كم هو غريب وكم هوعجيب وكم هو محير امر المسلمين فكل شعوب العالم تزداد كل يوم قربا واتفاقا وانسجاما وتالفا فيما بينها بينما المسلمون يزدادون كل يوم فرقة واختلافا وتباعدا وتنافرا واظن ان امرهم سيستمر على هذا الحال من التشتت والاختلاف الى ان يرث الله الارض ومن عليها وهو خير الوارثين وليس أدل على ما اقول اكثر من اختلافهم في تحديد موعد دخول وخروج شهرالصيام منذ سنوات ومنذ اعوام ولئن كان هذا الخلاف مقبولا لدى قدماء المسلمين فانه طبعا وحتما ليس مقبولا ولا مسموحا به في هذا الزمن وهذا الوقت وهذا الحين فوسائل رصد الهلال فلكيا ووسائل الاتصال علميا وتقنيا اصبحت متوفرة لدى اغلب البلدان الاسلامية ففيم خلافهم في تحديد هذا الدخول وهذا الخروج بهذا الشكل وبهذه الكيفية؟ اولم يقرؤوا ما جاء في كتاب الله تعالى منذ عهود ومنذ قرون(فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)؟ اوليس علماء الفلك واهل الذكر في المراصد الجوية هم اولى الناس بتحديد دخول وخروج شهر الصيام بصفة ثابتة يقينية؟ اولم يسمع اهل الحل والعقد من المسلمين في تحديد موعد عيد الصائمين ان مدير مركز الفلك الدولي محمد عودة يقول( ان جميع المؤسسات الفلكية وجميع المختصين في هذا المجال قد اجمعوا على ان رؤية هلال شوال هذا العام غير ممكنة يوم الاثنين الفارط وهي ليلة رصد هلال العيد بجميع الوسائل من قارة استراليا واسيا وافريقيا واوروبا مما يعني ان الاربعاء غدا سيكون ان شاء الله اول ايام عيد االفطر فلكيا وان القمر سيغيب يوم الاثنين في معظم الدول العربية بعد غياب الشمس بدقيقتين مما سيجعل مهمة رؤية هلال العيد مستحيلة عند الغروب لتكون ممكنة يوم الثلاثاء)؟او لم يصدر هذا البيان المتعلق برؤية هلال العيد لشهر شوال هذا العام ثلاثون عالما من المختصين في علم رؤية الهلال ينتسبون الى اربعة عشر دولة بالتمام وبالكمال؟ اما اذا توجهت بخطابي ومقالي الى المسلمين الصائمين من التونسيين فاني اقول لهم بلسان عربي مبين الم تسمعوا اولم تعلموا ان معهد بلادكم المختص في الرصد الجوي الذي تسالونه وتستفتونه وتصدقونه و تستثيقونه في جميع النشرات الجوية قد اعلن وافاد بانه لا يمكن رؤية هلال بداية شهر شوال لهذه السنة بعد غروب شمس يوم الاثنين بكامل البلدان الاسلامية وانه يمكن فقط رؤية هذا الهلال يوم الثلاثاء الرابع من جوان اي اليوم وقد ايد ذلك الاعلان بحجج علمية فلكية لا ينكرها الا اهل الجهالة والمجادلة العقيمة التافهة السطحية الرعوانية؟ بقي ان اذكر في نهاية هذا اللوم وهذا العتاب على اغلب المسلمين وحتى الذين يدعون ان يفهمون في علم السنة وعلم ذلك الكتاب و الذين يثبت لدى العقلاء يوميا انهم على جهل وعلى تناقض فادح ينطق الصم والبكم كما يقولون من الأجناب ان كثيرا من التونسيين وخاصة من فئة الشباب كانوا في عهد بورقيبة يخالفون مفتي الجمهورية في ذلك الوقت في تحديد بداية وخروج شهر الصيام لان بورقيبة وجماعته لا يعملون بمبدا رؤية الهلال وانما يوكلون تحديد ذينك الموعدين الى مجرد اعتماد ما يقوله اهل الحساب قبل عام او اكثر من عام ...اما اليوم فهل يعقل ان يخرج التونسيون عن تصديق اعلان مفتي الجمهورية في موعدي دخول وخروج شهر رمضان وهو يعمل بمبدا الرؤية التي جاءت بها السنة وجاء بها ذلك الكتاب؟ انني ارى ان الخلاف الحاصل اليوم بين التونسيين وبين المسلمين بصفة عامة في تحديد دخول وخروج شهر الصيام يتلخص في جملة واحدة قالها احد البايات الجهلة المتنطعين لاحد وزرائه وقد راى سربا من الطير فظنه قطيعا من المعز(ما اجمل هذا القطيع من المعز ايها الوزير) فلما اراد الوزير ان يصلح خطا هذا الباي كما يصلح العديد من الوزراء اخطاء ملوكهم ورؤسائهم بحسن القول وسديد الراي رد عليه الباي بمنطق من ظلموا وتجاوزوا الحق وتكبروا وجاروا(انهم معز حتى ولو طاروا) هذا هو بالضبط حال المسلمين اليوم ومنذ حلول عهد تخلفهم المديد الطويل فحياتهم كلها خلاف في خلاف وصراع في صراع ونزاع في نزاع وجهالة في جهالة وجدال في جدال وقد صدق والله من قال فيهم يوما وقد حيره شانهم واصابه وانتابه باصرارهم على الخلاف والتنطع والتناقض الاحباط والحزن والهم والغم فقال بموجز القول ومفيد وختصر الكلم (...يا امة ضحكت من جهلها الامم)