المغامرة التي يتجرّأ العثماني الجديد " أردوغان " خوضها في ليبيا – الشقيقة و الجارة – لا يعنيه فيها شعبها كما يدعي لحمايتهم من جبروت حفتر و جيشه الوطني و لا تحرّك مشاعره المحرقة التي قد يتسبب فيها في كل مغربنا العربي الكبير و لا أيضا تهمّه شظايا النيران التي ستلحق بجزء من مشرقنا و تحديدا بالشقيقة الكبرى مصر و لا أيضا كلّ البلاد الأوروبية التي يريد أن يجعلها تحت " كاكلو " و إرادته و رضوانه عليهم خاصة في فصل البرد و الشتاء فبالنسبة إليه كل شيء بثمن. و الثمن هذه المرّة سيدفعه الجميع بما فيهم المرتزقة الذين سيبعث بهم إلى جهنّم الدنيا قبل جهنّم الآخرة. فهذا هو " أردوغان " و هذه هي أحلامه بل و حنينه إلى قطاع الطرق الأتراك الذين سبقوه و عربدوا قبله في البحر، من الماء إلى الماء، عبر التّاريخ. و حتّى نضع المشروع المستقبلي " لأردوغان " - أو لنقل مغامرته غير المحسوبة والتي لها مردودها و لكن لها أيضا حرائقها – في إطاره نقول و باختصار شديد أوّلا و أنّ " أردوغان " " مرامدي" و لا يتعظ أبدا من هزائمه و حلمه لتحقيق مشروعه بل هذا المشروع كبّل لديه حتّى ملكة التفكير السليم و أصبح مقامرا و مغامرا " و يلعب الكل في الكلّ " من أجل ذلك كلّفه ما كلّفه . هذا المشروع القديم الجديد و الذي حاول فرضه "أردوغان" - منذ أن طلع علينا هذا " الربيع العبري المشؤوم " - و المتمثل في أن يمر مسار الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا باعتبار و أنّ أوروبا هي الآن شبه رهينة للغاز الروسي و حسب ما خطط له " أردوغان " كان منذ البداية سيمرّ مسار الغاز عبر الأراضي السورية و لكن اصطدم بالموقف السوري المبدئي لذلك و من أجل إزاحة العقبة السورية استغل ما يعرف بالخريف العبري و حشّد ضد النظام السوري كل مجرمي و إرهابيي و صعاليك العالم لإزاحة هذه العقبة السورية الجدّية أمامه و الوضع السوري لا يخفى على أحد و ما خلّفه من مآسي كبيرة و خراب و موت و تهجير و لكن فهم النظام السوري مطامع هذا العثماني الجديد فتكسّر على صخرته و فشل مشروعه الحلم. و لكن " أردوغان " فصيلة دمه " مرامدي " بامتياز و انتهازي و مصاص دماء محترف و لا يهتم ما قد ينجرّ عن مثل مغامراته بقدر ما يهمه ما ينتظره من أرباح و مردود من وراء انجاز مدّ مسار الغاز كما ذكرنا من شرق المتوسط إلى أوروبا عبر خط مسار الغاز هذا لذلك و بعد هزيمته و منعه لتحقيق انجازه عبر سوريا رغم مرور 8 سنوات على كل محاولاته انتقل بمشروعه إلى ليبيا مستغلا الوضع الكارثي بليبيا و قد جنّد إلى ذلك المرتزقة كما فعل ذلك مع سوريا تحت يافطة حماية الليبيين من استبداد حفتر و الغريب في الأمر و أنّ الكل يتحدث عن الأزمة الليبية و ما يدور في رحاها من حرب بأتم معنى الكلمة و تشارك فيها أطراف في العلن و أخرى من وراء الستار و تحاول أطراف أخرى الالتحاق بركب هذه الحرب دفاعا عن مصالحها.إلاّ أنّه و للأسف الشديد كل هذا الذي يجري قرب بيتنا و خيمتنا تونس لم تحرك ساكن مسؤولينا لا أصوات المدافع المزنجرة و لا أزيز الطائرات المقنبلة و لا رائحة الموت التي تزكم أنوفنا و لا دقّ طبول الحرب من هنا و هنالك، في حين و أنّ هذا المشروع - الذي حاول الكيان الصهيوني قبل الأردوغاني تبنيه عبر قبرص باء بالفشل - لم يحرّك فينا نحن التونسيون شيئا و كأنّ " العرس " لا يعنينا ما دام في بيت جارنا في حين و أنّ المسار المنطقي لهذا الغاز من شرق المتوسط إلى أوروبا حتما عليه أن يمرّ عبر تونس انطلاقا من الشقيقة الكبرى مصر باعتبار للضمانات الفنيّة لنجاح هذا المشروع أوّلا و ثانيا لاعتبارات سياسية لضمان تدفق مادة الغاز و البترول إلى كامل أوروبا بدون مشاكل طارئة و لكن تبدو و أنّ "تركيا أردوغان" أفطن منا و واعية كل الوعي بما ستجنيه من هذا الانجاز لو تمّ لفائدتها و كما تريده و ترضاه رغم بعدها جغرافيا عن المنطقة و تضع كل طاقاتها العسكرية و المالية لتحقيق ذلك و لو بقوّة السلاح على حساب الدولة الليبية و شعبيها و هنا نختم بالسؤال، لماذا " أردوغان " " فكّ يد الحزازة " تحت يافطة حماية حكومة السرّاج ؟ هل فعلا ذاك هو الهدف الأصلي لمغامرته الجديدة بليبيا بعد فشله في سوريا؟ أم يريد لتركيا أن تصبح رقما هاما لدى أوروبا و العالم و تصبح المتحكم في مسار الغاز و البترول لقارة أوروبا؟ و ما يعنيه أيضا ذلك من أرباح طائلة لتركيا؟ و السؤال الأهم إلى متى تبقى تونس على هامش هذه الأحداث و الأمر يهمها قبل أي بلد آخر و خاصة تركيا؟ لماذا لا نصبح نحن هذا الرقم الصعب في العالم و نصبح لبنة من البناء العالمي بعيدا عن تقمص دور الضعيف و المستجدي لقوت شعبه من بقية العالم عبر الديون و تراكمها على كاهل البلاد و العباد؟ لماذا نرضى لتونس أن تكون تابعة و لا فاعلة خاصة إذا ما علمنا و أنّ البلاد العربية تتحكم في 42 بالمئة من الانتاج العالمي للبترول و الغاز؟ و لماذا نبقى " فرايجية " و نحن أولى من تركيا بهذا الحق؟ هل مقدورنا أن نظل في الأسفل؟ كلّ هذه الأسئلة نرفعها إلى سيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد و إلى كل مسؤول غيور على تونس رغم كثرة الخونة في عصرنا هذا؟ فهل من تحرّك جدّي في هذا الملف؟ نسأل و لا نيأس من الجواب؟؟؟