عاد الطبال والزكار لاستقبال بعض المترشحين والمترشحات في تونس فعادت بنا صورهم الفلكلورية للخمسينات و قد اعتقدنا أنها من ماض لا يعود بما فيه لكنها عادت مع إضافة (اكسسوارات مضحكة) مثل ركوب الخيل لكن غرة جوان 55 يستحيل رسكلتها لأن الذين استقبلوا الزعيم منذ64عاما في حلق الوادي اكتشف أغلبهم أنهم أعطوا صكا على بياض لرجل واحد لا لدولة استقلال حقيقي ذات مؤسسات! فأصاب الزعيم وأخطأ ككل البشر و أول المستقبلات يوم غرة جوان للاعايشة بنت الأمين باي و الزعيم يقبل يدها على مدرج الباخرة (ارجعوا لليوتوب غرة جوان 1955) و بعد عامين أخرجها نفس الزعيم الذي قبل يدها هي و والدها المغفور له ملك تونس و العائلة المالكة أذلاء مقهورين يبيتون على الأرض فوق جرايات قرط في منوبة و سلبهم أولاد الحلال من (طرابلسية ذلك الزمن) مصوغهم ليلبسوه لا ليصادروه لفائدة الدولة ! كما أن نصف المستقبلين كانوا من الأمانة العامة و لا يفرقون بين الزعيمين بورقيبة و بن يوسف و بعد عودتهم من حلق الوادي أخذ بعضهم الى وادي الموت في صباط الظلام و سجن غار الملح مكبلين بالقيود أما الشخصيات التي استقبلت أو رافقت بورقيبة وهو على الحصان و شاءت الأقدار أن أعرفها شخصيا بعد سنوات و أستمع لشهاداتها فهي على سبيل المثال السيدة ماتيلد (مفيدة) أم الحبيب التي زرتها في بيتها بالبلفيدير بفضل صديقها المرحوم عزوز الرباعي و قد طلقها الزعيم بطريقة (إذهبي فأنت طالق) و السيدة وسيلة التي طلقتها سعيدة ساسي من بورقيبة بنفس الطريقة و كذلك عزوز الرباعي نفسه المقاوم العنيد الذي سجن في أحداث 9 أفريل 38 و عمره 17 سنة أودعه بورقيبة السجن سنة 65 فيما يعرف بقضية الديوانة ثم أهانه بعبارة (بياع الورق) و أحمد بن صالح الذي كان منظم الاستقبال الجماهيري في الميناء وهو وريث حشاد في رئاسة الإتحاد أودع السجن كبش فداء حين أخفق التعاضد عام 70 و الباهي الأدغم الذي نعته الرئيس بسبة (شك لحم) بعد أن كان سجينا في (لامبيز) الرهيب بالجزائر و هل أحدثكم عن رفقاء بورقيبة في المنافي و برج البوف أمثال المرحوم محمود الماطري الذي حدثني عن كثير من الأسرار عام1972حين قابلته عندما أثار بورقيبة في محاضراته بمعهد الصحافة عن سيرة حياته خيانة رفاقه جميعا و طعن في وطنيتهم وهي قضايا حدثني عنها الزعيم بورقيبة شخصيا عديد المرات بصفتي مديرا لجريدته (العمل) وكثيرا ما كان يقول لي (أنت تحتل أول كرسي لي وهو مدير جريدة العمل التي أسستها أنا عام 1934) كما أني دونت أسرار المقاوم الأمين المرحوم حسين التريكي الذي حوكم بالإعدام ثلاث مرات ثم و أخيرا في منفاي ما باح لي به المرحوم محمود بلحسين لأنه كان جاري في مدينة (رمبولييه) بفرنسا وهو الصندوق الأسود لعصر كامل و طويل..كان خلاله مرافقا لصيقا بالزعيم .في يوم من الأيام منذ سنوات التقيت بصديق بورقيبة الصحفي الفرنسي الكبير (جون دانيال) مؤسس و مدير (لونوفال ابسرفاتور)و سألته و كنا في حفل السفارة القطرية بباريس :" أنت اشتهرت بكلمة قلتها و كتبتها عن صديقك الزعيم وهي (مفترس الرجال) فقال لي نعم و بدأ بافتراس شقيقيه في الثلاثينات. و أنا اليوم عام 2019 حين أحدث الشباب التوانسة عن هذه الحقائق فأنا لا أتنكر لوفائي لبورقيبة كمؤسس الدولة الحديثة بالتعليم و الصحة و إلغاء القبلية و العروشية بل بالعكس أفيدهم بعبر التاريخ و قديما قال الإمام علي كرم الله وجهه (ما أكثر العبر و ما أقل الإعتبار) و لم أثر هذه الحقائق إلا لأنني في منفاي و في عهد بورقيبة الذي رفتني من الحزب و كنت مقررا للجنة المركزية عام 1986 أول ما فعلناه منذ نوفمبر87 هو اتصالاتنا الكثيفة أنا و مزالي و بنور و علي السعيدي و الشاذلي الأخضر بأعضاء البرلمان الأوروبي ليدرجوا قضية سجن بورقيبة في المنستير ضمن أجندة البرلمان و استجاب لنا أحد كبار أعضائه صديقي الوفي (برنار ستازي) الوزير السابق الشهم و رئيس بلدية (إبرنيه) بإصدار بيان ندد فيه بتقييد حرية الزعيم أما هؤلاء الذين يدعون اليوم في غفلة من الدهر أنهم ورثة بورقيبة و يركبون مثله الخيول فلم يكونوا موجودين بتاتا بل كان أغلبهم قبل ركوب خيول اليوم يركبون الأحداث و يبتزون أٌقوياء ذلك العهد و يسكتون كالشياطين الخرس عن المظالم و السجون و المنافي التي طالتنا. غفر الله لنا ولهم !!أما الإنتماء الى الحزب الدستوري فأنا عضو في شعبة حي الجامع بالقيروان دفعت مائة مليم لنيل اشتراكي من رئيس الشعبة عم الطيب الباجي لعام 1959 وكنت مراهقا أتبع طريق المعلمين الدستوريين البررة أمثال الطاهر عطاء الله ومحمد بودخان وهو ممن حضروا مؤتمر قصر هلال يوم 2 مارس 34 مع المغفور لهم الشاذلي عطاالله والهذيلي بوقميزة والطاهر طقطق نوابا عن القيروان فأسسوا الحزب الذي يصادره اليوم بعض المتسلقين و لله الأمر من قبل و من بعد.