غيّبت الموت الكاتب والصحفي الفرنسي جان دانيال مؤسس صحيفة "لو نوفال ابرسرفاتور" عن سن يناهز 99 سنة، وقد ولد الراحل بتاريخ 21 جويلية 1920 بالبليدة بالجزائر اين زاول دراسته الثانوية واسمه الكامل جون دانيال بن سعيد وعرف بكتاباته المتعاطفة مع الجزائر إلى غاية الاستقلال وبعده. وقد عُرف جان دانيال بقربه من تونس الاستقلال ومن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة في خمسينات القرن الماضي إبان الحركة الوطنية فما سرّ الرسالة التي أراد الزعيم بورقيبة تبليغها لصديقه دانيال خلال زيارته له في إقامته الجبرية بالمنستير بعد عزله من قبل الرئيس الراحل بن علي؟ بعد أن أمر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بنقل الزعيم الحبيب بورقيبة إلى المنستير وحرمانه من الخروج والتنقل طلب بأن يلاقي صديقه الصحفي الفرنسي دانيال، في مقر إقامته فأُذِن له بذلك. وحَلَّ جون دانيال بمكان الإقامة في الوقت المحدّد حيث وجد في استقباله والي المنستير المكلف بحراسة بورقيبة، وأخذه الى الزعيم بورقيبة وحضر معه المقابلة، استغرق اللقاء عشرين دقيقة مقتصرا على تبادل الحديث حول مسائل بسيطة قبل أن ينتهي بإشارة من الوالي. وبينما كان بورقيبة يودّع ضيفه دَنا منه وذكر له همْسا عُنوانا لمكان ما يقع في شارع «استراباد» بباريس « rue de l'Estrapade». وما إن عاد جون دانيال إلى باريس حتى توجه إلى ذلك الشارع علَّه يكشف سِرّٓ الرسالة المشفرة التي أراد بورقيبة تبليغها، فلٓفٓتٓ انتاباهه وجودُ مكتبة تُعرض فيها بعضُ كتب التاريخ للبيع، وبادر صاحبها بالحديث، فعلم منه أنه لا يعرف عن بورقيبة أي شيء وأن لا علاقة له به، لا من قريب ولا من بعيد. ولما انصرف جان دانيال في سبيل حاله، استوقفته بنفس الشارع لوحة تمثل الشاعر والأديب الفرنسي الكبير فيكتور هوغو، كان أنجزها أحد الرسامين لما كان هوغو قيد المنفى في بيت في جزيرة غارنوساي التابعة للتاج البريطاني تحول في ما بعد الى متحف تخليدا لذكرى هذا الأديب الكبير ولأعماله، وأدرك جان دانيال حينذاك سِرَّ ما قاله له بورقيبة همسا وهو يودعه بعد انتهاء لقائه به في مكان إقامته بالمنستير: «إني سجينُ... لقد زُج بي في السجن على غير وجه حق، فها أني قد بلّغت، ورجائي أن يذاع ذلك بين الناس حتى يكونوا على بيّنة»...