لا اظن ان هناك يوما من ايام تاريخ اتحاد ونقابة الشغالين شهد غضبا وسخطا ونقمة عليه وسمع وقرا كلاما قبيحا مؤلما موجعا فظيعا شنيعا في حقه من جانب التونسيين مثل ما شهده هذه الأيام التي فوجئ فيها التونسيون باضراب مطول لمكاتب البريد ادى الى تعطل مصالحهم العامة وخاصة عدم حصولهم على جراياتهم وعلى رواتبهم وشهرياتهم التي تتوقف عليها حياتهم ويرتبط بها معاشهم في مواعيدها المعلومة القارة...اقول هذا الكلام ولقد مررت هذا اليوم باحد مكاتب البريد فرايت امامه جلبة وفوضى غير عادية قتقدمت نحو الباب فرايت وشاهدت وقرات معلقات غاضبة ساخطة ناقمة عفوية شعبية تدل وتفصح وتعرب عن غضب المواطنين وسخطهم الشنيع الفظيع على موظفي مكاتب البريد وعلى نقابة الشغالين التي لم تحرك ساكنا لايجاد حل مناسب عاجل يحفظ مصالح المواطنين التي تقول وتدعي نقابة الشغالين ان مصالحهم خط احمر لا بد من المحافظة عليها في كل خلاف وفي كل ان وفي كل حين فاين هذا الكلام مما تراه هذه النقابة بعينيها ومما تسمعه باذنيها من حرمان المواطنين من الحصول على جراياتهم في مواعيدها العادية؟ فهل راعت حقا مصالح المرضى الذين ينتظرون جراياتهم لشراء ما لا يجب ان يغيب عنهم من الدواء ؟ وهل راعت حق الفقراء والمحتاجين والمعوزين الذين ينتظرون جراياتهم لقضاء حاجاتهم المختلفة الضرورية التي لا تتحمل التراخي ولا تقبل الابطاء باي صورة وباي حال وباي كيفية؟ وهل تجهل نقابة الشغالين ان راس مالها الذي يجب ان تحافظ عليه مهما كانت التكاليف وان وزنها الاجتماعي الذي يجب ان تزيد فيه ولا تنقص منه مرتبطان تمام الارتباط بمدى الرضا الذي يجب ان يكنه لها التونسيون فان فقدت ولو قليلا مما يكنونه لها من الرضا والتقدير فيا بئس المثوى ويا لبئس المصير فهل ستسارع نقابة الشغالين بالتدخل لفض اضراب مكاتب البريد قبل ان يسجل تاريخ هذه البلاد ان اضراب مكاتب البريد قد اضر بمصالح التونسيين ضررا لم يسبق له مثيل وان نقابة الشغالين قد رضيت وباركت ولم تكترث ولم تعبا بحفظ وحماية مصالح المواطنين الذي اصبحوا شبه متاكدين منذ وقت ليس بالقصير ان نقابة الشغالين قد ضلت السبيل واصبحت لها اوليات اخرى غير التفكير في حفظ حقوق الفقير والزواي والقليل يمكن اختصارها في البحث والجري والتخطيط لضبط طرق ووسائل مناورة وارباك كل الجهود النافعة الجدية التي تبذلها الحكومة الحالية وخدمة مصالح فئة صغيرة سياسية يعرفها التونسيون الذين نقموا وسخطوا وغضبوا هذه المرة على نقابة الشغالين ولم يسخطوا على الحكومة لا من الشمال ولا من اليمين وهي سابقة لم تشهدها هذه البلاد منذ زمن النقابي الحقيقي الصادق فرحات حشاد الذي لو قام من قبره اليوم وراى تعب المواطنين وغضبهم وحيرتهم امام مكاتب البريد لقدم لهم كل كلمات العفو والاعتذار ولتساءل وهو مندهش مثلهم محتار هل يجوز لكل نقابي يرفع مثله شعار احبك يا شعب ان يراه جائعا مريضا قد انهكه التعب وهو جالس مستريح في بيته او في مكتبه المكيف والمبرد مرددا قول جحا الذي قيل انه لضعف عقله كان يقول للمعتدي والمذنب (اخطى راسي واضرب)؟