خلال سنة 2012 وأثناء حكم الترويكا التي حكمت بعد الثورة عرفت البلاد موجة من البرد الشديد ووضعا مناخيا قاسيا أثر بقوة على سكان منطقة الشمال الغربي التي تعرضت إلى تساقط كميات كبيرة من الثلوج تسببت في عزل الكثير من الأحياء السكنية وقطع الطرقات المؤدية إلى مناطق العمران وما رافق ذلك من قطع للتيار الكهربائي وقد أثر هذا الوضع المناخي السيئ الذي تواصل لأيام على الكثير من الأهالي الذين عاشوا ظروفا حياتية صعبة نتيجة البرد القاسي وفقدان التدفئة. في تلك الأيام حاولت حكومة الترويكا أن تعالج الوضع الكارثي الذي عرفته جهة الشمال الغربي بالإمكانيات المتاحة والمتوفرة وسخرت كل المسائل الموجودة والموروثة عن النظام القديم غير أن آلة منظومة النظام القديم والمعارضة الحداثية قد تحالفا دون اتفاق معلن من أجل الاطاحة بالحكومة القائمة وشن حرب شعواء عليها واتهامها بالحكومة الفاشلة وبأن وزراءها غير أكفاء وتنقصهم الخبرة وأنهم غير جديرين بالحكم….ولما ردت الحكومة عن كل هذه الاتهامات بأن ما حصل كان ظرفا طبيعيا طارئا يحصل دوما وأن الدولة قد سخرت كل إمكانياتها من أجل معالجة الوضع وفك العزلة عن الأهالي وإيصال المساعدات إلى السكان فما كان من المعارضة إلا أن ردت بعنف وقسوة على هذه التبريرات رافضة كل ما قالته معتبرين أن من يحكم يتحمل كل المسؤولية فيما يحصل في البلاد ويقع على عاتقه وحده ايجاد الحلول للمشاكل الطارئة ولا يفيد التعلل بالظروف الطارئة والمفاجئة إذ أن من يحكم مطالب منه تقديم أفضل أداء لتوقي المخاطر والاستعداد لكل الاحتمالات وأن يأخذ من الاحتياطات ما يلزم لمجابهة ما قد يحصل ولم تشفع للحكومة الظروف الطبيعية المفاجئة في تفهم ما حصل من أضرار لسكان عين دراهم وطبرقة وجندوبة وغيرها من مناطق الشمال الغربي لنسمع وقتها ونقرأ في وسائل الاعلام اتهامات شتى للحكومة في وصف وزرائها بعدم الكفاءة وبضعف الأداء وبعدم القدرة على التعامل مع الأزمات والعجز عن إدارتها وبالتالي فمن يفشل في الحكم عليه أن يرحل ويستقيل. نذكر بما حصل مع حكومة الترويكا في موضوع الثلوج التي غطت مناطق الشمال الغربي وما تسببت فيه من انقطاع للطرقات وعزلة للسكان لأيام عديدة وتركتهم من دون كهرباء ولا تزود بالمواد الغذائية وحال دونهم و الإتصال بالعالم الخارجي للقول إن ما يحصل مع حكومة الشاهد اليوم من انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي والتزود بالماء الصالح للشراب في ظرف تشهد فيه البلاد موجة من الحر الشديد الذي تزامن مع حلول عيد الاضحى المبارك والذي عرض الكثير من المناطق إلى اضرار كبيرة لا يقل قيمة ولا أهمية عما حصل في الشمال الغربي في فترة حكم الترويكا بسبب قسوة الطبيعة غير أن الفارق بين الحدثين يكمن في كون حكومة الترويكا قد تعرضت إلى هرسلة وتشويه كبيرين وحملة سياسية وإعلامية للمطالبة باستقالة الوزراء لضعف الأداء وعدم الكفاءة وفقدان الخبرة بينما كان الأداء الإعلامي والسياسي مع الحكومة الحالية في جزء كبير منه متساهلا ومتفهما فلم نسمع ما كنا نسمعه في زمن الترويكا ولم نشاهد ما كنا نشاهده في تلك الأيام من توظيف وتشهير وتحريض. ما أردنا قوله هو أن ما حصل يوم عيد الاضحى من قطع للتيار الكهربائي عن الكثير من المناطق وما حصل من انقطاعات متكررة حالت دون تزود الكثير من السكان بالماء الصالح للشراب في ظرف تشهد فيه البلاد موجة من الحر الشديد ليس بالمسألة العادية وتصرف لا يمكن فهمه