ان من اخطر الأمراض القلبية والنفسية ان يعجب المسلم بعبادته وما يصدر عنه من اعمال ويعتبر نفسه احسن وارفع وازكى الناس في كل ميدان وفي كل مجال وينسى قول الله تعالى الذي حذر ونبه فصدق(فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى) اي هو اعلم منكم بمن بر واطاع واخلص العمل وقيل في معنى الآية لا تنسبوا انفسكم الى زكاء الأعمال وزيادة الخير والطاعات وقيل ايضا لا تنسبوها الى الزكاة والطهارة من المعاصي ولا تثنوا عليها و أهضموها فقد علم الله الزكي منكم والتقي أولا و آخرا قبل ان يخرجكم من صلب ابيكم ادم وقبل ان تخرجوا من بطون امهاتكم ولله در ذلك الحكيم الذي قال قديما ففصل(ان العجب اخذ برجل فلان فزل) وقد زاد الإمام الشافعي فقال في فصيح نصيحته وصادق موعظته(من سامى بنفسه فوق ما يساوي رده الله تعالى الى قيمته) وسبب العجب وتزكية النفس ان المسلم يستصغر ما علم من ذنوبه وينسى الكثير منها وهذا (بشر بن الحارث ) يعرف العجب بانه (ان يستكثر المرء عمله ويستقل عمل غيره) اما المحدث المشهور (سفيان الثوري )فهو يقول لاولي الألباب والعقول(اعجابك بنفسك حتى يخيل اليك انك افضل من اخ لك وعسى ان لا تصيب من العمل مثل الذي يصيب ولعله ان يكون هو اورع منك عما حرم الله و أزكى منك عملا) اما عن (الفضل بن عياض) فهو يحذر من هذا العجب الذي يعتبر لدى العارفين بامراض وعلل القلوب والنفوس من اخطر الأمراض(اذا ظفر ابليس من ابن ادم باحدى ثلاث خصال قال لا اطلب غيرها(اعجابه بنفسه واستكثاره عمله ونسيان ذنوبه) ولعل افضل ما نختم به اليوم هذا المقال واحسن ما ننهي به هذا الكلام هو قول رسول الله عيسى عليه السلام(كم من سراج قد اطفاته الريح وكم من عبادة قد افسدها العجب) ولا نظن ان عاقلا من العقلاء يرضى ان يحيط به العجب فيجعله يتخبط في الظلام وهو يظن نفسه جهلا وغفلة وغرورا انه قد ادرك النور والضياء وبلغ الكمال والتمام.