بقيت افكر وانظر وانا صامت منذ ايام وتحدبدا منذ ان علمت و منذ ان شاهدت بالعين سيناريو نهاية الرئيس الباجي قائد السبسي عليه رحمة الله رب العالمين خالق الأنام في تاريخ نهايات الرؤساء التونسيين وصفة انتقال السلطة من فلان الى فلتان ومن فلتان الى فلان... فثبت لي وربما ثبت ايضا لغيري من الناظرين ومن المفكرين ان المشيئة الالاهية او مشيئة رب العالمين قد ابهتت وفاجأت بل كذبت وسفهت كل ما توقعه التونسيون لمستقبل سياسة بلادهم وكل ما بنوه وما شيدوه وما رتبوه لها بما عندهم من الخيال ومن الظنون... ولنبدا في تفصيل ما نقول بالرجوع الى تاريخ بورقيبة الذي حير وصوله الى راس سلطة هذه البلاد والحكم في رقاب العباد العقول فمن كان من التونسيين بالله عليكم يزعم ويؤكد ويجزم في ذلك الوقت ويقول ان بورقيبة الذي قضى اكثر من ربع قرن في الصراع السياسي وفي المنافي وفي السجون سياتي عليه يوم ويقضي بين عشية وضحاها بل وفي رمش العيون على زمن حكم البايات نهائيا وينهي سطان اخرهم ويحل محله ويخضع التونسيين الى سلطانه ويسير حياتهم وياتيهم باحكام غيرت حياتهم تقريبا في كل المجالات وفي كل الشؤون ومن كان يتوقع يوما من الأيام ان نهاية بورقيبة ستكون على يد شخص لم يكن له اي حظ لدى التونسيين في الوصول الى الحكم بعد ان رشحوا قبله لهذا المنصب وزراء اخرين كانوا يصولون قبله ويجولون اذ لم يصل الحكم الى احمد بن صالح ولا الى الهادي نويرة ولا الى محمد مزالي كما توقع المتوقعون وانما وصل الى رجل امن يسمى ابن علي فاجا بورقيبة بانقلاب ناعم في ليلة ليلاء كان فيها زعيم التونسيين في قصره نائما او شبه نائم...وبعد ان بلع التونسيون هذه الحربوشة او هذه الجرعة واستكانوا لحكم بن علي وظنوا ان الحكم لن يخرج سريعا من يديه ولا من يدي من سيختاره لوراثة حكمه باعتباره الرجل الذكي القوي اذ بهم يشاهدون بالعيون كيف ثار الناس عليه بين عسية وضحاها وجعلوه يفر بجلده ويترك كما يقول العرب الدار لمن بناها...ولما انتصب الثائرون بعده لحكم هذه البلاد التونسية وظن التونسيون ان الأمر قد انتقل اليهم بصفة ثابتة نهائية يخرج اليهم فجاة رجل من عهد ومن رجال بورقيبة اسمه الباجي قائد السبسي قد كان قبل الثورة نسيا منسيا جالسا ومتكئا في بيته يكتب بعض الخواطر الشخصية ويخط باصابعه بعض السطورالتاريخية فيكون حزبا جديدا لم يكن لدى التونسيين معروفا ولا مذكورا ويفتك به السلطة من القوى التي عرفت لدى عامة التونسيين بالثورية الشبابية فتاخر هؤلاء الثوريون فجاة الى الوراء وتركوا الحكم بكل رضا وبكل طواعية لشيخ سياسي بورقيبي انشا حزبا اختار له من الاسماء(النداء) ولكانه يشير ويدعو وينادي بذلك امثاله من قدماء السياسيين المنسيين المتروكين الى العودة الى مراة الحياة السياسية بعد ان راى فشل وتقهقر القوة الجديدة الثورية...وما هي الا بضع سنوات معدودات حتى اصبح جميع التونسيين الثوريين منهم وغير الثوريين يقرؤون للسبسي وحزبه الف والف حساب ولا يتصورون المشهد السياسي التونسي سيخلو منهم وسيغلق دونهم الابواب كما اصبح التونسيون ينتظرون في كل ان وفي كل حين ماذا سيقول وماذا سيفعل السبسي بخصومه الذين تكاثروا رويدا رويد في نهاية حياته ومن حين الى حين...الى ان اصبح جميع التونسيين يتوقعون نهاية السبسي مشابهة لنهاية بورقيبة وان يخرج من السلطة بتخطيط من خصومه ومن اعدائه حيا مهزوما بنفسية حزينة كئيبة خاصة بعد تدهور حالته الصحية كما تدهورت صحة بورقيبة من قبله في سنوات سابقة تاريخية ...ولكن مرة اخرى تكذب وتسفه توقعات التونسيين وينتقل السبسي الى جوار ربه وهو في عزه وفي عنفوان وفي شموخ سلطته وتقام له جنازة تاريخية سيذكرها تاريخ البلاد التونسية جنازة لم ينلها ولم يلقها الزعيم بورقيبة الذي شيع بجنازة متواضعة لا تليق ابدا بسمعته ومكانته التاريخية...الم اسال في عنوان مقالي في اسلوب المتسائلين العارفين المتيقنين هل كذبت مشيئة رب العالمين توقعات وحسابات التونسيين)؟ وكم يحسن بي ان اختم هذا المقال بقول الله تعالى ذي العزة والجلال الذي رتب ورسم وقدر نهاية البايات ونهاية بورقيبة ونهاية ابن علي ونهاية السبسي بما لم يتوقعه كبار السياسيين فضلا عن عامة التونسيين الذين ننصحهم بمناسبة هذا المقال بان يدعو لتونس دائما بالخير وباللطف وبحسن المصير ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير) واخيرا فليت اصحاب التحاليل السياسية وما فيها من الحسابات والتوقعات ومن التخمينات والأفكار يضعون في موازين كلامهم وفي سطور كتاباتهم هامشا واعتبارا ولو ضئيلا صغيرا قليلا لحكم ومشيئة وتقدير ربنا وخالقنا سبحانه و تعالى العظيم العليم الحكيم الواحد القهار