسطورة هنا كأنها تقص علينا الحدث مباشرة من مستشفى الرابطة التونسي حيث استشهد 15 رضيعا بسبب سيروم مسموم حقنوا به و أكيد أن من اقتناه قبض فيه رشوة!فاستقال الوزير و لم يستقل الفساد) !!! هذه هي أسطورة الإنجيل في فصل النزوح كما جاءت بالحرف وهو مما أثار فضولي للمقارنة بين العشرعقوبات إلهية التي جرحت مصر الفرعونية وبين ما يقع في كثير من بلدان عربية مرت بثورات ما يسمى الربيع ثم أفاقت على كابوس خريف رهيب لكنه أتاح بعض الحريات مثل الكلام المباح! فسبحان الله الذي ذكر أفات تعفن البيئة قبل أن تعي الشعوب ضرورة الحفاظ على البيئة بل إن حكومات تونس على سبيل المثال أنشأت للبيئة وزارة ...و شرطة سميت شرطة البيئة وسنت قوانين زجرية لمعاقبة المخالفين و كانت النتيجة أن تراكمت الفضلات و أصيبت تونس بعد إنشاء الوزارة وتوزيع شرطتها تقريبا بكل ما أصيبت به مصر الفرعونية من بعوض و ذباب و تلوث أنهارها و نفوق ماشيتها باعتراف الحكومة و خصومها معا ! أما العقاب التاسع وهو نزول الظلمات الحالكة فهي تذكرك يا قارئي العزيز بانقطاع الكهرباء في كل بلدان الربيع فلا المستشفيات سلمت و كثيرا ما يذهب المواطن العربي إلى مرفق عمومي مثل بنك أو بلدية أو إدارة فيقال له عد غدا لأن (السيستم) معطل أو "متبلوكي" من العبارة الأنجليزية (بلوكد) وهذا يشبه الجرح التوراتي التاسع أي أن الظلام الدامس ساد الأمة وهو ما عطل مفاعلات الكهرباء و حركة الطيران المدني و توفي مرضى يحتاجون الى تصفية الدم أو الى عملية جراحية و عن فقدان الأدوية حدث ولا حرج فهذه المصيبة ظلمات فوقها ظلمات و وزارة الثقافة عندنا في تونس مثلا سمحت أن يتقاضى المهرج الفرنسي المغربي ( جمال دبوز) مائة و عشرين ألف يورو بالعملة الصعبة ليقوم بإضحاك جمهور مهرجان قرطاج على... رئيس جمهوريتنا و كذلك تقاضت المغنية اللبنانية هيفاء وهبي ضعف هذا المبلغ و أيضا المطرب بهي الطلعة راغب علامة او الفنان كاظم الساهر نفس الالاف من الدولارات وبالطبع وجدت الصيدلية المركزية التونسية صعوبات في تسديد فواتيرالأدوية المستوردة من أوروبا (التي لم نصنعها نحن رغم كوادرنا المقتدرة!) لأن الفنانين العرب لهفوا ثمن الأدوية !!! فما كان ضرنا لو غنى فنانونا التوانسة بالدينارعوضا عنهم فلا أجمل من أصوات تونسية غيبوها لتحل محلها أصوات مستوردة ليست أفضل منها!! الى اليوم أتعجب من غياب الأولويات في وطني أي فقدان المنطق! ألم أقل لكم أن اللعنات العشرة أصابتنا وهي من حكمة الأساطير الغيبية العجيبة!