توالت الايام وتدهور الى حد بعيد السلوك السياسي الرصين،وفقدت المصداقية اصولها منالذين تولوا العرش لقيادة الامة،وارقامتليها اخرى تدل على خيبة المسار، وقلة الاعتناء بالمشاكل المصيرية للبلاد حتى انعدد الوزراء اصبح مقياس الائتلاف، كل ذلك والحالة الاقتصادية والاجتماعية لا تنبا بخير،بكل المقاييس، سواء أكان مصدرها المعهد القومي للإحصاء،أو تقرير البنك المركزي الذي اتى ردا على اسئلة النواب،و قد حاولنا لفت الانتباه، ونبهنا للمخاطر من حكومة احزاب لا يمكن ان تجمعها قواسم مشتركة، لان غاياتها مختلفة، ولا احد يتنبأ ان الفريق المقترح وربعه يتمتع بجنسية ثانية،يمتاز أغلبهم بقلة التجربة السياسية، ومن بينهم من مارس الحكم وخاب في تأديته، فلنتذكر ان البلاد اديرت من طرف مناضلي احزاب ليس لهم الكفاءة المطلوبة لذلك، اذ لم يمارسوا من قبل تسيير دواليب الدولة، وما تطلبه من تضحيات جسام، ومن مثالية في السلوك، فازدهرت بحكمهم سياسة شعبوية حينية كان مآلها الفشل الذريع، ووقع طيلة سنوات ما بعد الثورة، غض الطرف عن السياسة الاقتصادية التي هي مرجع النمو، تشاد بها المدارس، وتنشأ بها المصانع، و تبنى بها المواني، وتقام بها السدود، وتخلق بها مواطن الشغل، وترجع الامل المفقود، وتتعزز بها المظلة الاجتماعية، وان المعركة في عالمنا الخاضع للأزمات المتكررة، التي تنجح فيها قلة قليلة من الدول في تخليص نفسها، كان من الضروري أن يكون تصميم في مواجهة الأحداث الاقتصادية المثيرة التي هزت البلاد بعد الثورة، بمثابة مدرسة،لان المعركة اصبحتمعركة مصالح ونفوذ ولم يواجه الوضع الا زعماء ضعفاء،ومترددون حكموا وما زالوا يحكمون، والواجب كان يدعواالى البحث بجدية عن الرجل المذهل الذي لديه الكثير ليقوله ويوضحه، مع فريق محدود العدد،يعرف كيفية إيجاد الحلولالملائمة، ومن المذهل والوضع على ما عليه،ان يتولى الحكم من خاب في ادائه،اعادوهم للسير بنفس المنهج، بدون تقييم لأدائهم، وتجربتهم اثبتت فشلها بجميع المقاييس، والبلاد تمر بأزمة خانقة اليوم، داخل حدودها وخارجها، يترقبها مصيرا مجهولا، وما تعطل تشكيل الحكومة الا دليل قاطع على ان ايادي خفية تكيد لتعطيل المسيرة، وترمي بتحركاتها المشبوهة، الى البحث عن المسؤولية، في اعلى هرم الدولة، لاجئين الى بث الخوف في النفوس، والشك في الطمأنينة، والحث على الضغائن، والصيد في الماء العكر، بتحريك النزعة الجهوية، التي لا فائد من ورائهاسوى تشتيت الامة، واضعاف ما وصلت اليه من تقدم وازدهار، عبر تاريخيها المجيد،فبمرور الزمن ها هم يجنون زرعهم، ويدفعون، رغم الخطاب الشعبوي التعبوي لمشاعر الناس، ثمن النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد، التي انتشر فيها الفساد، ونما فيها الاقتصاد الموازي، من جراء سياسة سيقع اتباعها من جديد "خلق المشكل وايجاد الحل"، ولمزيد معرفة الوضع ودقتهاقترحنا الحلول الناجعة،لكن لا حياة لمن تنادي، ولا احد يرحم تونس، و يقدر تاريخها، ولا يعمل على ايقاظها من سباتها العميق، تركوها وشانها في مهب الرياح، بعد ما استولوا على ثرواتها، وحاولوا تزييف تاريخها، والعبث بقرون ازدهارها، وكل من ناحية حقده، و من رغبة رد الاعتبار لأهله، وتناسوا ان "لمن سره زمن ساءته ازمان"، وهذه التشكيلة الجديدة المبوبة للحكم غزيرة العدد، تتصف بمعرفة سطحية للإدارةودواليبها، ولنا في سيرتهم الذاتية صورة غير واضحة لكفاءتهم،للإطراءبها، و الغريب أن من بينهم من جرب الحكم، وخاب فيه بجميع المقاييس، ويعود اليومبقوة الى المسرح عن طريق حزبه،لأنه من المقربين لمن له الحل والعقد، وسيواصل