تغير المناخ: تونس الخامسة في العالم الأكثر عرضة لخطر الجفاف المتزايد    قتيل وجرحى في حادث مرور مروع بهذه الجهة..    الحمامات :تفكيك شبكة لبيع سماعات وتوابعها تستعمل في عمليات الغش في الامتحانات    الهلال الأحمر بصفاقس: أكثر من 2000 مهاجر استجابوا للعودة الطوعية    منتدى الحقوق الاجتماعية: ميلوني تعتبر تونس نُقطة لمنع وصول المهاجرين الى ايطاليا    جمعية القضاة تطالب بفتح تحقيقات حول قرارات التجريد من الخطط القضائية والإيقافات عن العمل.    بحارة منطقة غنوش يحتجون..التفاصيل    حريق بمنزل في هذه المنطقة: وفاة شيخ وهذه حصيلة الاصابات..    عاجل: ايران تهدد مجددا ب"رد قاسي"..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 16 أفريل 2024    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات الليلة من إياب الدور ربع النهائي    رابطة الهواة 2 (الجولة الثامنة إيابا) أفراح عارمة في منوبة وتبلبو    يورو 2024 : منتخب فرنسا يحتفظ بريادة التصنيف الدولي لأفضل 10 منتخبات أوروبية    مندوب حماية الطفولة حول استدراج أطفال عبر الانترنات: متأكدون من وجود ضحايا آخرين    وزارة الفلاحة: نحو جلب حشرة للقضاء على الآفة القرمزية    قابس: نجاح تجربة زراعة الحبوب    5005 تلميذا سيجتازون امتحان مادة التربية البدنية    منوبة ..5075 مترشحا لاختبارات مادة التربية البدنية    ميناء حلق الوادي: حجز 7 كلغ من ''الزطلة'' مخفية بأكياس القهوة    الحماية المدنية: 19 حالة وفاة في يوم واحد    في الملتقى الإقليمي للموسيقى ..مشاركة متميزة لمعاهد ومدارس القطار    أولا وأخيرا: ربيع النقل السريع    صفاقس ..70 عارضا بصالون الموبيليا وجهاز العرس    بالمر يسجل رباعية في فوز تشيلسي العريض 6-صفر على إيفرتون    معز الشرقي يودع بطولة غوانغجو الكورية للتنس منذ الدور الاول    عاجل : خلية أحباء النادي الافريقي بألمانيا تهدد    تقلص العجز التجاري بعد ارتفاع الصادرات وتراجع الواردات    أول تعليق لرئيس الجمهورية على أعمال العنف في حي التضامن..    فظيع: وفاة كهل جرفته مياه وادي الصابون بفريانة بعد ارتفاع منسوبه..    في مكالمة هاتفيّة مع نظيره الصربي ..وزير الخارجية يتلقى دعوة إلى زيارة صربيا    مع الشروق ..من «الصبر الاستراتيجي» إلى الرّدع ... ماذا بعد؟    طهران لإسرائيل: سنرد بضربة أقوى وبثوان على أي هجوم جديد    حيرة بين الردّ على إيران أو اجتياح رفح...إسرائيل رهينة التخبّط    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار متفرقة بأغلب المناطق    ملف التآمر على أمن الدولة ..ختم الأبحاث و إحالة الملف على دائرة الإتهام    الأولى في القيادة الأركسترالية في مهرجان «Les Solistes»...مريم وسلاتي مستقبل قائدة أوركستر عالمية    عنوان دورته السادسة «دولة فلسطين تجمعنا يا أحرار العالم»...المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج يحطّ الرحال بنابل    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    آخر زلات بايدن: أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    قيس سعيد: لابد من دعوة عدد من السفراء الأجانب لحثّ دولهم على عدم التدخل في شؤوننا    حركة المسافرين تزيد بنسبة 6،2 بالمائة عبر المطارات التونسية خلال الثلاثي الأوّل من 2024    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    دار الثقافة بمساكن تحتضن الدورة الأولى لمهرجان مساكن لفيلم التراث من 19 الى 21 افريل    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة - فوز مولدية بوسالم على النصر الليبي 3-2    تونس: 25 دولة ستُشارك في معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    أنس جابر تبقى في المركز التاسع في التصنيف العالمي لرابطة محترفات التنس    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    ايطاليا ضيف شرف معرض تونس الدولي للكتاب 2024    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    تونس تحتضن الدورة 4 للمؤتمر الأفريقي لأمراض الروماتيزم عند الأطفال    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : على هامش الانتخابات الرئاسية..كيف نصلح واقعنا المدمر؟
نشر في الصريح يوم 06 - 09 - 2019

