كنا نشك في وصول قيس سعيد ذلك الاستاذ المختص في تدريس القانون الدستوري بالجامعة التونسية الذي لم يكن يتميز باي نشاط سياسي داخل المنظومة او خارجها عدى ما يقدمه من بعض المحاضرات الضيقة او التدخلات القليلة في وسائل الاعلام المحلية وفي نطاق اختصاصه. لكنه نجح وتفوق على كل المترشحين الآخرين الذين بلغ عددهم دونه 25 في الدورة الاولى بقي مع مترشح مسنود بقناة تلفزية خاصة وجمعية بر وإحسان ومساندة قوية مما يزعمون انهم صناع القرار في تونس. لقد تفوق على الجميع وتمت بيعته وانتخابه بنحو ثلاثة ارباع المصوتين الذين صير على عقولهم ونفوسهم بدون جاه او مال وقد يكون بصدقه ووداعته التي كانت بادية عليه في كلامه بالعربية الفصحى وعلاقته البسيطة مع الشباب الحائر الذي لم يجد له من يرشده ويدله على الحقيقة. ذلك الذي أدركته ولم تكن لي بالمعني بالحديث صلة او قرابة ولم اجتمع به على انفراد ولا مرة، ولكنني حضرت له لقاء انتضم بمؤسسة التميمي سنة 2011 لما جاء يشرح لنا المشروع الانتخابي الذي اعدته الهيئة العليا لحماية الثورة وقد انتقده جملة وتفصيلًا وخاصة طريقة الانتخاب على القائمة المغلقة واعتماد النسبية وأكبر البقايا. كان يومها واضحًا ومعارضًا لذلك الشكل الذي يتعذر به حصول اي حزب الى اغلبية مطلقة تخول له الحكم بالإضافة لعدم حقيقة وصفه بالمباشر. بهذا المدخل اريد التذكير بما جرى ايامها ولم يكن أحد ممن تداولوا على الحكم يعطي اهتماما بذلك الطرح وقد بتنا اخيرا ضحية لذلك المشروع الانتخابي وجاءنا بأناس لم تكن لهم صفة ولا تجربة او قدرة على العمل الموكول إليهم. أما وقد أصبح ذلك الاستاذ على راس المنظومة الحاكمة وله سلطة القرار والتقرير والقيام بالمبادرات الدستورية فقد رايته باب أسيرًا لمجلس نواب الشعب المنتخب بتلك الطريقة. لا اظنه سيخرج عن الدستور وهو معلمه ولكنني بت محتارا فيما سيفعل، وكتبت سابقًا مقالًا وعنونته؛ (على قدر الكساء امد رجلي…) وتوقعت بانه سوف يجد الحلول التي سوف لن تخرج عن الدستور الذي لم يعد يناسب تونس التي تخلصت من القيود التي وضعها المجلس التأسيسي في ظروف متشنجة غلبت فيها التجاذبات حول الهوية ومكان الضمير وهل هو مستتر ام ظاهر على غرار من يسال هل الملائكة ذكور ام إناث. كل ذلك لا ينسيني ما عنونت به هذه الدردشة وللتذكير بوجوب ترك المعني بالكلام على عادته لأني أشم أن البعض بات بدأ يبحث له عن مدخل بالمديح وبما ليس فيه. وهكذا نفسد طباع الحكام بالكذب والنفاق ثم نلومهم قبل ان نلوم أنفسنا من قبل.