لا استطيع ان اتجاوز وان امر مرور الكرام او اللئام وان اغفر لنفسي على مدى الأيام والأعوام اذا لم اكتب واذا لم اقل ما يجب علي ان اكتبه وان اقوله من كلام واجب مفيد في اخذ الدرس والعبرة من هزيمة نبيل القروي امام قيس سعيد بعد مرورهما الى التنافس في الدورة الثانية الفاصلة الحاسمة للانتخابات الرئاسية التونسية فانتصار قيس سعيد وهزيمة نبيل القروي سيسجلها تاريخ انتخابات التونسيين بل تاريخ الانتخابات في بلدان العالم اجمعين واول درس مستفاد والذي يجب ان يقف عنده اولو العقل واولو الرشاد ان التبرع بالمال واطعام الناس الخبز والكسكسي والمقرونة والطماطم الحية والطماطم المعجونة لا تكفي وحدها في التاثير على الناخبين و اقناع الناس ودفعهم الى اختيار شخصيات وبرامج سياسية غير مقنعة وغير مضمونة خاصة اذا سارع المتبرع والمتصدق بها في دعوة الناس الى انتخابه بصفة ملحة متكررة والى رفعه بين عشية وضحاها الى منصب رئيس الجمهورية وهو يعلم انهم يعلمون انه لا يملك من مؤهلات للنجاح في هذا المنصب غير بعض الوعود باطعام البطون وتقديم بعض التبرعات العينية النقدية كما يعلم انهم يعلمون انه لا يملك لسانا سليما خطيبا ولا عقلا علميا شاسعا خصيبا بل انه يجد صعوبة حتى في نطق و في قراءة بعض الكلمات وبعض الجمل الدارجة التونسية فضلا عن النطق والقراءة باللغة الفصحى العربية ولكانه اعجمي جاءنا من احدى البلدان الافرنجية وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال تلك العبارة الجميلة المختصرة(ان من البيان لسحرا) وقد صدق قبله عيسى المسيح روح الله عندما قال من وحي ربه الحكيم الرحمان (ليس بالخبز وحده يعيش الانسان) اما عن الدرس الثاني الذي يجب ان يتعلمه كل عاقل يعمل عقله ويشغل فكره فيمكن تلخيصه بذلك القول الحكيم (عاش من عرف قدره) فالعاقل اعلم من غيره بامكاناته وحدود طاقته وحقيقة نفسه وعليه يجب ان يفكر ويتدبر جيدا في اي مجال يمكن ان ينجح وان ينتصر وان يفلح قبل ان يسعى متسرعا الى مجال ما يمكن ان يفشل وان يخيب فيه وان يفضح فيه ضعف شخصيته وضحالة قدرة نفسه بلا شك ولا مراء اما عن الدرس الثالث المفيد الذي يجب ان يفهمه كل عاقل رشيد هو ان الرئاسة والزعامة الحقيقية والقيادة الناجحة لها مواصفات معلومة واضحة اولها ان يكون صاحبها متمتعا بموهبة خطابية ربانية وبقدرة عقلية علمية وببداهة طبيعية تمكن صاحبها من تجاوز المواقف المحرجة الفجئية وبكريزما او شخصية جذابة فطريا وتلقائيا دون تكلف او تصنع مفبرك او اصطناعي فاذا اجتمعت هذا الصفات وهذه الخصال في شخص ما فلا بد ان يذعن له منافسوه العقلاء وان يفسحوا له المجال لرئاستهم ولقيادتهم وان يعتبروه رحمة ونعمة من الله لاصلاح حياتهم وتحسين واقعهم وانني ارى ان رئيس تونس الجديد قيس سعيد من طينة هؤلاء الرؤساء بل هو يتجاوز ذلك الى طينة ومقام الزعماء الذين لم نعرف منهم بعد الاستقلال غير بورقيبة ثم لم يات بعده رئيس استطاع ان يجمع بين الرئاسة وبين الزعامة وان يؤثر في التونسيين اثرا قويا شديدا تاريخيا فعالا وانني ارى واتوقع واقول ان الرئيس الجديد قيس سعيد اذا سلم من كيد الأعداء ومن مكر ومن حقد الأغبياء فانه سيعيد للسياسة التونسية قيمتها وهيبتها وسيعيد للتونسيين مكانتهم وكرامتهم بين الشعوب وبين الامم جمعاء فالرجل بلا شك ذو ثقافة واسعة وذو افكار بناءة شجاعة شاسعة متكاملة وذو اخلاق رفيعة ساطعة تجعله يسمع ويفهم و يحترم الأصدقاء والأعداء على حد سواء واننا نشهد لننا لم نسمعه يدعو الى الفرقة والى التشتت والى العداء وهو ما لم نسمعه من خصومه السياسيين المنافسين الذين ما زال اغلبهم في خطواتهم الأولى السياسية ولكنهم بدؤوا باشعال نيران الفرقة والعداوة يمينا ويسارا بكرة وعشيا...اليس من اجل هذه الأسباب وغيرها انتخبه ملايين الناخبين الذين لم ينخدعوا بشعارات منافسيه من الكاذبين ومن المنافقين بل خذلوهم واذلوهم الخذلان والذل الواضح المبين اما عن الدرس الرابع الذي نختم به مؤقتا هذا الدروس التي افرزتها هذه الانتخابات الرئاسية في دورتيها فهي ان الشعب التونسي واغلبه طبعا من فئة الشباب جيل مواقع التواصل العصرية لم يعد غبيا هينا او كما يقول عامة تونسيين(حريبشة للبلعان) يمكن مخادعته بكلمات معسولة وبتقديم قفاف وكرادن الكسكسي والمقرونة بل اصبح على مستوى عال من الثقافة والذكاء تجعله يفرق بين موطن النور وموطن الظلماء وعلى مستوى كبير وقدرة على الانجاز والفعل قد تفاجئ وقد تذهل وقد تقضي عاجلا او اجلا على اهل الكذب واهل الدجل واهل الجهل الذي يحسبون ان كل بيضاء شحمة وان كل سوداء فحمة ولم يعلموا لفرط طمعهم وكثرةغبائهم وقلة ذكائهم ان هذا الجيل الجديد من الشباب قادر على قلب الموازين في كل لحظة وفي كل حين كما قلبها فجاة منذ تسع سنوات وحقق المستحيل وحقق المعجزات بعد ان ظن اكبر حزب سياسي عريق في ذلك الوقت انه قد امتلك وقد اكتسح هذه البلاد وانه يستطيع ان يفعل بها وبشعبها ما احب وما اراد فاتاه الله من حيث لا يحتسب وسلب منه الحكم وحرمه من السلطة تحت عاصفة من النقمة وتحت اعصار من الغضب وانهما لقريبان دائما من كل خائن ومن كل ظالم ومن كل مغتصب ومن كان في شك من هذه الحقيقة وما زال يعتبرها نوعا من الخيال ونوعا من المستحيل ونوعا من الكذب فليرجع وليسال عم قراه وفهمه ودرسه لطلبته الشباب هذا رئيس الجديد قيس سعيد وامن به وصدقه فنال به ما اراد ولا شك انه سيعين هذا الشباب المظلوم التائه اليوم على تحقيق ابرز اهدافه التي يريد وفي مقدمتها الكرامة والحرية والعدالة الشاملة في تقاسم الثروات القومية بصفة حقيقية واقعية وليس على الصفة التي خدعه بها الرؤساء والسياسيون السابقون والتي كانت في نظرهم وفي فلسفتهم وفي منطقهم وفي مخططاتهم وفي برامجهم مجرد ذر الرماد على العيون ولله في خلقه شؤون