لنوصل الخصام الفارغ والتنافس على المقاعد الوزارية ، واستعمال الآلات الحاسبة جمعا وطرحا لمعرفة إذا ما كانت حكومة إلياس الفخفاخ ستمر أو لا تمر، وما إذا كان ينبغي أن تكون حكومة وحدة وطنية أو تكون حكومة إقصاء لطرف أو لآخر ، والخطر المحدق يهدد بلادنا ويهدد مصالحها الحيوية. الرئيس رئيسنا في لا هو في العسل ولا هو في السمن ، بين قصر قرطاج و"قصر" المنيهلة ، وحكومة تصريف الأعمال في تلاسن حاد مع اتحاد الشغل، وحكومة التشكيل غير جاهزة ولا يبدو أنها ستجهز والغالب على الظن أن الثقة ستحتجب عنها. وفي نفس الوقت، الماريشال حفتر يطل على حدودنا الشرقية، بكل ما يعنيه ذلك من احتمالات ليست الأفضل بعد أن وضعت تونس كل بيضها كما يقول المثل الانقليزي في سلة السراج، الذي ما عاد يسيطر أو ما عادت تسيطر ميليشياته الإسلاموية الارهابية ، إلا على 10 إلى 15 في المائة من التراب الليبي، وعلى جزء صغير من مدينة طرابلس un réduit ، تقول كل الجهات المطلعة إنه ينتقل بينها وبين بارجة راسية في عرض البحر يتخذها مركزا لقيادته، فيما أخذت تنضب بين يديه أموال البنك المركزي الليبي نتيجة ، لقرار غالب القبائل المنضمة لقيادة حفتر، وقف ضخ البترول الذي كان يمول آلته الحربية بين يدي الميليشيات والمرتزقة السوريين الذين أوفدتهم تركيا في تناقض تام مع قرارات مؤتمر برلين الأخير . لكن الأخطر من ذلك ليس إطلال حفتر على حدودنا الشرقية فقط "وهو يسالنا مغيرفة دقيق " على رأي مثلنا الشعبي، بل تجاهلنا الفاضح لتأثيرات الاتفاق بين السراج وأردوغان على اتفاقاتنا مع ليبيا، في شأن الجرف القاري ، الصادرة من محكمة العدل الدولية، والموثقة لدى الأممالمتحدة ، وما تبعها من ممارسات لصالح بلادنا مع النظام الليبي السابق، فتركيا بهذا الاتفاق أصبحت في حدودنا البحرية وصيادونا يعرفون تبعات ذلك، كما إن هذا الاتفاق إذ يشمل غرب حوض المتوسط فإن امتداداته وفقا للعارفين بقانون البحار يمتد إلى مسافات كبيرة بعيدا عن تركيا ، فيما إن الاتفاق التونسي الإيطالي على الحدود البحرية، الذي تم توقيعه عام 1970 بات مهددا تركيا ، بينما تتلكأ مالطا في تحديد الجرف القاري معنا مسنودة في ذلك بالاتحاد الأوروبي باعتبارها جزء منه ، وباعتبارها لم تعد تلك الدولة الصغيرة المسالمة، بل باتت تشكل بحكم انتمائها الأوروبي تتحدث معنا من موقع أعلى ، كما قال الأميرال كمال العكروت أحد كبار الاستراتجيين في تونس ، في محاضرة ألقاها قبل أسبوع على منبر ودادية خريجي المدرسة العليا للادارة ، تكشف أسرارا لا يعلمها العموم ، وجاء الوقت لكشفها والتحوط من تبعاتها الخطيرة . كل هذا في وقت ما زالت فيه بلادنا تعيش بلا حكومة بصلاحيات كاملة منذ ثمانية أشهر ، ورئيس حاضر غائب، وفي بلد يعيش غيبوبة مطلقة تشقه اختلافات وحتى صراعات لا معنى لها، وفي حالة لا وعي بما يجري حولنا، مغيبين عن المحافل الدولية المؤثرة رافضين حضور قمم دولية وإقليمية في أعلى مستويات اهتماماتنا الاستراتيجية، بينما الآخرون ينهشون ما يمكن وما لا يمكن نهشه. متى عودة الوعي ومتى قيام حكومة تجمع كل الأطياف، ولنذكر حكومة تشرشل عشية الحرب العالمية الثانية التي جمعت كل التناقضات ما دام الوطن في خطر، وحكومة غولدا مايير في إسرائيل عشية حرب الأيام الستة.