اذا كان شهر رمضان افضل شهر بلا شك ولا ريب فان التمر يعتبر افضل فاكهة لدى امة العرب وقد كان له ذكر عظيم فيما جاءنا عنهم من الأحاديث ومن الكتب ولذلك ارتبط ذكر التمر والاقبال عليه بشهر رمضان ويكاد لا تخلو منه في هذه المناسبة الدينية كل مائدة وكل سفرة وكل خوان و ويكفيه شرفا وفضلا قبل ذلك وبعده ان ذكره الله في كتابه الكريم فقال فيه وهو الحكيم العليم(وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا)مريم 24 كما قال فيه ايضا قولا في غاية الحكمة والسداد( والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد)ق10/11 اما ذكر التمر في الأحاديث النبوية فهو كثير مشهور لدى الأمة الاسلامية منذ قديم العصور من ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم وقد علمه الله تعالى علما كثيرا عظيما(اطعموا نساءكم التمر فان من كان طعامها التمر خرج ولدها حليما) وقوله صلى الله عليه وسلم وقوله كله بركة وخير(من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر) اما حديث الصحابة عن فاكهة التمر فهو كثير بلا عد ولا حصر فهذا عمر بن الخطاب قد سال يوما رجلا من اهل الطائف(الحبلة افضل ام النخلة؟) (والحبلة هي شجرة العنب)فقال بل الحبلة استظل بظلها واصلح برمتي منها) ويعني بالبرمة انه يتخذ منها الخل الذي يصلح طعام القدر فقال عمر تابى ذلك الأنصار ولو حضرك رجل من اهل يثرب رد عليك قولك وكان الرجل من الطائف وهي معروفة بالعنب لذلك فضله على النخل وقول عمر تابى ذلك الأنصار الى اخ..لان الأنصار سكان المدينة وهي معروفة بالنخل ودخل ابو عمرة رضي الله عنه على عمر يوما فساله (الحبلة افضل ام النخلة) ؟ فاجابه( الزبيب ان اكله (بمد الهمزة)اضرس اي تتعب اسناني وان اتركه اغرث اي اجوع ليس كالصقر في رؤوس الرقل اي النخل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل طعام الصائم وتحفة الكبير وصمته الصغير وخرسة مريم عليها السلام وينضج ولا يعيي صاحبه ) وعن الأصمعي ان رجلا اسر(بتشديد السين) رجلين في الجاهلية فخيرهما بم يعشيهما؟ فاختار احدهم اللحم واختار الأخر التمر فعشاهما و القاهما في الفناء وذلك في شتاء شديد فاصبح صاحب اللحم خامدا جامدا واصبح صاحب التمر تتوقد عيناه وقيل ان اعرابيا راى دقيقا وتمرا فاشترى التمر وكان سعرهما واحدا فقيل له كيف وسعر الدقيق والتمر واحد؟ فاجاب ان في التمر ادمة وزيادة حلاوة اي ان التمر يجمع بين الادام والحلاوة فهو طعام كامل وفاكهة وعن الشعبي قال(كتب قيصر عظيم الروم الى عمربن الخطاب رضي الله عنه( ان رسلي اخبروني ان بارضك شجرة كالرجل القائم تفلق عن مثل اذان الحمر ثم يصير مثل اللؤلؤ ثم يعود كالزمرد الأخضر ثم يصير كالياقوت الاحمر والأصفر ثم يرطب فيكون كاطيب الفالوذج ثم يجف فيكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر فان كان رسلي صدقوني فهي الشجرة التي نبتت على مريم بنت عمران) فكتب اليه عمر( ان رسلك صدقوك وهي شجرة مريم فاتق الله ولا تتخذ عيسى الاها من دون الله)وقال الأصمعي حدثني شيخ عالم قال(اطيب التمر صيحانية مصلبة يعني ما يعرف بالبلح الصيحاني وهو ضرب من التمر اسود صلب المضغة نسبة الى صيحان وهو كبش كان يربط بالمدينة فاثمرت تمرا فنسب اليه والمصلبة اي البالغة حد اليبس ومن الشعر قول عبد الصمد بن المعذل يصف البلح وهي ارجوزة يقول العسكري فيها (ولا اعرف في النخل اجود منها) وقد قال فيها. كانه في باطن الافنان زمرد لاح على التيجان حتى اذا تم له شهران وانسدلت عثاكل القنوان كانها قضب من العقيان فصلن بالياقوت والمرجان من قانئ احمر ارجوان وفاقع اصفر كالنيران مثل الأكاليل على الغواني وانني ساكتفي بهذا القدر من هذا الموضوع لانني اعلم ان اغلب القراء سيقرؤون هذا المقال فيهرعون الى الأسواق بحثا عن شيء من هذا التمر جميل المنظر حلو المذاق ولكن نرجو ان لا يعود اغلبهم من الأسواق وقد اصابهم التعب والارهاق مرددين تلك الجملة الحزينة المؤلمة المريرة(العين بصيرة واليد قصيرة).