زرعه في تهديم الموجود، الذي ترك فيه بسماته، وكان من الاجدر المساءلة عن انجازه الماضي، لما كان في الحكم، وما تركه من دمار عند توليه ادارة الوزارة،لكن قاعدة اللعبة التي اختيرتترتكز على الغالب والمغلوب، وان كانت مشاركة الناخب لاتبعث على الاطمئنان، لرفضه القانون الانتخابي، وما نتج عنه من تعطيل للحياة الاقتصادية، التي تراكمت فيها جبال الديونبأنواعها،وفي من وقع عليهم الاختيارأيضا،من رفضه الناخب، و لم يصوت لفائدته،واخرجه من الباب لكن أعادوهم من الشباك،لما لهم من علاقات تكاد تكون عائلية مع حزب عرف بازدواجية اللغة، و عدم الصراحة بنواياه الحقيقية، يحاول جاهدا منذ توليه الحكم تركيز قانون المنافذ لأهله ومناظليه ان بلادنا اصبحت بلاد العجائب والغرائب، كل شيء فيها ممكن،تأتينا الاخبار من كل صوب،ان لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية صادقت على"مقترح القانون المتعلق بإسناد اعضاء مجلس نواب الشعب جوازات سفر ديبلوماسية مجانا من قبل الوزير المكلف بالشؤون الخارجية"فنواب الشعب ليس من اختصاصهم التمثيل الديبلوماسي، وجوازهم العادي كفيل بأداء مهمتهم على احسن وجه، ولا فائدة اذا في خلط الادوار ودستور البلاد بنواقصه هو المرجع في الحكم بين السلطات،ورئيس الجمهورية هو الكفيل ب "ضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والامن الوطني.."كما كشفت الصحافة ان "حكومة الفخفاخ، المكونة من 32 حقيبة وزارية، تضم وجود خمسة وزراء يحملون الجنسية الفرنسية، ووزير يحمل الجنسية البريطانية، إلى جانب جنسيتهم التونسية، وعلى رأس هؤلاء رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، الذي يحمل الجنسية الفرنسية ويرفض التخلي عنها"، والسؤال المطروح ما هو الداعي لاختيار هؤلاء، وهم اختاروا عن طواعية خدمة بلد آخر، وكان من الاخلاق التخلي عن الجنسية الثانية حتى انتهاء المهمة الوزارية، لان في ذلك دليل للمصداقية، وللشعور بالولاء لتونس لاغير أديرت البلاد من طرف مناضلي احزاب ليس لهم الكفاءة المطلوبة لذلك، اذ لم يمارسوا من قبل تسيير دواليب الدولة، وما تطلبه من تضحيات جسام، ومن مثالية في السلوك، فازدهرت حينئذ بحكمهم سياسة شعبوية حينية كان مآلها الفشل الذريع، ووقع ،طيلة سنوات ما بعد الثورة، غض الطرف عن السياسة الاقتصادية وغريب اليوم ان يتمادى بعضهم في السير بنفس المنهج، ويدافع بكل شراسة عن تجربة اثبتت فشلها بجميع المقاييس، والبلاد تمر بأزمة خانقة، داخل حدودها وخارجها، يترقبها مصيرا مجهولاو يمكن الخروج من المأزق بالرجوع الى ثلاثة مبادئ اساسيةوهي تحديد الاولويات، وتكريس كل الوسائل الممكنة لتسويتها، وآخرها تصور استراتيجية بمخطة لخمس سنوات كفيلة بإعادة الدورة الاقتصادية الى مسارها الطبيعي، تلك هي مجموعة من الافكار،مساهمة طرحناها للنقاش، لعلها تجد آذانا صاغية،لأننا نعتبر ان في نجاح حكومة الفخفاخ نجاح لتونس،التي قضينا عمرنا في الدفاع عن كيانها، و عن حرية التصرف في شؤونها، بدون جزاء ولا شكورا، ونحن دائما بالمرصاد، قادرون على المساهمة في بناء مستقبلها، والذود عن مكاسبها،نعمل كما اوصاه المرحوم محمد الصياح، طاب ثراه، على ان يشعر المواطن "بالأمان والحرّية، لقد تخلّص الشّعب التّونسي بشجاعة كبيرة خلال ثلاثة وعشرين يوما من دكتاتوريّة دامت ثلاث وعشرون عاما، ولا يمكن تغيير ثورة الحرية والكرامة الّا بالبناء والابتكار"،ذلك هو السبيل الواجب التفكير فيه،ولنقدّم بدورنا للفخفاخالمساعدة الّتي يحتاجها للنّجاح في مهمّته،ودعمنالهثابت،رغم اختلافنا معه في كيفية اختيار فريقه.