وهو أمر غير مقبول بالمرة كما لا يمكن قبول كل التبريرات والتفسيرات والتعلات التي قدمها المسؤولون والذين حاولوا بها امتصاص غضب المتضررين فما حصل هو جريمة بكل المقاييس تعرض لها الشعب واعتداء على حق المواطنة التي نص عليها الدستور الذي اعتبر أن الحق في الماء والحق في التمتع بالخدمات حق دستوري. ما حصل للشعب في يوم عيد الاضحى لا يمكن تبريره وهو يندرج في إطار استراتيجية الدولة العميقة ومنظومة الثورة المضادة وكل الداعين إلى العودة إلى الوراء من أجل مزيد إرهاق الشعب ومزيد تشويه الثورة...وهو تصرف لا يمكن أن يكون إلا متعمدا ومقصودا لحمل الناس على كره الثورة وكره الحرية والديمقراطية والكفر بمنظومة الحكم الحالية التي ورثت الحكم عن منظومة بن علي. أيام قليلة قبل حلول يوم عيد الأضحى صرح مسؤول في الشركة الوطنية للكهرباء والغاز بأن البلاد لم تعد تعرف مشكلة في تزويد المواطنين بما يحتاجونه من كهرباء بعد تشغيل ثلاث محطات جديدة لإنتاج و توليد الكهرباء في كل من رادس والمرناقية وثالثة بالجنوب من خلال استعمال الطاقة الشمسية حيث أصبح للبلاد فائض من الكهرباء ما سمح لها بتزويد الشقيقة ليبيا وفي نفس المدة خرج علينا الرئيس المدير العام للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وصرح هو الآخر بأن مخزون المياه هذه السنة جيد للغاية وبأن البلاد تتوفر على كميات كبيرة من الماء الصالح للشراب بعد التساقطات الكبيرة التي شهدتها مختلف المناطق ما جعل البلاد تكون في مأمن من أن تعرف أزمة مياه أو نقص في الكميات اللازمة للاستهلاك العائلي بما يعني أن كميات الامطار التي نزلت هذه السنة جعلتنا نحقق اكتفاءنا من المياه وهي تصريحات كلها إيجابية على أننا لن نعرف أزمة في الكهرباء ولا أزمة في الماء فماذا حصل إذن حتى تحدث الكارثة يوم عيد الاضحى تحديدا ؟ وكيف نفهم الغضب الكبير الذي ظهر في سلوك الكثير من الأهالي في مناطق متعددة بعد حصول انقطاعات كثيرة في الكهرباء والماء ؟ حاول المسؤولون التخفيف من وقع الكارثة التي حلت يوم عيد الاضحى كما حاولوا امتصاص ردة الفعل العنيفة التي صدرت عن المتضررين الذين عمدوا إلى قطع الطرقات في لجوء إلى الحل الفردي لحل المشكل بعد أن غابت الحلول الجماعية وتخلفت الحكومة عن تسوية الأزمة من خلال تبريرات واهية وغير مقبولة ولم تعد تسمع لذلك نقول بكل وضوح أن ما حصل يوم عيد الاضحى من انقطاع للكهرباء والماء بعد كل الذي قاله المسؤولون وطمأنوا به الشعب عن توفر البلاد على كميات كبيرة من الماء وعن توفرها على فائض في الكهرباء لا يمكن تبريره ليكون التفسير الوحيد لما حصل هو القول: إنكم فاشلون في إدارة البلاد وفاشلون في تسييرها و بأن أداءكم سيء للغاية وبأنكم غير قادرين على رعاية حاجيات الناس وتقديم الخدمات اللازمة ولا تتوفر لديكم القدرات لإدارة الأزمات وتوقي المخاطر والاستعداد للظروف الطارئة. نقول بكل وضوح لقد اشتغلت آلة الدولة العميقة يوم العيد وتحركت منظومة الثورة المضادة وبقايا المنظومة القديمة في هذه المناسبة للتنغيص على الشعب فرحته وإرباك البلاد وإذكاء مشاعر كره الثورة وكره الحرية وكره الديمقراطية و دفع الناس إلى التحسر على بن علي وأيام النظام القديم في عملية عقاب كبرى لكل من آمن بالثورة وكل من لا يزال ينتصر لها .. ما حصل هو معاقبة لكل من خرج ثائرا ذات 14 جانفي من سنة 2011 " رافعا شعار " خبز ماء وبن علي لا " وجعله يندم على أنه قام بثورة ..