إن التقييم العام اليوم لواقعنا الحالي بعد ثمان سنوات من الثورة ليس على ما يرام وكذلك الانطباع العام بخصوص الوضع الذي وصلنا إليه بعد رحيل النظام القديم وحلول النظام الجديد محله سيء للغاية فكل المؤشرات والمعطيات لا تبشر بأي خير وهو حكم لا يختلف فيه اثنان على أن البلاد اليوم تمر بأزمة كبرى على جميع المستويات وخاصة في المجال الاقتصادي والمالي وفي اشكالية تسيير الشأن العام كل ذلك ألقى بظلاله على حياة التونسيين وانعكس على نفسيتهم وطباعهم وسلوكهم ومعيشتهم لتكشف الصورة بأن واقع تونس اليوم مدمر على جميع الأصعدة ويحتاج إلى عملية إصلاح و ترميم كبرى وربما يحتاج إلى إعادة بناء جديدة قد تكون شاقة ومكلفة ولكنها ضرورية لذلك كان السؤال المحرج والذي يفرض نفسه على كل المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية : هو كيف نصلح من هذا الواقع المدمر ؟ وما هي مقترحات من يرى نفسه أهلا لأن يكون رئيسا للبلاد لإصلاح هذا التدمير الذي لحق بواقعنا ؟
كنت انتظر من كل الحوارات الاعلامية والمنابر الاذاعية والتلفزية أن يطرح على كل الشخصيات التي تتنافس على منصب رئيس الجمهورية سؤالا وحيدا يقول : كيف يمكن أن نصنع مستقبلا جديدا لتونس ؟ وكيف يمكن أن تصلح ما فسد خلال السنوات الماضية ؟ وما هي الطريق لبناء غد أفضل ؟
ما هي تصورات الرئيس المرتقب لمعالجة التدمير الذي حصل في منظومة الأسرة بعد تراجع دور الأبوين في مراقبة الأبناء وتوجيههم وما رافقه من انفلات عند جانب كبير من الشباب مع انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في صفوفهم وتنامي حالة التمرد على السائد وسعيهم للبحث عن مستقبل أفضل من خلال حلول الفردية ومن خارج الحلول الجماعية وحلول الدولة .
ما هي رؤية الرئيس الجديد في اصلاح منظومة القيم الاخلاقية والمجتمعية بعد أن تراجعت كثيرا مبادئ الحياء و الاحترام والتقدير للكبير واتسعت رقعة التسيب والجرأة على كل ما لم يكن من الممكن التجرؤ عليه ما نتج عنه تزايد حالات استعمال العنف داخل الفضاء العائلي قبل الفضاء العام وأصبحنا نسمع يوميا عن حالات قتل بشعة داخل الأسرة واعتداءات بالضرب على الأم والجدة والزوجة التي ارتفعت حالات تعنيفها من قبل زوجها وحتى من طرف أبنائها هذا دون أن ننسى تنامي ظاهرة الطلاق وتوسعها في العدد والمجال الجغرافي بصفة لافتة الأمر الذي بات يهدد المجتمع في حلقة من أهم حلقات استقراره وتقدمه .
كيف يمكن للرئيس المرتقب أن يساهم من موقعه ومن خلال صلاحياته الدستورية في إصلاح الوضع الاقتصادي المتأزم وينقذ المنظومة الفلاحية التي تعرف خللا كبيرا في علاقة بتراجع منظومة الألبان والخضر والحبوب وغيرها بعد التلف الذي حصل في فائض الانتاج في اتجاه تركيز فلاحة متقدمة تحقق للشعب اكتفاءه الغذائي وأمنه الفلاحي .
ما هي الأفكار التي يمكن أن يقدمها رئيس الدولة الجديد فيما يخص إصلاح المالية العمومية والنفقات العامة للبلاد في اتجاه تخفيف العبء الضريبي على المواطن وتحسين المقدرة الشرائية وتقديم الحلول لتنويع مصادر موارد الدولة من خارج الضرائب من أجل الوصول إلى حالة يعرف فيها الشعب الهدوء ويعيش فيها الناس الطمأنينة على حياتهم .
كيف يمكن لمن رشح نفسه لمنصب الرئاسة أن يقدم أفكارا جديدة من شأنها أن تعيد الأمل للشباب في كون المستقبل يمكن أن يكون تونسيا ومن شأنها كذلك أن تقلل من منسوب اليأس والحيرة التي تجعل منه جيلا شاردا تائها ضل الطريق و ليست له في الحياة وجهة واضحة .. وكيف يمكن للرئيس أن يساهم من موقعه بأفكار جديدة لوضع حلول تخفف من وضع البطالة والفقر و الأمية والجريمة وكل مظاهر الانحرافات التي تهدد المجتمع في توازنه واستقراره ؟
كيف يمكن لرئيس الدولة المنتظر أن يجعل من قضية النظافة ومقاومة مظاهر الأوساخ التي ارهقت الشعب الهاجس اليومي ويجعل من الموضوع الايكولوجي القضية المحورية في برنامج عمله وبرنامج الحكومة من خلال تقديم رؤية جديدة وبرنامج عملي ؟
هذا هو السؤال المركزي الذي كنت انتظر أن أسمع جوابا بخصوصه وهذا هو الهاجس الذي يهم التونسيين اليوم لمعرفة كيف يفكر رئيسهم المقبل في كبرى المسائل مع الوعي التام بأن صلاحياته الدستورية لا تسمح له ولا تخول بالتدخل في مهام رئيس الحكومة ولا نيابته في رسم سياسات عملية وخطط مفصلة ولكن موقعه هذا يخول له تقديم نظرة استشرافية ورسم رؤية عامة تكون بمثابة سهم البوصلة الذي على الجميع أن يتبعه لتبين الطريق الصحيحة التي تحتاجها البلاد لتحقيق نقدمها وتحقيق مستقبل أفضل.
