نشرت مجلة جون أفريك في نسختيها الورقية و الإلكترونية حوارا مطولا مع زعيم حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي وهذا نص الحوار مترجما : جون أفريك: ما هو تأثير وضع صحة الرئيس على الانتخابات؟ راشد الغنوشي: أولاً ، دعنا نتمنى الشفاء العاجل لرئيس ، الذي تربطني به علاقة شخصية ومعه بنينا الإجماع الذي حفظ وحدة البلاد. الدستور يحمي تونس و كان واضحا في جميع الحالات حتى لا يكون هناك شغور في السلطة. العملية الديمقراطية لن تتوقف و سيتم إجراء الإنتخابات في موعدها . *شهد يوم 27 جوان أكثر من تفجير إرهابي إستهدف العاصمة التونسية ،لماذا فشلت الدولة في القضاء على الإرهاب ؟ _عموما فقد تم و بشكل كبير التحكم في ظاهرة الإرهاب و القضاء على الإرهابيين ،و هذه المحاولات ليست سوى محاولات يائسة و معزولة ،الهدف منها تعطيل المسار الديمقراطي التونسي و التشويش على الإنتخابات ،و رغم كل ذلك فالديمقراطية قائمة في تونس و ستتوج بإنتخابات ستجرى في مواعيدها الدستورية *منذ 2012 وحركة النهضة طرف رئيسي في الحكم ،ماهو تقييمك لهذه الفترة؟ -سقف التطلعات من الثورة كان عاليا ،و لم تحقق تونس التنمية الإقتصادية المتوقعة و ستنجح في تحقيق ذلك قريبا ،البلاد بحاجة إلى إصلاحات كبرى ،لكن دعنا نقارن الثورة التونسية بالثورات الأخرى ،فرنسا مثلا احتاجت لأكثر من قرن لتجسيد مثل ثورة 1789 و مبادئها ،في العالم العربي وحدها الثورة التونسية تمكنت من الصمود و بقيت على المسار الصحيح منذ 2011.مازلنا في مرحلة إنتقالية ،و سنسعى إلى ترسيخ مقومات الدولة العادلة ،بتعزيز قيمة العمل و دعم المبادرات الشبابية الخاصة و سنقدم في حركة النهضة برنامجا إقتصاديا يأخذ بعين الإعتبار كل هذه النقاط وترسيخ ثقافة العمل . *يعتقد البعض أن تونس تعتمد بشكل مفرط على الأموال التي تمنحها المؤسسات الدولية وهو ما أدى إلى الإرتهان و فقدان السيادة بما في ذلك الإقتصادية . _تونس دولة ذات سيادة و علينا التمييز بين التدخل و العلاقات الإقتصادية ،تونس دولة مستقلة و سيادتها خط أحمر *هناك تململ شعبي كبير ,هل تتفهم ذلك ؟ _نعم هو أمر مشروع و مفهوم بالنظر إلى غلاء المعيش و إنخفاض الأجور و التفاوت الأقاليمي على مستوى التنمية ،و علينا دعم الإستثمارات و جذب المستثمرين ،و هذا لن يتم إلا بالعمل و مضاعفة المجهودات عبر محاربة الفساد و التهريب و هذا أمر حتمي ،يجب أن نؤمن بقدراتنا و ندعم منتجاتنا المحلية ،يجب على التونسيين إستعادة الثقة بالنفس *هل يمكن لنعي البرلمان لمحمد مرسي أن يؤكد علاقة النهضة بالإخوان المسلمين ؟ _هذا سوء فهم ،فقد نعينا الشهيد شكري بلعيد و هو زعيم ماركسي و كذلك الشهيد محمد البراهمي القومي ،فلماذا يكون محمد مرسي إستثناء ؟ فقط لأنه إسلامي ! أذكر أنه في ستينات القرن الماضي طالب الحبيب بورقيبة بالعفو على السيد قطب الذي اعدم في النهاية ،عندما يتعلق الأمر بالموت فستنتفي كل الحساسيات الحزبية و الإيديولوجية ،هناك في تونس أطراف مازالت ترفض التعددية و الإختلاف . *ما رأيك في مقترح تصنيف الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي ؟ _على ما أعلم أن ذلك لم يحصل ،و لم تصنّفهم الأممالمتحدة كمنظمة إرهابية ،لكن هذه رغبة أولئك الذين لا يستطيعون العيش إلّا عن طريق إثارة القلاقل و توتير الأوضاع ،حيث أنهم يأملون من خلال حظر جماعة الإخوان المسلمين في مصر ،تهميش كل الإسلاميين في العالم . *في تونس ،أظهرت نتائج الإستطلاع إنخفاضا في شعبية حركة النهضة ،فما تعليقكم ؟ _قطاع إستطلاع الرأي مازال غير منظما و تحوم حوله العديد من الشبهات ، أرقامنا الخاصة تؤكد أن النهضة مازالت تحظى بثقة جزء كبير من التونسيين ،مقارنة بالأحزاب الأخرى التي ظهرت بعد الثورة ،حركة النهضة حركة التاريخية و لها إمتداداتها الشعبية . *هل لديكم توقعات على مستوى عدد المقاعد التي ستتحصلون عليها في الإنتخابات التشريعية ؟ _لا يمكن للحزب الأول في البلاد إلا أن يكون في موقع الريادة و صدارة المشهد . *هل لديكم مخاوف من عزوف شعبي كبير عن التصويت في الإنتخابات ؟ _ تسجيل أكثر من مليون ناخب جديد يدل على وجود إرادة شعبية في المشاركة في الإنتخابات و كل آمالنا أن لا يكون هناك إمتناع عن التصويت . *لماذا تغير موقف النهضة من قانون الإنتخابات خاصة أنكم رفضتم هذه التعديلات في البداية بحجة أنها تكرس الإقصاء ؟ _هذا ليس إقصاء ، بل تحصين للديمقراطية و تكريس للتكافؤ في الفرص بين المشاركين ،فإذا منعنا الخلط بين السياسة و الدين عبر إستغلال المساجد ،فيجب إعتماد نفس الآليات في علاقة بتوظيف الإعلام و العمل الجمعياتي الخيري لأغراض إنتخابية و سياسية. *ماهو مشروعكم الإجتماعي ؟ _إرساء العدالة الإجتماعية و المساواة ،إن الوحدة العائلية تعطي الحياة للعاطلين عن العمل البالغ عددهم 600000 ، وهذا الهيكل يحمي الفرد ويجب الحفاظ عليه. المجتمع ليس مجموعة من الأفراد المنعزلين بل مجموعة من خلايا الأسرة التي تعبر عن التضامن بين الأجيال المختلفة. *ماهو الغرض من زيارتك الأخيرة إلى باريس؟ _هناك من يستغرب من العلاقات الطيبة التي تجمع فرنسا العلمانية بالإسلاميين ،و هم يتغافلون عن روابط فرنسا التاريخية مع تونس فهي شريكنا الأول ،و قد كان الغرض من الزيارة هو توطيد العلاقات الثنائية ،في الإطار المؤسسي و السياسي و الأكاديمي للديبلوماسية الشعبية ،من الطبيعي أن تقوم حركة النهضة بهذه الزيارات بإعتبارها الحزب الأول في تونس و من الضروري أن تسهم في بناء علاقات فعالة مع الدول الشريكة ،حيث قمنا بزيارة الصين بدعوة من الحزب الشيوعي الصيني ،و كذلك الهند و ألمانيا و بريطانيا و ماليزيا و الولاياتالمتحدة و إيطاليا ... *بإعتباركم الحزب الأول في تونس ،هل لديكم مرشح لل0نتخابات الرئاسية ؟ _نعم،لكننا لم نقرر بعد ما إذا كنا سندفع بمرشح من داخل الحركة ،أم سندعم شخصية توافقية من خارج الحزب ،و مازال من المبكر للغاية الإجابة عن هذا السؤال . *هل تعتبرون حركة تحيا تونس شريكا في الحكم أم خصما لكم ؟ _نحن شركاء في حكومة إئتلافية ،و نتيجة الإنتخابات القادمة ستقرر مصير هذا التحالف ،فلا يمكن لحزب في تونس أن يحكم بمفرده و بالتالي فالتوافق سيتواصل في تونس .