مستجدات الوضع الصحي للأستاذ الذي تعرض للطعن على يد تلميذه..    انطلاق الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    معرض تونس الدولي للكتاب يفتح أبوابه اليوم    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    رابطة ابطال افريقيا (ذهاب نصف النهائي) : الترجي الرياضي يواجه صان داونز بحثا عن تعبيد الطريق الى النهائي    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    كأس تونس: تشكيلة النادي الصفاقسي في مواجهة مستقبل المرسى    تفكيك وفاق إجرامي من أجل ترويج المخدرات وحجز كميات هامة من المواد المخدرة    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الاخيرة    تنبيه/ رياح قوية على هذه المناطق في تونس..#خبر_عاجل    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    غلق 11 قاعة بمعهد دوز و السبب ؟    وزيرة التربية تتعهد بإنتداب الأساتذة النواب    الخارجية: نتابع عن كثب الوضع الصحي للفنان الهادي ولد باب الله    رفعَ ارباحه ب 43%: بنك الوفاق الدولي يحقق أعلى مردود في القطاع المصرفي    كأس تونس لكرة السلة: إتحاد الانصار والملعب النابلي إلى ربع النهائي    النجم الساحلي: غيابات بالجملة في مواجهة كأس تونس    ثبَتَ سعر الفائدة الرئيسي.. البنك المركزي الصيني يحافظ على توازن السوق النقدية    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    الافراج عن كاتب عام نقابة تونس للطرقات السيارة    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ بعد منع عائلات الموقوفين من الوصول الى المرناقية: دليلة مصدق تفجرها..    برج السدرية: انزلاق حافلة تقل سياحا من جنسيات مختلفة    وزير السياحة يلتقي رئيس الغرفة الوطنية للنقل السياحي    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    بعد فيضانات الإمارات وعُمان.. خبيرة أرصاد تكشف سراً خطيراً لم يحدث منذ 75 عاما    التوقعات الجوية لهذا اليوم..سحب كثيفة مع الأمطار..    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    بورصة تونس: "توننداكس" يقفل حصة الخميس على استقرار    رياح قوية    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم: اقتصاد على هوة الإفلاس..وآفة التهريب تستفحل!
نشر في الصريح يوم 18 - 05 - 2019

تبنى الإقتصادات على تراكم الثروة داخل البلاد مما يستخرج من باطن الأرض أو مما يضيفه العاملون في الدولة لإقتصاد بلدهم من ناتج عملهم.وكلما كان هذا التراكم كبيرا،وكلما كان المواطنون والمقيمون يعملون بأقصى وأكفأ إنتاجية،كان ذلك مؤشرا على قوة بنيان الإقتصاد وقدرته على توليد الثروة وتراكمها لصالح الأجيال القادمة. ولكن يشترط لتفعيل وظهور هذه القوة في بنيان الاقتصاد،أن تسد كل منافذ التهريب للثروة الوطنية من الداخل إلى الخارج،بعيدا عن أعين الرقابة الساهرة على حماية وتأمين الاقتصاد الوطني.فالتهريب له مخاطره على أي اقتصاد مهما كان قويا وكبيرا،فهو بمثابة استنزاف لثروات الوطن لصالح المهربين فقط،وحرمان لكل أبناء المجتمع من ثمرة الثروة المولدة أو المستخرجة في الوطن.
لا يخلو مجتمع من أفراد يعيشون من مخالفتهم المقصودة للقوانين،ويسعون إلى مختلف الوسائل الملتوية،من أجل الإثراء على حساب بقية المواطنين واستقرار الدولة.
وإذا كانت ظاهرة الإقتصاد الموازي قد اخترقت كل المجتمعات تقريباً،ومنها الرأسمالية الكبرى،إلا أنها في تونس أضحت تهدد استمرارية الدولة،بعد أن أصبحت تمنع الاقتصاد الوطني من الإنتعاش،وتحقيق نسق تصاعدي من النمو الضروري جداً لإخراج البلد من الدوامة المقيتة.
لقد وصلت نسبة الإقتصاد الموازي في تونس،اليوم،إلى حدود 54%،وتقدّر نسبة التجارة الموازية ب30%.وتحوّل نظام التهريب في تونس إلى واقع مفزع تؤكده الأرقام وتثبته الوقائع اليومية،خاصة بعد أن دخل تجار التهريب أيضاً منظومة الحراك الاحتجاجي الثوري،شأنهم شأن أي موظف عادي.. !فقد شهدت مدينة بنقردان،معقل المهربين،في 29 تشرين الاول/أكتوبر 2014،احتجاجات من قبل رجال التهريب،حيث جرى إغلاق الطريق المؤدي للمدخل الجنوبي للمدينة نتيجة لإشعال الإطارات المطاطية،وذلك احتجاجاً على ما وصفوه بالاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها تجار المحروقات المهربة عبر الحدود التونسية الليبية،من طرف الوحدات العسكرية الموجودة عند الشريط الحدودي.