لذلك فإننا نعتقد أن قضية أن يكون الرئيس المقبل مفكرا وصاحب فكر وله رؤية استراتيجية وبعد نظر هي قضية مهمة فما نحتاجه اليوم هو رئيس دولة مثقف ورئيس جمهورية مفكر حتى يقدر أن يقدم الحلول وأن يتعاطى مع مختلف الوضعيات التي تعترضه وهذا يقتضي أن تكون للرئيس نظرة واضحة وشاملة حول الواقع بكل تفاصيله وجزئياته وبقدر ما تكون نظرته واقعية وملامسة للواقع بقدر ما يقترب من حقيقة الأشياء وبقدر ما يكون في الميدان تكون أسئلته جلية و له القدرة على تغيير هذه الأسئلة وأمكن له التعامل مع المشاكل وتغيير المقاربات وإيجاد الحلول المناسبة فالدقة والوضوح والواقعية تساعد كثيرا في طرح السؤال الصحيح ووضع الحل المناسب فعندما ننظر مثلا إلى التجارة الموازية على أنها مجرد تجارة فقط وعلى أنها قطاع ينخر جسم التجارة الرسمية وننظر إليها كمجرد أرقام ومعاملات فقط نكون قد أخطأنا النظرة وأخطأنا طرح السؤال والحل ولكن حينما ننظر إلى هذه التجارة التي تنشط خارج مسالك التوزيع الرسمية ونتعمق في الظاهرة نصل إلى تحقق وعي آخر و ندرك وجود تنظيم حي وشبكة علاقات متشعبة تؤمن حياة الكثير من العائلات وهو مجال يمثل المنفذ للكثير من الافراد في حل مشكلة فقدان العمل ومشكلة الحصول على موطن شغل عادة ما يكون مفقودا في القطاع الرسمي ، حينما تتغير نظرتنا للقضية و تتغير أسئلتنا للظاهرة يفرض علينا ذلك البحث في حلول أخرى لمشاكل الكثير من الناس الذين لم يجدوا حلا في التوظيف الرسمي والذين لم تستطع الدولة بكل هياكلها أن تحتضنهم وهذا التشخيص يحتاج فكرا وثقافة وفهما ووعيا لا يمكن أن نجدهم عند رئيس لا يقرأ ولا يفكر وليست له رؤية واضحة للأشياء .
فالتفكير والتدقيق عمليتان سياسيتان يحتاجهما رجل السياسة فضلا على رئيس الدولة فحينما يفكر الرئيس ويدقق في الواقع من خلال معرفته ومن خلال المعطيات الواقعية التي يوفرها للتعاطي مع المشكلات يستطيع أن يتبين ويتحدث بواقعية عن الوضعيات سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو كانت وضعيات تهم معالجة مختلف اكراهات الأفراد لذلك كان المطلوب في الرئيس المرتقب أن تكون لديه وضوح الرؤية ووضوح الفهم ووضوح التشخيص ووضوح التفكير قبل أن يقترح البرامج السياسية فمعرفتنا للعالم تتشكل أولا من خلال الطريقة التي نفكر بها والطريقة التي نفهم بها الأشياء.
ولكن هل يكفي أن يكون الانسان مفكرا ومثقفا وصاحب رؤية واضحة حتى يكون رئيس دولة و يكون مؤهلا لإدارة الشأن العام في عالم يقوم على قوة المال وفي واقع يدار بواسطة اللوبيات النافذة وشبكات المصالح ومراكز المال المتحكمة ؟ نعتقد أن الفكر والثقافة والمعرفة الواسعة مهمة في إدارة الشأن العام واعتلاء منصب الرئاسة ولكنها وحدها غير كافية في مثل عالمنا المتقلب ومثل واقع بلادنا الذي يحتاج إلى جانب التفكير الاستراتيجي والنظرة الحالمة والرؤية الثاقبة و توفر الامكانيات المادية والمالية فمن دون أموال لا يمكن لصاحب التغيير ولصاحب المشروع ومن يملك الرؤية الواضحة أن يفعل الكثير فعملية إصلاح الواقع المدمر وإعادة بنائه من جديد تحتاج فكرا ثاقبا أولا وإمكانيات مادية ثانيا وتحتاج أن يكون لدينا رئيسا مثقفا ومفكرا وتتوفر لديه كل الامكانيات المادية . فهل كل هذا متوفر في بلادنا وفي حالتنا التونسية ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.