يبدو و أن تركيا تحن إلى ماضيها التوسعي في ظل الامبراطورية العثمانية السابقة و تسعى جاهدة إلى تجسيد ذلك الماضي " المجيد " على حساب المنطقة العربية و ها هي المنطقة العربية مجددا تتم استباحتها و الاعتداء على سيادتها و النيل من حرمتها و نتحدث هنا على ما يحدث في شمال شرق سوريا من قبل الآلة العسكرية التركية بمساعدة ما يسمى بالجيش " الوطني " العميل الذي يقف مع الغزاة لاحتلال بلده لتكون الحصيلة الأولية لهذا الغزو التركي سقوط ما يزيد عن 200 ضحية و نزوح ما يفوق عن 100 ألف من السكان إلى أماكن أكثر أمانا و استقرارا فضلا عن الاعدامات الميدانية على الهوية لأبناء سوريا على يد العسكر التركي و الخونة "السوريين". بدون اعتبار ما يلحق هذا الشمال السوري من خراب و دمار. و بالتالي و مهما كانت التعلات و الأسباب و المبررات التي يسوقها المحتل التركي لتبرير اجتياحه للشمال السوري تحت يافطة القضاء على العنصر الكردي فكل هذا لا يبرر الاعتداء على الدولة السورية و استباحة أراضيها إلاّ إذا كان هذا الاجتياح و الاعتداء يخفي بين طياته أهدافا أكثر عمقا ممّا تسوقه إلينا تركيا الغازية و المحتلة لتبرير عملها العسكري باعتبار و أنّ المعضلة مع الأكراد ليست وليدة اليوم بل يزيد عمرها عن 4 عقود من الزمن، وبالتالي هذا الهدف الخفي في نظرنا يهدف إلىمحاولة قضم جزءا من شمال شرق سوريا و بالتالي تقسيمها و احداث دولة داعشية على هذه الأراضي السورية المقضومة و هنا تكمن خطورة ما تقوم به تركيا رغم كل التبريرات التي تقدمها للعالم بأنها تنوي فقط احداث منطقة عازلة توقيا من الهجومات الكردية على أراضيها و هذا التبرير هو واجهة فقط لإقناع الآخر و تبرير تحركها و احتلالها. و على هذا الأساس تحرّكت الجامعة العربية و شجبت و أدانت هذا العمل الهمجي و الاستعماري واعتبرته اعتداء على كل الدول العربية وحثت العالم العربي على الوقوف إلى جانب سوريا فضلا عن الموقف الأوروبي الرافض و المدين لهذا الاجتياح للأراضي السورية واعتبرته بمثابة المس من استقرار المنطقة العربية و طلبت من الأتراك الوقف الفوري لهذا الهجوم و الاعتداء. إلاّ أنّ السؤال الآن هل يكفي الشجب و التنديد و الشعارات من هنا و هنالك و الآلة العسكرية تدك المنطقة العربية دكّا؟. و نفس هذا السؤال يحلينا على سؤال أهم نسوقه للجامعة العربية و مفادها متى فعليا يتم تفعيل منظومة الدفاع العربي المشترك ضد أي جهة تعتدي ظلما على أي دولة من دولنا العربية و استباحة أراضيها؟ و لكن أيضا إلى متى ستظل المنطقة العربية ساحة تجارب لأسلحة المصانع الغربية؟ و إلى متى يكون الجسد العربي مختبرا لمدى نجاعة هذه الأسلحة؟ . أمّا بالعودة إلى الهدف الخفي و الأساسي لهذا الاجتياح التركي لآراضي سورية فهو كما أسلفنا محاولة قضم أراضي سورية و بالتالي تقسيم سوريا و اهداء شمال شرق سوريا إلى الدواعش على أساس بعث دولة جديدة لهم و للمتطرفين عموما لتزيد بذلك المنطقة اضطرابا على ما تشهده من اضطراب متواصل خاصة إذا ما علمنا و أن تركيا من الدول التي تساند " داعش " كدولة و عملت على دعمها رغم ادّعائها بمحاربة الارهاب بالمنطقة .و من هذا المنطلق على الدول العربية تحمّل مسؤولياتها كاملة تجاه هذه الأهداف الجهنمية التي تعمل تركيا على تجسيدها على أرض الواقع تحت يافطة حماية نفسها من الخطر الذي يمثله الأكراد على استقرارها . و هليه على الدول العربية و بدون استثناء تحمل مسؤولياتها لما ينتظر المنطقة العربية في ظل هذا التوجه التركي من مفاجآت غير سارة و بالتالي الأخذ بزمام الأمور في كل القضايا التي تهدد الوجود العربي برمته و بالتالي الابتعاد عن الترهات و الاهتمام بأمهات القضايا العربية و لعلّ أهمّا تجاوز الخلافات العربية/العربية و التصدي للأخطار الحقيقية التي ستواجه الجميع مستقبلا في ظل هذه التوجهات التركية الخطيرة على أساس استنباط خطط واقعية لمجابهة كل هذه الطوارئ و الزلازل التي أضحت تنهش الجسد العربي بمخالب متوحشة من كل حدب و صوب لتطمس كل أمل في استعادة مجده و يمرّ ذلك حتما في إعادة منظومة الدفاع العربي المشترك للعمل لإيقاف مثل هذه الاعتداءات من قبل أعداء الأمّة العربية خاصة و أنّها تزخر بكل المقومات في ذلك سواء البشرية أو العلمية أو المالية أو العتاد الحربي و إلاّ ستهيمن هذه القوى الاستعمارية على منطقتنا العربية و عندها لا عزاء للضعفاء و المتفرقين ..؟