دعوني منذ البداية أجزم و أنّ شعار الكيل بمكيالين أصبح العملة المتداولة في كلّ العالم و بدون استثناء و لا يتسع المجالللتدليل على ذلك و لكن سنقتصر فقط على حادثة هزّت كلّ العالم - منذ أيّام - و لكن بالرغم من ثقلها و وحشيتها و ما تسببت فيه من حزن لم تلق التأييد الذي ليقيته الدورية الصحفية الساخرة " شارلي هبدو " حين هاجمها أحد الارهابيين و قتها و بمناسبة تلك الحادثة الأليمة و لا شك الكل يرفع شعار " كلّنا شارلي هبدو" و السؤال هنا أين هذا الشعار من العملية الارهابية بامتياز التي ارتكبت منذ أسبوع فقط و ذهب ضحيتها حوالي 50 نفرا من المسلمين – نحسبهم شهداء عند الله – و ذلك يوم الجمعة الفارط بمناسبة صلاة الجمعة بمسجد نور بالنيوزيلندا..؟ حقيقة غياب هذا شعار '" كلّنا مسجد نور " و الحملة المحتشمة و المنددة للمجتمع الدولي تعاطفا مع العملية الارهابية على مصلين بالمسجد، لا ذنب لهم سوى أنّهم لبوا نداء الرحمان عزّ و جلّ لتأدية صلاة الجمعة ليكونوا حطبا لأحقاد دفينة ضد المسلمين و الاسلام عموما من قبل أوغاد عمت الأحقاد بصيرتهم و قلوبهم و بالتالي أين غاب هذا الشعار بل نضيف و حتّى المجتمع الدولي لم يعط حقّ هذه العملية حقّها من التأييد و التعاطف و لم تصفها جلّ السلطات بالعملية الارهابية بلالبعض وصفها بالعمل الجبان و البعض الآخر عبّر عن أسفه و قلقهلهكذا عملية و لم تصفها و لو جهة رسمية أممية بالعمل الارهابي و الغريب أيضا و أنّه بمناسبة الهجوم على " صحيفة شارلي هبدو" زار فرنسا تقريبا كلّ الشخصيات الرسمية ، من كلّ أنحاء العالم، منددة و مؤازرة و لكن في المقابل لم تؤثر عملية مسجد نور رغم الفارق في عدد الضحايا أيّ مسؤول لا عربي و لا غربي للمواساة و التنديد و التعبير عن رفضه لمثل هذه العمليات الارهابية التي طالت حتّى المساجد و ما تحملها في طياتها من معاني خطيرة . و حتّى نكون منصفين نثمّن ما قامت به رئيسة وزراء نيوزيلندا السيدة " جياسندا أردين " لتوجهها إلى مدينة " كراستتشيرش النيوزيلندية " و إلقاء كلمة مؤثرة عقب انتهاء صلاة هذه الجمعة بين المسلمين مواسية إياهم و معبّرة على تضامنها مع ذوي الضحايا و الأهم من ذلك و أنّها ارتدت حجابا أسودا و في مجريات كلمتها استشهدت - أمام حوالي 5 ألاف شخص في حديقة " هاغلي" القريبة من المسجد مسرح العملية الارهابية – بالحديث النبوي الذي يقول " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو اداعى له سائر الأعضاء بالسهر و الحمّى " و هنا لا يسعنا إلاّ نبارك لهذه المسؤولة هذه الحركة النبيلة التي تحمل أكثر من معاني المواساة و التضامن مع أيّا كانت ديانته فقط نختم ورقتنا بسؤال نوجهه إلى المجتمع الدولي و مفاده لماذا التعامل مع الأحداث بمقياس المكيالين و نسأل أيضا لو – لا قدّر الله – أتى تلك الفعلة الشنيعة " مسلم " ضدّ أحدى دور الصلاة، لديانات أخرى غير المساجد من كنائس و غيرها، هل سيكون ردّ فعل المجتمع الدولي باهتا كما تمّ مع العملية الارهابية التي طالت أحد مساجد المسلمين بنيوزلندا و راح ضحيتها 50 مسلما من فلسطين و الأردن و سوريا و باكستان و الهند و ماليزيا و أندونيسيا و تركيا و الصومال وبنغلادش فهل تحمل شرايين هؤلاء الضحايا المسلمين دماء أم ماء؟