التقيا هو وهو مجنونان منذ الثورة التونسية رفيقهما الوحيد هو – الجنون - من شدة التعلق به حتى الادمان او حتى ادمان الجنون على جنونهما المعهود ، عرفا بسلمهما الغريب ...وكان يسمحا لنفسيهما بالمرور عبر الازقة والشوارع ويمران في كنف السلامة المرورية والانسانية الاجتماعية ....تراهما فلا تستطيع ان تفرق بينهما ولو حتى انك رسمت علامة لتفرق بينهما فانهما يزيلاها بحذق غريب او يرسم من لم يعرفها مثلها على موقع جسمه كما موقع توأمه ...خلال تجوالهما كل واحد منهما يطلع على احوال العالم ويناقشان اغوارها بكل دقة وتمحيص وامعان دون المساس بحرية الملاحظين او المتابعين على حد سواء بين المسالمين الاصحاء او المعتوهين او المجانين ...واليوم عند مروري بمجلسهما...بالسوق الاسبوعية المغلقة على قديمها الحركي اجتمعت معهما مع تشديد المحافظة على مسافة الامان العالمية التي ضبطها لنا ناموس كورونا المدمر ..وقبل ان افصح معهماعن مقصدي رايتهما في عمق استغرابي وهما يضحكان ملئ صمتهما الذي عوداني عليه ، ولما استفسرت عن صنيعهما بكل جنون وحزم واحترام وتقدير...اجابني الاول هامسا : ما فعله بعض العقلاء يبعث على الجنون والغرابة وفرض السؤال – كيف يجرؤ عاقل وسوي وعامل بكامل مداركه في سلك وظيفي ان يتحيل على اخذ ماهية مواطن محتاج الى حد قبعته وفقير وزوالي تكاد الخصاصة تبكي حاله شفقة واحساسا مرا بما يحيط به ...ويغتال ما كتب له وقدر له كاعانة اجتماعية ووطنية وانسانية ...وكيف يا ربي يحس بانسانيته اللاانسانية تحوم حول عودة الروح اليها في ظروف الضيق الكوروني والعطب الاجتماعي الماساوي ؟ كيف يمكن لهم الوقوف في نفس الطابور مع الكادحين المتعبين بانتظارت العون والاعانة الضئيلة من اجل غد التواصل الحياتي والكدح الدائم من اجل كسب لقمة العيش الرائق...لقد فعلوها دون وجل او خجل فما العمل ؟وفي اللحظة الحية المفعمة بالألم رفع المرافق الثاني اصبعه باحترام خجول وهمس متأسفا من الاسوياء الحكماء العقلاء :ماذا ترك هؤلاء لنا ولمثلنا وللفقراء المتعبين ؟ وماذا يكون رد فعلهم لو وقف المحتاجون في طابورهم للنيل ولو نزرا مما يتذوقون ؟ وقبل ان تسقط دموعي بينهما معا همست والاسف الاجتماعي يلفني حتى اقعدني عن الكلام والمشي :ما العمل اذا ...وقد خيبوا عندنا جميل الانتظار في زمن الازمات والاحتياجات والامانات وتقريب الاعانات من قلوبنا الرحيمة ؟فاخذ الكلمة الاول من مرافقيّ وهمس لي كانه يذكرني بحكايا القديم من تاريخنا الموعظي التاريخي :لو كان للعدالة ان تقام من جديد في مجتمع القرن 21 لامكن لمن فعل مثل هذا الخطا الفادح ان يجمّعوهم في ملعب او ساحة كبرى بحضور الجمهور المقهور ويلثّموا الفقراء او بعضهم حين حضور الجزاء الآفاقي ...فيمتطي الفقير او المحتاج ظهر صاحب الفعلة الاختطافية الابتزازية ...ملثّما او مقنّعا حتى لا يتعرف عليه الفاعل ولا يبرمج لا قدر الله ردة فعل انتقامية ويجري به مسافة 200 متر كاملة دون مضاربة او مغالطة على ان يمنحه في نهاية المسافة نفس القيمة التي جار عليها دون حق حفنة وعي من ابداع طرفة ابن العبد : و ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على المرء من وقع الحسام المهند فذرني و خلقي إنني لك شاكرٌ و لو حل بيتي نائياً عند ضرغد فلو شاء ربي كنت قيس بن خالدٍ و لو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد فأصبحت ذا مالٍ كثيٍر و زارني بنونٌ كرامٌ سادةٌ لمسود أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه خشاشٌ كرأس الحية المتوقد فآليت لا ينفك كشحي بطانةً لعضبٍ رقيقٍ الشفرتين مًهند حسامٌ إذا ما قمت منتصراً به كفى العوذ فيه البدء ليس بمعضد