سروال عبد الرحمان هو عنوان نصّ كان مدرجا في كتاب القراءة في سنة من سنوات التعليم الابتدائي وهذا الكتاب من إعداد "أحمد صفر" متفقّد التعلم الإبتدائي ونصّ سروال عبد الرحمان مثل أغلب نصوص هذا الكتاب يمتاز بمتانة اللغة مع سهولتها أي السهل الممتنع وخاصة المواضيع التي تجلب اهتمام الأطفال أو اليافعين حيث أنّ فحوى هذه النصوص يحيل على جملة من عبر وقيم ذلك الزمن و قد اختار الكاتب هذه النصوص خاصة لطرافتها حيث تشجّع الأطفال على قراءتها وحتّى التندّر بها لما تحتويه من ظُرْف وفكاهة وبذلك يرسّخ في أذهانهم اللغة العربيّة الصحيحة أوّلا وهو الهدف الأوّل من القراءة ثمّ جملة العبر والقيم التي تساعد الأطفال في حياتهم وتعدّهم ليكونوا مواطنين يعتمد عليهم في المستقبل. ومثل هذه النصوص كثيرة خاصة في مجموعة كتب القراءة التي أعدّها المتفقّد أحمد صفر لكلّ مستويات التعليم الابتدائي وقد بقّي من هذه النصوص في ذاكرتي نصّ "الصياد و العِقْعَقِ الأعور" وجنديّ الرصاص" و"الحلّاق الثرثار" الذي ضرب أُمَّ رأس الزبون ليُحَدِّد أين ضرب اليابان الروس في الحرب فنهض الزبون مهرولا ومولولا يلعن السياسة والسياسيّن الروس واليابانييّن والناس أجمعين.." ومنها سروال عبد الرحمان وتتمثّل قصّته في أنّ الطفل عبد الرحمان اشترى سروالا وعندما قاسه وجده طويلا فطلب من أمّه أن تنقص من طوله لكنها نسيتْ وصادف أن نهضت في الليل ووجدتْ السروال كما وضعته على الكرسي في بيت الجلوس وأنقصتْ من السروال لأنّ ابنها سيذهب به غدا للمدرسة وتركته على نفس الكرسي ثمّ إنّ أخته نهضت في الليل ووجدت السروال ما زال على الكرسيّ فظنّتْ أنّ أمّها نسيتْ أن تنقص فيه فقامتْ هي بالعمليّة وأنقصت ثانية من سروال أخيها عبد الرحمان وعندما نهض هذا الأخير في الصباح اتّجه مباشرة لسرواله الجديد ولعلّه بات ليلته يحلم بارتدائه وعندما لبسه كانت المفاجأة إذ وجد طوله فوق ركبته بعد أن كان هذا الطول يتجاوز كَعْبَهُ.هذه القصّة فيها كثير العبر منها الحرص على القيام بالواجب وحيرة الأمّ والأخت تجاه ما طلبه هذا الطفل... نرجع الآن للمكلّف بالحكومة فالرجل قال أنّ له حزام برلماني يفوق الثلثين وأنّ هذا الحزام هو" أطول"ما عرفته الحكومات السابقة لكن مباشرة بعد تصريحه هذا جاءت حركة النهضة "لتقصّر" في هذا الحزام وبذلك ضاق الحزام على حامله إذ عبّرتْ عن أنّها غير معنيّة بهذا الحزام وأنّها سوف لن تصوّتَ على الحكومة المنتظرة إلّا بتوفّر شرطها وهو وجود قلب تونس في الحكومة ثمّ إن "الفخفاخ" إن هو قبل بشرط النهضة فهذاسوف لن يرضيّ أطراف أخرى من التي يعوّل عليها الفخفاخ إذ من المحتمل -إن تراجع الفخفاخ عن موقفه الذي أكّد هو و فريقه في العديد من المناسيات جازمين أن لا تراجع عنه- ستعمد هذه الأطراف –ومنها التيار والشعب- لمزيد تضيّق الحزام البرلماني على الفخفاخ وبذلك سيخرج علينا الفخفاخ بحزام هو شبيه بسروال عبد الرحمان فهل سيذهب للبرلمان بهذا الحزام الشديد الضييق كما ذهب عبد الرحمان بسرواله الشديد القصر للمدرسة وإن نحن لا نعرف ماذا وقع لعبد الرحمان مع أترابه في المدرسة فإنّ ما سيتعرّض له الفخفاخ في البرلمان لا يختلف فيه اثنان فإمّا اسقاط حكومته أو وهذا الأقرب لأنّ للنواب حساباتهم وليست من ضمن هذه الحسابات الذهاب لحلّ البرلمان والتفريط في الخبيزة التي منّى بها عليهم الناخب بعد جملة من المغالطات التي سوف لن تنطليّ عليه مرّة ثانيّة أو أن تمرّ هذه الحكومة بحزام برلمان لا يضمن لها ما تدّعيه من ربح للوقت لإنقاذ البلاد هذا إذا لم يُعَجَّلْ بسقوطها ونكون بذلك قد خسرنا مزيدا من الوقت وزدنا في إغراق البلاد حتّى نوصلها إلى ما حذّر منه كلّ خبراء الاقتصاد. على أنّ الخبير بالمساومات الرائجة اليوم في تشكيل الحكومات لا يغيب عنه أنّ لقاء الغنوشي والفخفاخ وقلب تونس ليس هو الحلّ النهائي لأزمة تكوين هذه الحكومة لأنّ الأهمّ والذي لا تنازل عنه هو ما أخّره الفخفاخ متعمّدا وهو تشكيل الحكومة فلا قبول بتمرير الحكومة من مختلف الحساسيات إلّا بمقدار نصيبها من كعكة الحكم وسقف النصيب الذي ستطالب به الأحزاب سوف يرتفع لأنّه بَانَ لهم أنّ الفخفاخ لم يكن له موقفا جادا عندما ادّعى من أوّل يوم تكليفه أن لا يتفاوض مع قلب تونس وهاهو بضغط من النهضة يتفاوض معه وقد يمنحه وزارات بطريقة ما وقياسا على هذا الموقف فكل شيء ممكن معالفخفاخ وما يرفضه اليوم قد يقبله غدا بالتضيّق والضغط عليه وهذا ليس صعب على الأحزاب بل هو من صميم اختصاصهم وإنّ غدا لناظره قريب...