ربما يستغرب البعض الإتفاقية التي وقّع عليها اخوان ليبيا التي كان الهدف منها تسليم ليبيا مجددا الى الوصاية العثمانية .لكن الشيء من مأتاه لا يستغرب، فالإستهتار بالوطن شيمة التنظيم الإخواني بمختلف فروعه، فمجرد مصطلح الوطنية يعتبرونه من مفردات "الفكر اليساري والعلماني".ومرشد الإخوان محمد بديع منذ 7 سنوات:قال "ما الوطن إلا حفنة من ترابٍ عفنٍ" وهذه المقولة أصيلة لدى التنظيم الإخواني ، فهي تنسب الى رأس التكفير سيد قطب الذي لعب دورا كارثيّا بالتشويش على مشروع عبد الناصر القومي النهضوي الوحدي .ففي سنة 54 تواطأ سيد قطب في محاولة اغتيال عبد الناصر فزُج به في السجن الذي قضى "به " قرابة 10سنوات.. ولو نعود الى الترتيب الزمني سنجد أن تلك المحاولة الغادرة تزامنت مع إتفاق عبد الناصر بمد ثوار الجزائر بالسلاح ذلك السلاح الذي لولاه ما تحرر أي قطر!.. والإخوان في سنة 56 إثر تأميم قناة السويس أيّدوا العدوان الثلاثي الذي وجدوا فيه فرصة سانحة لتنصيب المخلوع محمد نجيب المتواطئ معهم . وقد تفاوضوا حينها وتخابروا مع الغزاة البريطانيين!.. والسيد قطب رغم أنه قضى معظم السنوات العشر تحت الرعاية بالمسشفيات (بدليل انه كتب ابرز مؤلفاته ومنها كتابه التكفيري -معالم في الطريق- في "السجن" وكانت المصادر التي يحتاجها تأتيه تحت انظار الأمن الذي كان يسمح بها!..) هو لم يتورع ولم يتوقف بل تزايدت دعوته التكفيرية والإصرار على قلب الحكم الناصري معتمدا على السفسطة والدمغجة واستثمار العاطفة الدينية للشر حتى تكاثر افراد التنظيم الذي يقال أنه فاق المليون بالقاهرة وحدها .فكان من بين آخر " تكتيكاته" هي النسف بالديناميت لمنجزات حيوية جدا ومنها القناطر المائية ( يسمونها بمصر "الخيرية" وهي عبارة على سدود محلية ) ولو تهدمت لغرقت منطقة الدلتا بأكملها ناهيك عن توقف الكهرباء! وفي هذا يقول المرافق المباشر لتنفيذ اعدام السيد قطب اللواء فؤاد علام : سمعته يقول: خسارة! القناطر لم يتم نسفها!... وطبعا عبد الناصر كان سيوقف التنفيذ لولا أن الثلاثة المحكومين كانوا مشمولين سابقا بالعفو في قضية محاولة اغتياله السابقة بمنشية البكري التي ذكرنا!... والمهم هنا هو أن سيد قطب اعتمد وإستقوى في هذه "الثورة الشعبية" على دولة غير دولته ! فالسعودية كانت حينها في عداوة مع عبد الناصر بسبب تقاربه مع المعسكر الشرقي وأيضا حرب اليمن.. أما في سنة 67 فقد هلّلوا للنكسة واعتبروها "نصرٌ من الله " رغم عدد الشهداء من الجيش الذي فاق10آلاف ! وحتى الكيان الصهيوني كان الإرهابيون منذ سنوات يتعالجون بمستشفياته وكان نتنياهو نفسه يزورهم بالمستشفيات خلال "جهادهم" ضد سوريا التي دمّروها وشردوا نصف شعبها بالداخل والخارج..ورغم هذا لم نسمع بأي إدانة لهم من طرف أنصارهم الإخوانيين (بل بالعكس مباركة تامة)... والإخوان لولا حلف الناتو ما كان لهم أن يسقطوا القذافي .وحين كان الحلف يلقي حمم روثه من السماء كانوا هم كربّاتِ الحجالِ المزغردات : تكبير! ..تكبير! .. وحين كنا ندين ذلك كان إخوان تونس( ومعهم المرزوقي وشلّته الثورجية) يتحاملون علينا ،ووصل النزاع بيننا احيانا الى العراك ويتحاملون حتى بخطب المساجد ..