ما ان اعلنت منظمة الصحة العالمية عن تنظيم حملة رسمية لجمع ما يقارب وما يناهز الستمائة وخمسة وسبعين مليون دولار لاعانة البلدان التي انتشر فيها فيروس كورونا الذي حير و اخاف و ارهب الكبار والصغار حتى سارع الملياردار المشهور بيل غيتس قبل غيره من الناس الى اعرابه عن عزمه التبرع بمائة مليون دولار اي ما يقارب سدس هذا المبلغ وهذا المقدار... اما اخوكم كاتب هذه السطور والفقير الى ربه تعالى الغني العزيز الغفور فقد تمنى لو ان مليادارا من اصحاب مليارات المسلمين يقرا القران بفهم وتدبر وتفكير قد سبق بيل غيتس الى الاعلان عن مثل هذا التبرع المحترم الكبير مستجيبا لقوله تعالى الذي يقراه ويتلوه المسلمون بكرة واصيلا والذي يحث ويشجع فيه على المسارعة الى حياء النفس البشرية(ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا) لكن يبدو ان المسلمين اليوم وخاصة منهم الأغنياء والموسرون يقولون ما لا يفعلون ويتلون ما لا يفهمون ولا يتدبرون فليت خطباء الجمعة غدا يذكرون المسلمين من اعلى المنابر الجمعية بتقاعسهم في المنافسة على فعل الصالحات واعانة الناس على ما يفيدهم في هذه الحياة الدنيوية وخاصة في مقاومة الأوبئة والأمراض التي تهدد وتفتك بالبشرية من حين الى حين وخاصة اذا باغتتهم وجدتهم عن مقاومتها عاجزين ومتقاعسين وغير متحمسين واذا وجدت ايضا الأغنياء فيهم لا يهتمون ولا يفكرون ولا يجتهدون في وضع حد لالام واوجاع وماسي المصابين و المنكوبين اوليس حفظ الحياة البشرية مقصدا من مقاصد الشريعة الاسلامية التي جاء بها الرسل منذ زمان لاسعاد البشرية بجلب ما ينفع ودفع ما يضر بقدر الطاقة وبقدر الامكان؟ وانني لا اجد في خاتمة هذا المقال وهذه السطور الا ان اذكر اصحاب المليارت من المسلمين الذين سبقهم مع الأسف بيل غيتس بضخ مقدار عظيم من الأموال في سبيل تحقيق مقصد عظيم بل من اعظم مقاصد الاسلام وهم مازالوا غافلين بل نياما او شبه نيام قلت لا اجد في النهاية وفي الختام افضل من ذكر ما قاله الشيخ الطاهر بن عاشور في كتابه المفيد للامة المحمدية بل لجميع الانسانية (مقاصد الشريعة الاسلامية) يقول الشيخ رحمه الله الريم الغفور(...معنى حفظ النفوس حفظ الارواح من التلف افرادا وعموما...وليس المراد حفظها بالقصاص كما مثل بها الفقهاء بل نجد القصاص هو اضعف انواع حفظ النفوس لانه تدارك بعد الفوات بل الحفظ اهمه حفظها عن التلف قبل وقوعه مثل مقاومة الأمراض السارية...) فهل نقول ونحن صادقون بصفة شافية كافية ان الملياردار بيل غيتس قد فهم وقد عمل بما جاء في معانى وفي روح القران وبمقصد حفظ النفوس افضل من ملايين المسلمين الأغنياء الذين بلغت اموالهم او فاقت المليار والذين يقولون ويزعمون انهم يتلون القران وينظرون في معانيه وفي مقاصده أناء الليل وأطراف النهار وانهم يرجون بذلك دخول الجنة التي حرمها الله على الغافلين و المتقاعسين الذين لا يبتغون باموالهم اعانة المنكوبين والمصابين وحفظ حياتهم وصيانة ارواحهم مما يهددها من الأوبئة والفيروسات والميكروبات وغيرها من الأخطار والمضار؟