النصيحة او النصح هو توجيه كلام الى الغير بنية ارادة الخير به او التعريف بوجه المصلحة مع خلوص النية للمنصوح وفي هذا المعنى يتنزل قوله تعالى على لسان نبيه ورسوله نوح عليه السلام (قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين ابلغكم رسالات ربي وانصح لكم واعلم من الله ما لا تعلمون)الأعراف60/61 وقد حث الرسول صلى الله عليه سلم على النصيحة فقال فيها جملة قصيرة فصيحة حكيمة مليحة(الدين النصيحة) وكان الحسن البصري رحمه الله ملحاحا في الحث عليها والدعوة اليها وجعلها واحدة من النعم فقال في ابلغ و اوجز وانفع الحكم(لم يبق من العيش الا ثلاث اخ لك تصيب من عشرته خيرا فان زغت عن الطريق قومك وكفاف من عيش ليس لاحد عليك فيه تبعة وصلاة في جمع تكفى سهوها وتستوجب اجرها) كما جعل الحسن البصري التقدم بالنصيحة خصلة ضرورية للمؤمن فهو (مرآة اخيه ان راى منه ما لا يعجبه سدده وقومه ووجهه واحاطه في السر والعلانية) فالعين تنظرما دنا وناى ولا ترى نفسها الا بمرآة والنصيحة عند الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز تعد من احسن الصلات بين المسلمين ومن اوكد واجباتها وتبعاتها اذ يقول ما يجب ان تقف عنده و تتبينه العقول(من وصل اخاه بنصيحة له في دينه ونظر له في صلاح دنياه فقد احسن صلته وادى واجب حقه) ومن هذا المنطلق كان هذا الخليفة يقول لمولاه مزاحم( ان الولاة جعلوا العيون على العوام وانا اجعلك عيني على نفسي فان سمعت مني كلمة تربا بي عنها او فعلا لا تحبه فعظني عنده وانهني عنه) اما عن الرجل العابد الزاهد ميمون بن مهران فانه قد قال لاصحابه يوما بصريح وفصيح اللسان(قولوا لي ما اكره في وجهي لان الرجل لا ينصح اخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره) اما عن الذين يغضبون ويتبرمون من النصيحة والناصحين الصادقين فاننا نذكرهم بقول رب العالمين على لسان رسوله صالح الصادق الأمين وهو اسف على ما اصاب قومه من العذاب المهين(فتولى عنهم وقال يا قوم لقد ابلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين)الأعراف78 فهل سنفهم حقا معنى هذا الكلام فنقول كما قال الامام الشافعي رضي الله عنه وهو من ابرز العلماء الأعلام(ما نصحت احدا فقبل مني الا هبته واعتقدت مودته ولا رد احد علي النصح الا سقط من عيني ورفضته)؟