أما بليبيا فقد شبه بعضهم حلف الناتو ب"حلف الفضول" و"الطير الأبابيل"!!.. هذا ناهيك عن التحريض ( راجع الفيديو : القرضاوي اقتلوا القذافي ودمه في رقبتي)..,لقد استمر قصف الناتو ازيد من 7 أشهر فقتل ما يزيد عن 30 ألف من جيش ليبيا العربي المسلم،ناهيك عن المدنيين!! أما دمار البنية التحتية فقد فاق 200مليار دولار( مبلغٌ فلكيٌ يفوق ميزانية تونس طيلة 13 سنة كاملة..ويفوق مجموع الدين الخارجي لعرب شمال افريقيا مصر و تونسوالجزائر والمغرب وموريتانيا وهو بالترتيب: 95+30+5+50+5=185 )..والآن ،وبعد 8 سنوات كاملة من الفوضى والإقتتال، فالخراب زاد اكثر ويفوق الحصر في المال وفي الأرواح والمنكوبين والمهجّرين. وصارت ليبيا البلد المسلم لعبة بيد الوساطات الدولية وآخرها ما يسمى "مؤتمر برلين"! الحل الوحيد لليبيا هو الجيش!إن كل من لا يدعم المشير فهو خائن لوطنه ولنفسه.فالجيوش هي روح الوطن وهي آخر حشاشة تبقى منه.ففي كل العصور كان الشعار دائما هو "كل شيء للوطن كل شيء للجيوش" فالتاريخ يذكر أن نساء قرطاج زمن الحروب البونيقية ضد روما قطّعن شعورهن وقدّمنه للجيش لإستعماله كحبالٍ!! أما المتخوفون من الجيش فعليهم أن يعلموا أن الديمقراطيات المزعومة إنما هي استهتار وميوعة وضياع لوحدة الإرادة الوطنية ( انظر ايضا مقالي بالصريح: الإنتخابات أُمّ النكبات) لأنه من المستحيل اصلاح بلداننا العربية بميوعة الديمقراطية الغربية وصراعاتها الحزبية، وتونس أكبر مثال حيث صار اليوم أغلب الشعب ينتظر بفارغ الصبر " البيان رقم 1" وهذه الكلمة قالها أحد النواب منذ سنتين.بل حتى عبد الفتاح مورو في لحظة صدق نادرة كان قد قال قبله عن تخبّط تونس " إنني دائما أتساءل تونس الى أين؟؟؟"... ختاما، وللتذكير بمتاهة سراب الديمقراطية الليبرالية المزعومة يكفي أن نذكّر بأن الفرقاء الحزبيين عندنا لم يتوصلوا منذ 4 اشهر كاملة حتى الى مجرد تشكيل حكومة..وحتى لو شكلوها فمن المستحيل ان تنجح، وهذا ليس من باب التشاؤم، فبعد فشل حكومة 2014 التي قادها حزب النداء الذي له 86 مقعدا (حتى قال الباجي مفاخرا بحزبه " لنا من الخبراء ما يسيّر 4 دول!" ) أضف الى هذا وقع حينها وفاقٌ نادرٌ بين حزب النداء والنهضة ( كان لها 69 مقعدا) ثم بعد سنة تدعمت الحكومة أكثر بوثيقة قرطاج ( أي حكومة وحدة وطنية) ومعها المنظمات الكبرى كإتحاد الشغل ومنظمة الأعراف...ورغم كل هذا "الوفاق والدعم والوحدة الوطنية "فشلت الحكومة فشلا كبيرا حيث زادت ازمة البلاد على كل المستويات.!.. إن الجيش هو روح البلاد، فلولا الجيش لسقطت تونس بعد هروب بن علي وكذلك جيش الجزائر هو الذي حمى الجزائر خلال العشرية الدامية وأيضا الجيش المصري والسوداني الآن... ولذا ننصح الإخوة الليبيين بدعم الجيش دون الوقوع في مغالطات إخوانية شيطانية ومنهم الذين يزعمون كذبا وبهتانا بالإيمان ب "الديمقراطية" فيقولون عن المشير " إنه يريد تكرار حكم القذافي"! إنها كذبة عارية لا يصدقها إلا التافه والأبله، فالمشير سنه متقدمة لا تسمح بتكرار حكم الشهيد القذافي الذي مسك الحكم في سن 27.