هذا (المنصب)، وككلّ منصب في أي وزارة، خطير وعسير؛ يحتاج إلى مسؤول قدير، من أصحاب الكفاءة العلمية، والخبرة العملية، والحنكة الشخصية، وربما يكون مخضرما، ومتقدما في السن. إن منصب (وزارة الشؤون الدينية) بأجزائه كلها تحتاج إلى تجديد خلاياها، وبعث أنشطتها الدائمة والمتنوعة، وأن تكون حاضرة في جميع الجهات، بل وفاعلة في القول والعمل، ولا بد من أن يكون وزيرها محنَّكا وماهرا، وعارفا بخطتها واتجاهاتها، وماذا يجب لها أو عليها، فلا يكفي أن يكون (وزير الشؤون الدينية) صاحب مؤهل علمي، أو شهادة من كلية أو جامعة، وإن كان هذا ضروريا في عصرنا الحاضر، عصر العلم، والتألق، والمكانة الفائقة فكرا وعلما. وتونس الحبيبة – بعد الثورة المجيدة – تولى (وزارة الشؤون الدينية) أكثر من مسؤول فيها، وكان جلهم بين مدّ وجزر، وقد غابت عنهم كثير من الإصلاحات الجذرية، والمبادرات الضرورية، والشؤون الدينية والمدنية . وهذا الإحباط يدفعني إلى طرح اقتراح فيما بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2019م، أرجو أن يكون وجيها فيما يتعلق بمنصب (وزير الشؤون الدينية)، وهو الأحق به في نظري: مثل الشيخ محمد صلاح الدين المستاوي حفظه الله ورعاه، فهو رجل يؤتمن على شؤون الدين، من أسرة تونسية عريقة – فإن والده الجليل: الشيخ الحبيب المستاوي: – صاحب (مجلة جوهر الإسلام) – رجل مصلح كفء فيما قدمه للوطن وللدين رحمه الله في الستينيات ومنتصف السبعينيات. وعمل في سلك التعليم، وتولى "الخطابة" مدة من الزمن، كما اضطلع بإدارة وتحرير مجلة والده بعد وفاته ولايزال، أسندت إليه في فترة ما إنتاج وتقديم برنامج ديني تلفزي في القناة الأولى كل جمعة. ثم إن الرجل – من الناحية الخارجية – صاحب المهمات الثقيلة يحملها على كاهله، فهو ممثل شخصي بحضور تونسي وليس بصفة رسمية، وهو عضو خبير في مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي بجدة، وهو حاضر دائما في مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وهو مشارك باستمرار بالحضور والإلقاء في الدروس الحسنية الملكية بالرباط، وهو صاحب الرحلات الدعوية والارشادية الدائمة – كأنه ابن بطوطة – فلم يترك بلدا عربيا أو غربيا إلا وزاره. إن هذه (الكفاءة)، و(الخبرة)، و(الشهرة)، كفيلة لتأهيله إلى (وزارة الشؤون الدينية): وزيرا قديرا، إن شاء الله. وإن غدا لناظره لقريب، هكذا قالت العرب في أمثالها. وبالله تعالى التوفيق، ومنه الوصول إلى التحقيق.