في هذا السياق يقول المحلل الإقتصادي ووزير المالية الأسبق،حسين الديماسي،بأنّ القضاء على ظاهرة التهريب قد أصبح حلماً صعب المنال في تونس بعد الثورة.ويؤكد الديماسي بأنّه من الضروري البحث عن آليات أخرى لمحاولة الحد من الظاهرة،وتطويعها قدر الإمكان لخدمة الاقتصاد الوطني إيجاباً،ولو نسبياً.
وتشير إحصائيات،نشرتها وزارة التجارة التونسية،إلى أنَّ التهريب يكبّد تونس سنوياً خسائر تقدّر ب3.6 مليار دولار.
هذا،وتشهد الحدود التونسية الليبية ومنذ اندلاع الثورة في البلدين حالة من الإنفلات الأمني بسبب اعتماد عدد كبير من المهربين على كسب الأموال بطرق غير مشروعة من المدّخرات الوطنية التي تولد عنها انهاك الإقتصاد وجيب المواطن البسيط ذي الدخل الضعيف والذي أصبح يجد نفسه عاجزا عن توفير ما تتطلبه الحياة اليومية بسبب ارتفاع الأسعار. وكانت المواد المهرّبة متأتية من عدة مناطق من التراب التونسي لتكون نقطة العبور إلى التراب الليبي إما عبر معبر» راس جدير»أو منطقة «الجمال»أو «المقاسمة «.
وتشمل عمليات التهريب الخضر والغلال واللحوم والدجاج والبيض وحتى رؤوس الأبقار والإبل والأغنام والماعز.. وقدّرت دراسة صادرة السنة المنصرمة عن البنك الدولي قيمة المواد المهربة على الحدود التونسية البرية بنحو 2 مليار دينار تونسي (1.2مليار دولار) سنويا. وقال لطفي العيادي،وهو مستشار لدى البنك الدولي في تونس،ان الدراسة التي قام بها البنك الدولي تعد بمثابة تقييم تقريبي لقيمة وكمية المواد المهربة على الحدود التونسية البرية.
وأضاف أن أهم المواد التي يتم تهريبها هي المحروقات (الوقود) والملابس الجاهزة والغلال والأجهزة المنزلية.
وبحسب واضعي الدراسة فإن تهريب المحروقات،على خلاف بقية المواد الاُخرى التي يتم تهريبها عبر الحدود،لا يكبد الدولة التونسية مباشرة أي خسائر،بينما يتضرر التجار الذين يحترمون القواعد القانونية في تجارة المحروقات من التهريب.
وأضافت الدراسة أن الأسباب التي تؤدي إلى تفاقم ظاهرة التهريب في تونس متعددة وأهمها إرتفاع الرسوم الضريبية،التي تصل في بعض الأحيان إلى 100.%
إنّ المواطن التونسي-اليوم-مكبّل بلهيب أسعار حاجياته اليوميّة،أسعار تفرضها سماسرة-القوت- و تتحكّم فيها المسالك السوداء لأباطرة التهريب.هذا في الوقت الذي تحدثت فيه جميع الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة في تونس عن مخاطر التجارة الموازية،ورفعت شعار محاربة التهريب.لكن،لا أحد نجح في وضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة.
أقول هذا،وأنا على يقين بأنّ هناك أبعادا اقتصادية واجتماعية لمسألة التهريب، لا يجوز التغافل عنها، حيث ليس من السر أن عائلات أو حتى مناطق بأكملها تعيش من التهريب، أدى انحلال الدولة وتفكك أدوات وأجهزة الإدارة والتسيب الشامل والوضع على الحدود خاصة الليبية إلى نسج نوع من الربط العضوي بين التهريب والإرهاب، دون أن يكون ذلك منفصلا عن الفساد بارتباط ببعض الأجهزة الإدارية حتى وإن كانت أقلية.و بالتالي فإن المعالجة لهذا التشابك تنطلق من الإقرار بهذا الواقع لمواجهته على عدة أصعدة، عن طريق التنمية والتشغيل والتخفيض من الأداءات الجمركية حتى يتدنى تأثيرها التحفيزي على التهريب، و»تنظيم التجارة الموازية»فيما يخص أولا إلتزام العاملين بها بالقطع مع كل ما يتصل بالإرهاب وثانيا شفافية المعاملات ومراقبة قائمة المواد والأسعار وثالثا استعمال جزء من العائدات للتنمية والتشغيل.
ويظل السؤال مطروحا حول كيفية معالجة هذه الآفة التي تنخر البلاد والعباد خصوصا وأنّ اقتصادنا أشرف على هوة الإفلاس وغدا منها على الشفير.. !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.