(يا سادة ويا مادة دلنا الله ودلكم الى طريق الحق والشهادة بيتنا حرير وبيتكم كتان وبيت العدو مجمع للفئران) بمثل هذا الكلام كان اباؤنا واجدادنا رحمهم الله وشملهم بعطفهم ورضاه يبدؤون قصصهم وحكاياتهم لابنائهم واحفادهم في قديم وسالف السنوات ولقد اخترت بدء جمل هذا المقال بتلك البداية لانني اصبحت اعتقد ان الانتخابات الرئاسية والتشريعية لهذه السنة قد كانت على نمط وطراز مشوق فريد مخالف لكل المحطات الانتخابية التي عرفتها هذه البلاد التونسية وستبقى قصة او حكاية عجيبة غريبة طريفة تقص وتحكى في كل بيت وفي كل دار وفي كل شارع وفي كل سقيفة ويكفي ان اذكر بما وقع وبما حصل في هذه الانتخابات الرئاسية الحالية من مفاجات ستبقى بلا شك محفورة في عقولنا وفي قلوبنا مادمنا نعيش هذه الحياة وانني اسجل واقول باختصار ان الستة وعشرين مترشحا لرئاسة التونسيين قد تسابقوا وتلاحقوا وتنافسوا الى نهاية المطاف حتى افرز تنافسهم الى هزيمة اربعة وعشرين منهم بالتمام والكمال وبقي منهم اثنان يتنافسان على منصب الرئاسة بعد ان قضي الأمر في التنافس على الوصول الى افتكاك واكتساح مقاعد اعضاء البرلمان بطرق واساليب مشبوهة في اغلبها ما انزل الله بها من سلطان والغريب في الامر ان احد هذين المتنافسين المتبقيين كان ينافس الثاني على منصب الرئاسة وهو قابع وراء القضبان ويمني النفس بالسراح والافراج وبتحقيق الأماني حتى خرج بقدرة قادر واصبح بين عشية وضحاها بريئا مظلوما يتكلم حرا طليقا ويجادل منافسه ويناظر فماذا راى المشاهدون في تلك المناظرة التي سهروا معها بعيون صاحية ناظرة ...روا شخصيتين او قوتين غير متوازنتين ففي حين ان احدهما كان يتكلم لغة عربية جميلة سليمة شاعرية وكانه امرؤ القيس او الشنفرى كان ثانيهما يتكلم بصعوبة ويحول تركيب جمل مضطربة مبعثرة مكسرة خليطا بين العربية والفرنسية وهلم جرى ... كما راينا احدهما يتكلم بثبات وبحماس ويتحرك ويشير ويعبر بكل حرارة وبكل شجاعة وبكل حماس بينما راينا الثاني يتكلم وكانه طفل صغير يحاول ان يتذكر درسه يوم الامتحان الذي لم يحفظه جيدا لا من الكتاب ولا من الكراس كما راينا وسمعنا ان احدهما عرف بنفسه وبشخصه بصفة واضحة جلية بينما الثاني قد تجنب التعريف بنفسه بصفة شافية شاملة جلية وكانه خائف من كشف نفسه امام مناظره في تلك المناظرة المصرية التاريخية مما جعله يخسر نقاطا واضحة منذ ضربة البداية قد اثرت على نتيجة حواره سلبا لدى الناظرين في المحصلة وفي النهاية... ولا شك ان قراء هذا المقال قد لاحظوا عدم ذكري لاسمي هذين المتنافسين في طيات جمل هذا المقال ولاشك ايضا انهم قد عرفوا بلا جدال ان ذكر اسميهما لا يجدي في زيادة توضيح ما كتبته من الكلمات وما أوردته من الاقوال عملا بتلك القاعدة التي تقول وتخبر منذ سنوات(ان بيان الواضحات من الفاضحات) اذا لا اظن ان احد هذين المترشحين الذي يعرف التونسيون انه نادى ونادى انصاره معه قبل خوض المنافسة على كرسي الرئاسة قد استفاد من دعوته ومن دعوة انصاره الى ضرورة تكافؤ الفرص فقد تحقق له ولهم ما كان تمناه وما كانوا تمنوه له من هذا التكافؤ وهذه المساواة لكنه لم يستفد منها شيئا يذكر كما راى واعتقد ذلك اغلب التونسيين واغلب التونسيات بعد نهاية هذه المناظرة بلحظات وبدقائق وبساعات فقد انقلبت عليه هذه المناظرة بخسارة واضحة فاضحة وبينت انه لا يصلح للرئاسة ولا لمنصب رئاسة الحكومة التي رشحها له انصاره بكل ثقة وبكل حماسة كما لا اظن ايضا ان الناخبين التونسيين مازالوا حائرين وغير عارفين لمن سيؤول منصب رئاسة التونسيين ومن سيدخل ويسكن قصر قرطاج بعد ان تابعوا المناظرة وعرفوا الحق الذي لا ينكره الا ذوو العناد وذوو التنطع والتذبذب والاعوجاج اللهم الا ان تحصل مفاجاة غير متوقعة وغير منتظرة تجعل عقلاء هذه البلاد موضع تهكم وموضع استهزاء وموضع مسخرة وتجعل غيرهم ممن هم دونهم في الشهائد العلمية الحقيقية من اهل علم ومن اهل المعرفة حتى لو كانت علومهم ومعارفهم مزيفة وخادعة ومزورة